اتفقت الجزائروتونس على مواصلة تنسيق الجهود من أجل تأمين كلي للحدود لجعله بمنأى عن نشاط الجماعات الإرهابية التي يعتبرها الطرفان »تهديدا خطيرا«. ولهذا الغرض ستعرف الأسابيع المقبل تعزيز الزيارات على أعلى مستوى لمسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية، على أن يكون ذلك مرفوقا بعقد لقاء هو الأوّل من نوعه بين ولاة الولايات الحدودية لمناقشة كافة القضايا الأمنية المطروحة وكذا بحث رهانات التنمية . وضع وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، التعاون الأمني مع تونس لمواجهة بعض التحدّيات التي تفرضها الأوضاع في منطقة الساحل على رأس الأولويات في المرحلة الراهنة دون الإنقاص من قيمة الملفات الأخرى خاصة الاقتصادية منها، حيث أكد أمس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي، رفيق عبد السلام، بأن الجانبين يعملان تحت ما أسماها »إنارة قوية« لرئيسي البلدين من أجل أن تصل علاقات التعاون إلى »أقصى حدودها« عن طريق »حوار مسؤول يسمح بطرح براغماتي وإيجابي لكل المشاكل«. وشدّد مدلسي في هذا الإطار على أهمية ترقية التعاون الأمني بالنظر إلى »تزايد الخطر« في منطقة الساحل، مشيرا إلى أن ذلك يستوجب تكثيف التنسيق في الإرهاب وتأمين الحدود »وكل المخاطر المتعلقة بتهريب السلاح والمخدرات والبضائع والأموال بطريقة غير شرعية« لأنها »تصبّ في اتجاه سلبي وهو تغذية الإرهاب«. وعلى هذا الأساس كشف الوزير عن وجود »إرادة قوية« من أجل »ترقية ميكانيزمات التعاون« على مستويات عليا مثلما جاء على لسانه، موضحا أن الأمر يتعلق بتنسيق رفيع بين وزارتي الدفاع والداخلية للبلدين، وتحدّث عن زيارات »عما قريب« على أعلى مستوى في هذين القطاعين »ستسمح بعقد لقاءات بين ولاة الولايات الحدودية قبل نهاية السنة الجارية«، وهي الزيارات التي أفاد بأنه »ننتظر منها وضع آليات جديدة لجعل الحدود الجزائريةالتونسية آمنة وتشهد نموا وازدهارا..«. وكانت الأولوية الثانية التي أبرزها وزير الشؤون الخارجية تلك المتعلقة بالجاليات بين البلدين، معلنا عن مساعي لإعادة النظر في »اتفاق الاستيطان« بين الجزائروتونس الذي يعود إلى 1963، ووفق ما ذكره مراد مدلسي فإنه سيتم تجديده في وقت قريب »لقد اتفقنا على أساس أن فريقا من المفاوضين سيلتقون خلال الأسابيع المقبلة للتوقيع على تحيين وتكييف مشروع اتفاق الاستيطان« دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل بهذا الشأن، لكن على ما يبدو فإن الأمر له صلة بمنح الجنسيات وقضية التملك وكل ما له ارتباط بهما. وعلى صعيد آخر لفت مدلسي إلى أولوية ثالثة حصرها في »التنمية الشاملة« التي قال إنها تأخذ بعين الاعتبار وسائل التنمية المادية والبشرية، وتابع حديثه: »لا بدّ من تشجيع البحث المشترك في قطاع المحروقات وكذا الربط بالغاز والكهرباء والعمل على تقوية الطاقات المتجدّدة خاصة الطاقات الشمسية«، قبل أن يُضيف: »ستكون هناك برامج قريبا لتجسيد الإرادة السياسية للبلدين في قطاع الطاقة«. كما أفاد وزير الشؤون الخارجية بضرورة »تعزيز البنية التحتية« على صعيد الربط البيني بوسائل النقل سواء كانت سككا حديدية أو طرقات سريعة، وكشف بالمناسبة عن لقاء قريب بين رجال أعمال البلدين بولاية عنابة قبل نهاية السنة، مؤكدا أن »الجزائر على التزام تام بتسهيل منح التأشيرات للمقاولين التونسيين وإشراكهم في مشاريع البرنامج الخماسي للتنمية«، ولخّص مداخلته قائلا: »عموما لقد جدّدنا قناعتنا وإرادتنا لدعم هذه الاستشارة الدائمة على المستوى السياسي خاصة، وقد سجّلنا توافقا في أغلب الأمور بما في ذلك ملف منطقة الساحل ومالي«. ولم يخرج كلام وزير الخارجية التونسي، رفيق عبد السلام، عن السياق الذي خاض فيه مدلسي، حيث أعلن من جانبه عن »توافق تام يصل إلى حدّ التطابق« بين البلدين في كل القضايا الثنائية »فنحن متفقون في مواجهة كل المشكلات بالعمل بشكل جماعي وجهد مشترك«، ليواصل حديثه: »نحن ندرك المخاطر الأمنية التي نواجهها خاصة الوضع في مالي الذي يُشكل مصدر انزعاج مقلق وكبير للجزائر وتونس وكل دول المنطقة«. وتفادى عبد السلام في تدخّله التطرّق إلى القمة المغاربية، وحرص في المقابل على إبراز أهمية التعاون الأمني بقوله: »أكدنا في مجموعة التشاور على أولويات منها الأمن من خلال تبادل المعلومات حول المجموعات العنيفة والإرهابية لأن الأمن هو مرتكز التنمية الاقتصادية وأساس الحياة السياسية المتوازنة«، وأورد كذلك أن الاتفاق حاصل على مواصلة التشاور السياسي في مختلف القضايا الإقليمية والدولية. وعلى المستوى الاقتصادي الذي اعتبره الوزير التونسي من بين الملفات التي تحظى بالأولوية، سيتم العمل على تنمية المناطق الحدودية »لتحويلها إلى جسر تكامل وبالتالي نواصل تأمين الحدود من عمليات التهريب والغش في الأموال والبضائع« وفق تعبيره، مثلما أشار إلى اتفاق على معالجة بعض القضايا القنصلية »وأكدنا على علاقة التنسيق الميدان بين الولاة وستكون هناك اجتماعات لمعالجة مختلف القضايا العالقة«، وهو ما دفعه إلى الاستنتاج بأن زيارة الوزير الأول التونسي إلى الجزائر »كانت ناجحة ونريد أن نجعل من علاقاتنا مع الجزائر نموذجا للبلدان المغاربية والعربية«.