قررت حركة النهضة المشاركة في الانتخابات المحلية، وقد جاء القرار قبل إعلان الشريكين الآخرين في تكتل الجزائر الخضراء، وهما حركة مجتمع السلم وحركة الإصلاح الوطني، قرارهما بهذا الشأن، وهذا يستدعي التساؤل عما بقي من هذا التكتل. الانتخابات التشريعية الأخيرة أظهرت أن هذا التكتل لا يمثل الشيء الكثير على الأرض، وقد ثارت قواعد حمس على القيادة معتبرة أن من أسباب الهزيمة الانتخابية التي لحقت بالحركة كان التحالف مع حزبين لا قاعدة لهما، وقد جاءت الانتخابات المحلية لتؤكد أن هذا التكتل كان مجرد خطأ في الحساب ارتكبته قيادة حمس التي ركزت على ما يجري في المحيط الإقليمي وتجاهلت الحقائق المحلية، وربما تكون الانتخابات المحلية القادمة بداية لتفكيك هذا التحالف خاصة وأن الحزب الذي يقوده يعيش حالة من التفكك أضعفته بشكل غير مسبوق. الدرس الذي يجب استيعابه هو أن التحالفات ليست مجرد عمليات جمع لمجموعة أحزاب، والجمع في السياسة ليس كالجمع في الحساب، وتكتل ثلاثة أحزاب لا يعني مضاعفة حظوظ هذه الأحزاب في الانتخابات بل على العكس من ذلك قد تكون النتائج عكسية تماما، كما أنه لا يمكن تطبيق فكرة التكتلات السياسية التي تعوض الأحزاب، التي طالما نادى بها أبو جرة سلطاني، بهذه السذاجة، والفشل في إقناع أحزاب إسلامية أهم مثل جبهة العدالة والتنمية بالانضمام إلى التكتل لا يمكن تعويضه ببناء تيار بمن حضر. لقد حان الوقت كي تقوم النخب السياسية بمراجعة عميقة وجادة لأساليب عملها، وحان الوقت أيضا للاجتهاد في قراءة الواقع المحلي الذي لا يمكن اختزاله في مجرد صورة مصغرة تعكس ما يجري في الجوار القريب أو في بلدان عربية أبعد، فكلما تأخر وصول العدوى تغيرت المعطيات، وكلما استعصى التغيير في الخارج وارتفعت كلفته كلما أصبح الناس هنا أقل إيمانا بهذا الخيار، والبقاء على نفس المواقف سيكون في النهاية دليل عجز يزيد الناس ابتعادا عن هذه الأحزاب.