يفتتح اليوم البرلمان بغرفتيه دورته الخريفية وسط أجواء تطبعها حالة من الاحتقان الاجتماعي تشوبه ضبابية سياسية بسبب غياب أجندة واضحة لمشاريع القوانين، وحالة من الغموض يلف التعديل الحكومي المرتقب، وهو يضع نواب العهدة التشريعية السابعة أمام امتحان كسب رهانات تكريس الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، وصياغة تعديلات جوهرية على الدستور المتوقع إدراجه ضمن جدول أعمال الدورة. يباشر النواب الجدد اليوم مهامهم البرلمانية بشكل فعلي في إطار الدورة الخريفية التي تتجه أنظار المراقبين من خلالها إلى آداء البرلمان الجديد المنبثق عن تشريعيات ماي الماضي والتحديات المطروحة عليه، وسط رهانات كبيرة تنتظر المجلس الشعبي الوطني الجديد، وذلك بالنظر إلى تنوع التشكيلات السياسية واختلاف المرجعيات وتحولات حزبية سيكون لها أثرها –بحسب المراقبين- على الملفات التي سيناقشها المجلس الشعبي الوطني خلال هذه الدورة. ومن ضمن أولويات التشكيلة البرلمانية الجديدة تكريس الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من خلال مناقشة بعض لقوانين العضوية المتعلقة بقانون الإعلام الصادرة في البرلمان السابق وكذا القوانين التي تنظم سلطة الضبط في الصحافة المكتوبة والسمعي البصري التي ستكون في صلب جدول أعمال هذه الدورة. التي من المتوقع أن يتضمن لمصادقة على مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة بعد الضجة التي أحدث وسط أصحاب المهنة الذين خرجوا إلى الشارع لأوّل مرّة في تاريخ الجزائر المستقلّة للتنديد بمحتواه. وسيكون لتزامن افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان مع استدعاء الهيئة الناخبة لمحليات نوفمبر المقبل أثر بالغ على آداء التركيبة الفسيفسائية للأحزاب التي أفرزتها التشريعيات الأخيرة، فمن المتوقع بحسب العديد من المراقبين أن تدخل هذه الأحزاب في حملة سياسية مسبقة من خلال بعث نقاش ساخن تحت قبة البرلمان في الوقت الذي من المتوقع إدراج ملف تعديل الدستور ضمن جدول أعمال هذه الدورة، وهو ما أكدته التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، حيث شدد على أن »المجلس الشعبي الوطني تنتظره رهانات هامة خلال العهدة التشريعية السابعة أبرزها تعديل دستور البلاد الذي ستتم ملائمته مع متطلبات المرحلة ومقتضيات تحديث أساليب الحكم التي تستوعب التطورات الهائلة التي شهدتها البلاد على كل الصعد السياسية والسوسيو-إقتصادية«. في حين أكد محمد فادن عضو سابق بالمجلس الدستوري في تصريح سابق ل»صوت الاحرار« أن البرلمان القادم »سيساهم في بناء الجمهورية الثانية وتعزيز أسس النظام الجمهوري الديموقراطي التعددي والمواطني وهذه الصفات ستجعل من البرلمان المقبل الحلقة الأولى في إعادة هندسة النظام السياسي ككل من خلال قيامه بصياغة الدستور عن طريق الإثراء وتقديم اقتراحات للتعديل«. وتؤكد هذه المعطيات أن تعديل الدستور سيكون في مقدمة الرهانات التي يجب على النواب الجدد أن يكسبوها في ظل التوقعات بأن يعرض رئيس الجمهورية مسودة تعديل الدستور على مجلس الوزراء لدراستها وضبطها، ومن ثم إحالته على البرلمان بغرفتيه لمناقشته والمصادقة عليه ضمن هذه الدورة الخريفية. ومن ناحية أخرى سيخوض النواب الجدد خلال الدورة الخريفية امتحان القدرة والجدارة في تمثيل الشعب ونقل انشغالاتهم إلى قبة البرلمان وطرحها للنقاش وذلك في إطار عرض مشروع قانون المالية 2013 المدرج ضمن جدول أعمال هذه الدورة وسط استفهامات إن كانت الحكومة ستباشر سياسة التقشف كما تردد، بحيث ستكون المهمة الأساسية للنواب الجدد خدمة الشعب والشباب بالدرجة الأولى من خلال الدفع باتجاه تبني كل ما من شانه تسهيل ظروف المعيشة وتحسين القدرة الشرائية وتوفير السكن ومناصب الشغل للمواطن وحماية حقوقه.