يرتقب أن يحط رئيس وزراء مالي ديانغو سيسيكا الرحال غدا بالجزائر للتباحث مع المسؤولين الجزائريين حول الأزمة في شمال مالي على ضوء المستجدات الأخيرة، ويتزامن ذلك مع دعوة مجلس الأمن الدولي إلى التعجيل بالتدخل العسكري بعد المواجهات التي تجددت على الخط الفاصل بين المتمردين والجيش النظامي في مالي، فيما أعلنت الحركة العربية للدفاع عن حقوق الأزواد عن احتجازها لعدد من قيادات حركة التوحيد وطالبت بمبادلتهم بالرهائن الجزائريين. يقوم رئيس وزراء مالي ديانغو سيسيكا غد بزيارة إلى الجزائر مرفوقا بوفد وزاري رفيع المستوى، ويرتقب أن يقوم المسؤول المالي بمحادثات مع عدد من كبار المسئولين الجزائريين تتناول الوضع في شمال مالي والجهود الجارية لتسوية التي أخذت في الآونة الأخيرة منحنيات جد خطيرة. وستستمر زيارة ديانغو سيسيكا يومين كاملين يقوم خلالها بإجراء مباحثات مع نظيره عبد المالك سلال حول سبل وإمكانيات تعزيز التعاون بين بلدان الميدان الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، والشركاء غير الإقليميين للقضاء على الإرهاب والجريمة المنظمة اللذين يشكلان تهديدا للاستقرار والأمن في منطقة الساحل، ويضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء المالي وزراء الدفاع والإدارة الإقليمية والتجهيز والنقل، إلى جانب مسئولين كبار عسكريين ومدنيين. ولا يستبعد أن تشكل زيارة الوزير الأول المالي دفعا قويا للجهود التي تبذل من أجل أن يثمر الحوار الجاري وبرعاية جزائرية بين باماكو وبعض الحركات المتمردة في شمال مالي، وقت حث فيه مجلس الأمن الدولي على التعجيل بنشر بعثة دولية بقيادة أفريقية في مالي خاصة بعد ورود تقارير عن تحركات عسكرية وهجمات إرهابية في شمال البلاد، وخلص مجلس الأمن الدولي بعد مشاورات مغلقة إلى بيان قراه رئيسه للشهر الحالي السفير الباكستاني مسعود خان جاء فيه تأكيد واضح على قلق مجلس الأمن الدولي البالغ بعد الهجمات التي قامت بها الحركات المسلحة المرتبطة بالقاعدة وسيطرتها على مدينة كونا بولاية موبتي في الجزء الجنوبي من مالي الخاضع لسيطرة القوات النظامية، وجاء في البيان: »يعيد أعضاء مجلس الأمن الدولي دعوتهم لجميع الدول الأعضاء للمساعدة في حل الأزمة في مالي وخاصة تقديم المساعدة لقوات الأمن والدفاع المالية للحد من التهديدات التي تمثلها الجماعات الإرهابية والمجموعات المرتبطة بها«، وقد عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي في بيانهم عن »عزمهم على السعي إلى التطبيق الكامل لقراراته حول مالي وخاصة القرار رقم 2085 بجميع أبعاده وفي هذا الإطار يدعو أعضاء المجلس إلى النشر العاجل لبعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية في مالي«، كما دعا أعضاء مجلس الأمن إلى وضع خارطة طريق سياسية متفق عليها تتضمن إجراء مفاوضات جادة مع الأطراف المالية غير المتطرفة في الشمال وتؤكد على الاستعادة الكاملة للحكم الديمقراطي. وصرح أول أمس الخميس المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتين نيسيركي عن انشغال الأممالمتحدة حيال معلومات تتحدث عن تحركات عسكرية لجماعات مسلحة متمردة حول خط الجبهة في شمال مالي، وقال نيسيركي في مؤتمر صحفي بنيويورك »نطالب الجماعات المتمردة المالية باحترام قراري مجلس الأمن 2017 و 2085 الداعيان إلى قطع الروابط مع المنظمات الإرهابية«، مضيفا »نناشد الأطراف المعنية إلى الانضمام للهدنة المتوصل إليها في 4 ديسمبر 2012 في واغادوغو ونستمر في الدعوة إلى الحوار لإيجاد حل لهذا الوضع«، وأعرب عن دعم الهيأة الأممية للجهود التي تبدلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (يكواس) للوساطة بين أطراف الصراع في مالي، وأوضح نيسيركي أن الممثل الخاص للأمن العام للأمم المتحدة لغرب إفريقيا سعيد جينيت يواصل دعم المفاوضات السياسية في مالي ضمنها بدء حوار وطني وتطوير خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، علما أن مجلس الأمن الدولي تبنى بالإجماع الشهر الماضي القرار رقم 2085 الذي يسمح بنشر بعثة دعم دولية في مالي بقيادة إفريقية لفترة أولية مدتها عام واحد. وتجددت المواجهات، أول أمس الخميس، في منطقة موبتي بين الجيش والتنظيمات الجهادية، وأكد الجيش المالي أنه صد عملية توغل للجهاديين ليل الأربعاء إلى الخميس الماضيين، وأعلن ضابط في الجيش المالي لوكالة الأنباء الفرنسية أن »قواتنا تقاتل حالياً الإسلاميين ميدانياً«، وكشف بأن »المواجهات تدور في قرية كوكو الصغيرة الواقعة بين بلدتي كونا وبوريه« في منطقة موبتي. وكشفت مصادر إعلامية من جهة أخرى إن الحركة العربية للدفاع عن حقوق أزواد قامت باحتجاز ثلاثة من قيادات حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، واشترطت الحركة الإفراج عن الدبلوماسيين الجزائريين من أجل إخلاء سبيل قيادات التنظيم الإرهابي، وجاء إلقاء القبض على قيادات حركة التوحيد والجهاد خلال مواجهات دارت بين الحركتين منذ أيام وخلفت مقتل عشرة من عناصر التوحيد وجرح اثنين.