ظروف معيشية أقل ما يقال عنها أنها كارثية في خضم تلك الظروف المزرية والأوضاع القاسية التي بمجرد أن تطلع عليها وتكتشف معاناة الغلابى والزوالية آخر ساعة بناء على استنجاد وصرخة السكان المحشورين في هذا التجمع السكاني الذي فرض عليهم تقاسم العيش داخل إقامة واحدة تنقلت إلى عين المكان وهناك توقفت على حجم ما يتخبطون فيه من معاناة وبؤس وحرمان،حيث يشترك ما يناهز الثلاثين فردا يشكلون عددا من العائلات مكاتب الشركة المتهالكة على امتداد مساحة تقدر بحوالي مائتي متر مربع أوزد عليها قليلا في غرف قريبة من بعضها البعض قسموها فيما بينهم بالأقمشة والأغطية وشيئا من الألواح والقصدير، مع الاشتراك في مدخل واحد ورواق وأبواب متقابلة ومرحاض وحيد كذلك وتصور لو أن عددا منهم حاصره مطلب الحاجة البيولوجية في وقت واحد كيف سيكون الحال،يقول أحدهم أن مجرد التفكير في هذا الأمر يولد في نفسه موتا وألما يعصر وجدانه كل يوم لأن الأمر لو تعلق برجال لهان لكن وأنه يرتبط كذلك بنسائهم وأزواجهم وبناتهم فتلك هي المصيبة،ناهيك عما يكتنف هذه الغرف من عيوب كتشققها وتسرب مياه الأمطار عبر أسقفها وغياب الكهرباء التي يتزودون بها من أحياء وسكنات قريبة عبر شبكة من الخطوط غير المهيأة فضلا عن نقص الماء وتلوث المحيط نتيجة انتشار القمامة والقاذورات التي تحاصرهم من كل جانب والتي أدت كلها الى انبعاث الروائح الكريهة وتكاثر الذباب والناموس والفئران والجرذان بما تسببه من أمراض وعلل ومخاطر عليهم وعلى صغارهم وغير ذلك من المشاكل والهموم التي أصبحت هاجسا حقيقيا لدى هؤلاء يطاردهم في النوم واليقظة في انتظار شمس استقلال وفجر تحرر يأبى في هذه الأيام وربما لأيام أخرى،أن يطل عليهم وينتشلهم من براثن الضياع ويخرجهم،على حد تعبيرهم،من مستنقع البؤس والحقرة التي مل الحياة في ظلها هؤلاء الضحايا الذين رحلوا سنة 2006 من مقر إقامتهم بحي هواري بومدين المعروف باسم لاصاص الى هذه المكاتب بعد أن تم برمجة الحي الأخير للتهديم آنذاك وقد تلقوا وعودا، بعد أن استماتوا يومها في رفض إخلاء سكناتهم التي كانت،على ما تشتكيه، أحسن بكثير من الملاجئ الحالية،بأن يستفيدوا من شقق بعد تشييد مشروع سكني بالمكان غير أن العقار تحول إلى مشروع مكتبة،الأمر الذي دعاهم إلى الاتصال بجهات عديدة ومناشدة جميع السلطات من بلدية ودائرة وولاية إلا أنه لاحياة لمن تنادي لتظل دار لقمان على حالها يعانون في صمت يتشبثون بخيط دقيق من الصبر الذي يكاد ينفذ و ياليت المعاناة توقفت عند هذا الحد بل ها هو هاجس آخر قد أطل برأسه يتهددهم بالطرد من المكان وهو أملاك الدولة التي تطالبهم بالرحيل عن ملكها ليزداد الوضع النفسي لهؤلاء ترديا وسوءا كيف لا وحياتهم أضحت مهددة بالرمي في الشارع ليبقى،رغم كل شيء،الأمل قائما في تحرك الجهات المسئولة في البلدية أو في غيرها باتجاه نجدة وإنقاذ هؤلاء المواطنين والأخذ بأيديهم إلى حيث بر الاستفادة من أيها سكن عائلي يلمون فيه شمل أبنائهم وأغراضهم وهم لم يفوتوا الفرصة في أن يقترحوا على المصالح القائمة على قطاع السكن أن تخصص لهم مساحة في البلدية يبنون فيها بيوتا لهم في إطار السكن الريفي ذي الصيغة السهلة والسريعة في البناء والتشييد والتكاليف على أن يكون ذلك في أقرب الآجال وذلك من شأنه أن ينهي آلامهم العسيرة ومعاناتهم الكبيرة. جامل عمر