تعرف الساحة السياسية في الوقت الراهن حالة من الاستياء بسبب تعطل تشكيل الحكومة من جهة وقرب موعد المحليات من جهة أخرى، حيث تشكل هذه الأخيرة فرصة كبيرة للأحزاب الصغيرة التي لم يكن لها الحظ في أن تحظى بمقاعد على مستوى الغرفة السفلى لاستدراك ما فاتها على مستوى البلديات والولايات، لا سيما وأن هذه الانتخابات تشد اهتمام كثير من المواطنين كونها ترتبط بيومياتهم وأن المسؤولين المحليين هم واجهة الدولة، ويضاف إلى ذلك احتدام المنافسة بالنظر إلى التزايد الكبير لعدد الأحزاب السياسية بعد قرار وزارة الداخلية القاضي باعتماد تشكيلات جديدة. منحت وزارة الداخلية التراخيص ل7 أحزاب سياسية جديدة استوفت الشروط القانونية بعقد مؤتمراتها التأسيسية. وجاء في بيان الداخلية أن القرار يتعلق بكل من الحركة الوطنية للعمال الجزائريين التي يرأسها حديدي سالم، وحزب التجديد والتنمية لصاحبه طيبي أسير، والوسيط السياسي للعروسي رويبات أحمد، وحزب الجيل الجديد الحر الذي بادر به توهامي عبد الغاني، وحزب الخط الأصيل تحت إشراف سلام عبد الرحمان، والاتحاد الوطني من أجل التنمية لغرابة محفوظ، والجبهة الجزائرية للتنمية والحرية والعدالة لمنسقه ينون الطيب. وتضاف هذه السلسلة الجديدة من الأحزاب الناشئة إلى قائمة طويلة من التشكيلات الحزبية القديمة منها والحديثة، إذ اعتمدت وزارة الداخلية قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة 18 حزبا في أعقاب الإصلاحات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية، في ظل الأحداث التي فرضتها تحولات ما عرف بالربيع العربي، ليبلغ بذلك تعداد الأحزاب الجزائرية 44 تشكيلة سياسية، وهي مرشحة اليوم ربما لتجاوز هذا السقف بكثير. وتطرح القضية إشكالات كبيرة في بعدها السياسي، وقد تؤدي إلى مزيد من الفرقة والتشرذم الذي يضعف من قوة الطبقة الحزبية وقدراتها التمثيلية، لا سيما في ظل القانون الانتخابي النسبي المعمول به حاليا. علما أن النسبة الإقصائية، وبخلاف الانتخابات البرلمانية، سترتفع في المحليات من 5٪ إلى 7٪، مما سيعمق تشتت أصوات الناخبين بين المرشحين وينقص من حظوظ الأحزاب الصغيرة التي سيكون من العصب لها أن تتجاوز عتبة 7 بالمائة. وفيما يتعلق بتسميات التشكيلات السياسية الجديدة، عبر بعض رؤساء الأحزاب عن استيائهم لتكرار سيناريو تشابه أسماء الأحزاب، حيث أكد الجيلالي سفيان رئيس حزب »جيل جديد«، أنه ينوي التوجه إلى العدالة إذا لم تتراجع وزارة الداخلية عن منح الترخيص لحزب »الجيل الجديد الحر«، وأوضح المتحدث أنه يستغرب عدم تراجع مصالح الداخلية على قرارها بهذا الشأن، رغم مراسلتها بشكل رسمي من طرف الحزب في شهر أفريل الماضي. وبالرغم من تخوفات الأحزاب الصغيرة بتكرار سيناريو التشريعيات في المحليات القادمة وعدم قدرتها على ضمان تمثيل محترم، إلا أن حزب عمار غول وما أحدثه قرار هذا الأخير من الانفصال عن حركة مجتمع السلم، يبقى حدثا سياسيا بارزا، حيث تدور حوله تساؤلات كثيرة عن كان سيتمكن من أن يجد له مكانه وسط الكبار، مع العلم أن مؤتمره التأسيسي سيعقد خلال الشهر المقبل استعدادا لخوض غمار المحليات التي سينافس فيها الأحزاب الصغيرة والكبيرة على حد سواء. وعن حالة الركود السياسي التي تعرفها البلاد، استنكرت كثير من الأحزاب الوضع القائم، موفي هذا الصدد أكد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسي تواتي ، أن الحل المثالي للوضع المتردي في الجزائر سياسيا واجتماعيا يكمن في حل البرلمان الحالي الذي قال إنه فاقد للشرعية وإجراء انتخابات مسبقة يتم على إثرها تعديل الدستور وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم مختلف التيارات السياسية. وقال تواتي إن الغموض يلف العديد من القضايا العالقة بسبب عدم وضوح الرؤية، موضحا أن عدم تشكيل الحكومة الجديدة حتى الآن من قبل الرئيس دليل على مدى الشلل السياسي الذي يكبل الساحة. كما رد المتحدث على تصريح وزير الداخلية بشأن ضرورة تكتل الأحزاب السياسية الصغيرة لتحقيق نسبة 7 بالمائة المطلوبة في المحليات بقوله »إنه على دحو ولد قابلية الاهتمام بأمور وزارته وترك شأن الأحزاب السياسية جانبًا وعدم إقحام نفسه في الحياة الحزبية التي لم يعشها يوما«. بدوره انتقد رئيس جبهة الجزائرالجديدة، جمال بن عبد السلام، الوضع السياسي الراهن، حيث قال »إن الجزائر تعيش دون سلطة بسبب غياب كلي للمسؤولين من أعلى هرم السلطة إلى أبسط مسؤول، متسائلا عن دور الوزراء والولاة ورؤساء البلديات وكذا قادة ومناضلي الأحزاب، فيما أكد أن ما يقع اليوم يؤكد أن الأغلبية التمثيلية هي أغلبية مغشوشة ووهمية«.