سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرقابة ظاهرة كونية لا تقتصر على المجتمعات العربية الإسلامية تخترق الثقافات والجغرافيا والأنظمة الدكتور أمين الزاوي يغوص في إشكالية» الكتابة والممنوع « ضمن ندوات «الجمعية الفلسفية الجزائرية « و» صوت الأحرار
أكد الروائي الدكتور أمين الزاوي الذي نزل سهرة أول أمس ضيفا على جمهور الجلسة الفكرية الثالثة ضمن البرنامج الثقافي للجمعية الجزائرية للفلسفة ويومية «صوت الأحرار» أن موضوع «الممنوع والكتابة» إشكالية استقطبت تفكيره وتشغله منذ عقدين من الزمن، ويتجلى ذلك من خلال كتابه «الثقافة والدم» وهو جملة من المقالات التحليلية للتاريخ الممنوع في الثقافة العربية الإسلامية بما فيها التجربة الجزائرية وبرر إنشغاله بموضوع الرقابة على الإبداع لأنه ككاتب تعرض أيضا للمنع والرقابة من خلال روايته «صهيل الجسد» التي منعت بسوريا وبعض الدول العربية. المثقف الحقيقي هو المثقف النقدي الذي ينتقد الأجهزة والمؤسسات وفي جلسة رمضانية أدارها الأستاذ عمر بوساحة بصورة مميزة وبحضور نخبة من المثقفين والسياسيين يتقدمهم عبد الرحمان بلعياط منسق المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني أضاف أن مصدر اهتمامه نابع من إعتقاده أن المثقف الحقيقي هو المثقف النقدي الذي ينتقد الأجهزة والمؤسسات والمثقفين ويرى أن الكتابة من خصوصيات المثقف النقدي - العضوي - كما قدم الدكتور أمين الزاوي مقارنة بين مفهومي المثقف النقدي والمثقف المعارض باعتبار الأول فعلا حضاريا ثقافيا فيما صنف المثقف المعارض كونه فعلا سياسيا، وفي سياقها أشار أن تركيزه سيكون على المثقف النقدي الذي ينتقد ليبني قيما اجتماعية جديدة وليس هدفه وغايته التخريب أو التشويش. ومن خلال 15 نقطة قدم الدكتور أمين الزاوي تفاصيل ورحلة الكتابة والممنوع في العالم العربي - الإسلامي، وقال في البداية أن معنى جهنم هو الجزء المخصص في المكتبات للكتب الممنوعة وهو فضاء مغلق ومسيج، حيث كانت المكتبة الوطنية مثلا - المقر القديم - يتضمن جزءا خاصا بذات التسمية يحتوي على كتب ممنوعة لسياسيين ومثقفين على غرار كتابات المناضل الحسين آيت أحمد وكان الإتحاد السوفياتي معروفا بهذا الإجراء الرقابي على الكتابة، حيث إلى جانب الغولاغ وهو منفى السياسيين فإن «جهنم» هو منفى الكتاب وسجنه في المكتبة. المنع والرقابة لا تخص العالم العربي - الإسلامي بل تتجاوزهما إلى العالم الغربي كما بحث الدكتور في الأسباب والتفسيرات الإبستيمية المعرفية وخلفياتها الثقافية غير الدينية فيما يخص الظاهرة - المنع - حيث يرى أن الفلاسفة اليوم ابتعدوا عن تناول اليومي وتساءل لماذا هزمت الشريعة الفلسفة؟ ولماذا لم يتحول الفلاسفة إلى الحياة اليومية بقضاياها؟ ويعتقد الروائي أمين الزاوي أن الفلاسفة والإقتصاديين وغيرهم غائبون عن الساحة اليومية وبالتالي يؤثر ذلك على تقدم الفكر النقدي وهذا التقدم لا يتحقق إلا بتحرك هؤلاء الفلاسفة، كما تساءل لماذا تخلو الجزائر من فاعلية الفلاسفة وعلماء الإجتماع وعلم النفس؟ وما يلاحظه هو تحرك بعض الأدباء، وأكد أنه من الضروري أن تتكامل هذه الأطياف الثقافية لتجسيد مشروع مجتمع متقدم، وقال الدكتور أمين الزاوي أن المنع والرقابة لا تخص العالم العربي - الإسلامي والعالم الثالث فقط، بل تتجاوزهما إلى العالم الغربي الذي تتقاذفه مجموعة من الممنوعات . وأشار أن الروائي هنري ميللر منع في ال 50 من القرن الماضي بوطنه الولاياتالمتحدة وبالتالي المنع ليس ظاهرة تخص العرب والمسلمين، بل هي خاصية المجتمعات الأخرى واستشهد بما تعرض له نخبة من أدباء أوروبا وفرنسا خصوصا ضمنهم غوستاف فلوبير بروايته «مادام بوفاري»، «رامبو» وشارل بودلير ورجاء جارودي . لفهم ظاهرة المنع والرقابة ضروري الرجوع إلى مقولة «منطق الدولة» للفيلسوف ألتوسر وحسب الدكتور أمين الزاوي من الضروري فهم الإشكاليات لأننا لا نؤيد موقفا سياسيا، بل يجب أن يكون موضوعيا في فهم الظاهرة دون الإنحياز باعتبار الظاهرة ليست عربية - إسلامية بل ظاهرة كونية - تخترق الثقافات والجغرافيا والأنظمة - وطالت حتى اليابان، وقال في سياقها أن خلفيات الرقابة والمنع تكمن في الثالوث الدين الأخلاق والسياسة وهي طابوهات داخل المجتمع، واقترح لفهم الظاهرة مقولة الفيلسوف ألتوسر الذي يفسرها بأنها «منطق الدولة» ويعني ذلك أن في الكثير من المرات تعتبر الكتابات تهديدا لمنطق الدولة، وتحيلنا الرقابة والمنع إلى مظاهر التسلط والديكتاتورية وهي أمام المجتمع شرعية وتمارس ضد المثقف كحجة للتسلط والديكتاتورية وفي هذا الإتجاه استخدمت مفهوم «منطق الدولة» لألتوسر في بعض الدول الديكتاتورية لتكريس المنع والرقابة وتكميم أفواه المثقفين والمبدعين والفلاسفة، وأضاف أن السنوات الأخيرة في العالم العربي خارطة لا يجوز توسعت أكثر لتشمل كل شيء فيما ضاقت خارطة يجوز وذلك مقارنة ب ال 70 وال 80 وسجل انتشار ظاهرة الفتاوى الإعلامية عبر القنوات الدينية وهو ما يحد من الإبداع والتنوير وهم بذلك يريدون أن يجعلوا الجميع كقطيع واحد وأمام هذا الوضع الخانق أصبحت كمية الهواء ثقافيا وسياسيا قليلة. تلوث في الفضاء الثقافي والسياسي لا يسمح بالتنفس الصحي للمجتمعات العربية والإسلامية المثقف العربي من أعراض الشيزوفرينيا وأضاف الدكتور الزاوي «هناك تلوث في الفضاء الثقافي والسياسي لا يسمح بالتنفس الصحي للمجتمعات العربية والإسلامية» وقال بخصوص الإنغلاق والعنف والتطرف الذي أصبح يميز المجتمع العربي الإسلامي أنه رغم أن النص القرآني جريء ومفتوح على التأويل، غير أن بعض الدعاوى والفتاوى تحيلنا إلى قيم لم يتضمنها الدين الإسلامي ولا علاقة لها بالوسطية والتسامح وهو أمر خطير جدا يهدد الوحدة والقيم، مشيرا في غضونها إلى أن الدول الإسلامية تمنع النساء من قراءة بعض الآيات القرآنية مثل سورة يوسف، وهي سلوكات غريبة عن الإسلام الذي أنجب علماء كبار مثال ابن رشد وابن سينا، وبرر الدكتور أمين الزاوي ذلك أن هؤلاء الأدعياء الذين يلبسون عباءة الدين يبتغون بهذا المنع خلق ظاهرة الخوف والرعب لدى المثقف النقدي، واستخدام إستراتيجية التخويف والترهيب من أجل تكريسها في ذهنية المثقف النقدي في المجتمع العربي الإسلامي، وأوضح أن هذا التعصب الأعمى وصل حد تصفية المثقفين النقديين على غرار مهدي عامر، حسين مروة، الطاهر جاووت، عبد القادر علولة، بختي بن عودة، بوسليماني···الخ وهم شهداء الثقافة النقدية، واعتبر أن اتساع رقعة التخويف تارة باسم الإيديولوجيا وتارة أخرى بالتصفيات والاغتيالات لا يشمل الجزائر فقط، بل هي ظاهرة عرفتها العديد من دول العالم على غرار إيران والسعودية، مستشهدا بالاغتيال الوحشي للكاتب السعودي ناصر السعيد بسبب كتابه «تاريخ آل سعود» الذي أذيب جسده بواسطة مادة كيميائية، وأشار إلى أن الرقيب سواء الدين أو السياسي هدفه اغتيال العقل حتى لا يتجه المجتمع إلى الفكر الآخر، والنقدي أمام هذه الحالة من الذعر والحصار يجد المثقف نفسه أمام حصارين وهو يمارس فعل الكتابة وهو صوت البوليس أو المسجد « الخطاب الديني « ومن هنا يعاني المثقف العربي من أعراض الشيزوفرينيا والفصام، وانطلاقا من تجربته الخاصة أكد الروائي أمين الزاوي أن هذه الحالة تخلف لدى الكاتب إرهابا ذاتيا حينما يتحول المثقف ذاته إلى رقيب ويمارس المنع ضد ذاته ويرى أن هذه الحالة التي شعر فيها المبدع أنه تحول إلى رقيب على ما يكتبه يفقد قيمة الحرية، والحرية توأم الإبداع والكتابة وبالتالي يفقد معنى الكتابة وجدواها، وقال الدكتور أمين الزاوي أن كل الكتابات العربية الإسلامية قبل القرن الخامس الهجري كان كتابها يكتبون بمنطق الحرية مستشهدا بآراء الفيلسوف الراحل محمد أركون واعتبر أنه من الضروري التمييز بين النقد الذاتي والرقابة الذاتية واعترف أن واحدة من مشكلات العطب في الفكر والإبداع العربي هر الرقابة الذاتية وتبريرها واستشهد المحاضر بما تعرض له من رقابة على نصه «رائحة الأنثى» من طرف دار نشر بلبنان هي ملك لفلسطين الذي أعاد كتابة روايته وأفقدها عذريتها حينما أدخل عليها جملا جديدة وأعاد صياغتها حتى تنشر بمبرر أنها تحتوي على شخصيات يهودية وهو ما رفضه الروائي أمين الزاوي الذي قال له «أنا جزائري لكنني فلسطيني أكثر منك ومن الفلسطينيين»، كما نبه في سياقها أن الرقابة الذاتية ب»اغتصاب المخيال» ولا يختلف مع اغتصاب الإنسان الذي يعيش طيلة حياه بالورم والندب مشبها الكتاب الذي تنازلوا عن مواقفهم كمن تم اغتصابهم ويتحول التنازل إلى عهر ثقافي وسياسي وهذه الحالة موجودة عبر نماذج العديد من المثقفين العرب· وبخصوص فوضى الرقابة يرى الدكتور أمين الزاوي أننا لا نعيش في الغاب، بل في إطار مجتمع به قوانينه ودساتيره ومؤسساته، ويشير أن الديكتاتوريات تراهن وتفشي الفوضى في الرقابة من أجل تحقيق مصالحها ويتم حسبه فيما يتعلق مثلا بقانون الكتاب والأرشيف والفن التشكيلي ضبط وتحدي مجموعة من القيم التي يجب احترامها وعدم تجاوزها وتكون الرقابة واضحة وبالتالي على المثقف أن يقبل أولا ويوضح أن جميع الدول العربية لا تمتلك قوانين للرقابة والمنع وبالتالي هي المستفيدة من فوضى الرقابة لأنه كلما كانت الفوضى عمت الرقابة ولكن ليست رقابة الدولة - لأنها تريد تفشي الفوضى في الرقابة - لتجعل وتفوض الشارع الذي يتحول إلى رقيب وتتحول الغوغاء والعامة إلى رقيب على الإنتاج الروائي، السينمائي، الفلسفي، الفني مستشهدا بتجربة الهجوم على رواية «وليمة أعشاب البحر» للكاتب السوري حيدر حيدر التي لم يقرأها 3 أو 4 ممن تظاهروا ضدها والغرض من الهجوم ليس الضغط على الكاتب وإنما الضغط على الفضاء الثقافي والإبداعي وهي نفس الحالة التي عاشها الفنان المصري عادل إمام ومتابعته قضائيا. الرقيب لم يقرأ التراث العربي الإسلامي كما رجع الدكتور أمين الزاوي إلى تجربته مع الرقيب من خلال روايته «السماء الثامنة» التي انطلق في كتابتها خلال مرحلة أدائه الخدمة الوطنية بثكنة الغمري بمعسكر حيث كان ينصت لقصص المجندين وتخاريفهم والتي بعد صدورها ونزولها المكتبات اكتشف أن جماعة معينة كانت تقتنيها ليتم حرقها بمنطقة سيدي بلعباس ولما استفسر الأمر من صاحب المكتبة قال له أنهم يحرقونها لأن كاتبها كافر تجاوز الدين وهم لم يقرؤوها أصلا ويعتقد الدكتور أمين الزاوي أن الرقابة على الجنس هي من المشكلات الكبرى في العالم العربي الإسلامي والمشكل يكمن أن هؤلاء لا يقرأون التراث وتساءل لماذا كل هذا الضغط والهجوم على مسألة الجنس؟ هل يحقق العرب الحداثة في الفصل بين تراثهم أو بالقطيعة معه؟ مذكرا بكتابات الفقهاء والعرب والمسلمين الأوائل على غرار السيوطي، ابن حزم، جلال الدين الرومي، ابن عربي ويؤكد أن الكاتب لا يستطيع أن يكون حداثيا ما لم يقرأ تراثه وموروثه، وإلا أصبح أسيرا ومرتبطا بثقافة غريبة ، وليحقق ويوطن الثقافة الغربية، على الكاتب أن يوظف وينهل من التراث الثقافي العربي - الإسلامي حتى وإن حقق تواصلا مع الثقافات الغربية لكن عليه أن يطعمها بثقافته المحلية، ويرى أن من يمنع تناول الجنس أدبيا هو جاهل لم يقرأ التراث العربي - الإسلامي وأمهات كتب الفقه لكبار العلماء مثل الإمام أبو حامد الغزالي، وابن الرشد، ابن حزم حيث كان الأقدمون يتناولون بجرأة موضوع الجنس. نحن في مرحلة الجهل المؤسس أو الجهل المقدس حسب أركون وتأسف الدكتور أمين الزاوي أن ما حققه العرب من حضارة وعلوم في الأندلس كان خارج جغرافيا إفريقيا والشرق واعتبر مدينة طليطلة في القرن 12 نموذجا للتسامح والاختلاف. وقال أن كتاب الشهرستاني «الملل والمحل» ضم كتابات لفلاسفة يهود وغيرهم من الديانات ولم يتم إقصاؤهم، بل هم جزء من الحضارة العربية الإسلامية وهذا هو العقل الذي يبني ويؤسس للحداثة والتقدم بعيدا عن الثالوث المحرم الذي لا يعد غريبا على المشهد العربي باعتبار أن الجنس حالة إنسانية لا يمكن القفز عليها· وعن تاريخ المنع في نماذج تحدث الدكتور أمين الزاوي عن القطيعة العربية - الإسلامية مع تراثه مثل «ألف ليلة وليلة» حيث منع المجلس الشعبي المصري سنة 1979 تداول الكتاب في نسخة بولاق رغم أن «ألف ليلة وليلة» وظفت وغرف منها أدباء أمريكا اللاتينية وأصبحت كتاباتهم سحرية بفضل الموروث الغرائبي والعجائبي منهم الكتاب خورخي بورغيس غابريال غارسيا ماركيز، وقال أن منع البرلمان المصري للكتاب سياسوي وطغى على الإبداعي وتساءل في سياق تطور الأحداث المأساوية في سوريا عن سبب قطع رأس تمثال الشاعر أبي العلاء المعري من طرف الثوار وكأنهم ينفذون فيه حكم الإعدام من جديد وقال أننا نتقدم إلى الوراء ونتراجع عن تثمين رموزنا الثقافية والدينية العقلانية كما أشار أن كتب المتصوف ابن عربي ك «الفتوحات المكية»، «الأشواق» تم منعها وأيضا كتب أبي نواس، وأكد أن الجهل بمنع الثقافة المعاصرة ويعود لتصفية الثقافة التراثية العقلانية ويكرسون ثقافة بالية، وتبنى الدكتور أمين الزاوي رؤية المفكر الجزائري الراحل محمد أركون الذي يقول «أننا في مرحلة الجهل المؤسس أو الجهل المقدس « ويعتقد الدكتور أمين الزاوي أن الغوغاء أوصلتنا إلى الجهل المقدس - حسب نظرية محمد أركون - الجزائر لم تحسم موقفها من اللغات وحلها كان سياسويا وليس معرفيا وبخصوص حالة اللغات المنع قال أمين الزاوي أن مسألة اللغات مهمة لأن البلدان التي لم تحسم موقفها من اللغة تعيش حالة من الرقابة والفوضى وأكد أن الجزائر نموذج لهذه الوضعية إلى اليوم وتعيش حالة من البلبلة اللغوية وأوضح أن الأمازيغية مثلا كانت في مرحلة ما من المحرمات لكن أشار أن المحرم ليس ثابثا بل متغير وانتقلت من حالة المنع والحصار بسبب المطالب الثقافية إلى حالة الاعتراف بها كلغة وطنية في الدستور وبالتالي كان وصولها سياسيا وليس معرفيا، في حين أن الإشكال مازال مطروحا بأي حرف تكتب الأمازيغية ما أدى إلى تراجع وضعف اللغة الأمازيغية حسب إحصاءات المحافظة السامية للأمازيغية أين أغلقت بعض المدارس ويرجع ذلك أن معالجة المسألة اللغوية الأمازيغية لم يكن بيداغوجيا بل الحل كان سياسيا، واعترف الدكتور أمين الزاوي بخصوص اللغة العربية أنها أيضا تم حلها سياسيا باستثناء أنها اصبحت لغة للهوية وجزءا أساسيا للهوية على المستوى المعيشي والثقافي والمعرفي الألسني، لكن في الواقع تهمين اللغة الفرنسية على الحياة العامة والإدارة كما أنه لا توجد مكانة حقيقية للغة العربية وتساءل لماذا هذه الحالة؟ وأجاب أن اللغة العربية لم يتم حسمها وحلها جذريا وأصبحت النخب السياسية تتعامل بها وما تزال ذات قوة داخل مؤسسات الدولة وأشار إلى أن المسؤول الجزائري وبعفوية يتحدث باللغة الفرنسية - وبالتالي لا يمكن إنكار أو إغفال اللغة الفرنسية في الجزائر. واستغرب أمين الزاوي كيف أن مسؤولا على التعريب لا يتقن جملة واحدة باللغة العربية وشبه وضع اللغة العربية بالكاريكاتوري لأنه لم يتم معالجة المسألة جذريا، بل الحل كان سياسويا، كما أننا لم نحل مسألة اللغة الفرنسية، ولا يزال الخلط موجودا وتؤدي هذه الفوضى اللغوية في الجزائر إلى مرحلة التخوين والتهويد والتكفير تجاه الكاتب والمثقف . نقاش حاد حول إشكاليات الرقيب في الذهنية الجزائرية والعالم العربيي الإسلامي وتميزت الجلسة بنقاش حاد من طرف الدكاترة والمختصين وانصبت الأسئلة حول لماذا طغت ذهنية التكفير بدل ذهنية التفكير؟ لماذا نجاري السلط العربية العامةونشجع عقلية التحريم؟ تشخيص دور المثقف النقدي واختراقه للثقافة المنتقدة؟ مستقبل الرقيب في الزمن الإلكتروني؟ حدود الرقابة من طرف السلطة والذات؟ مدى اختراق اللغة؟ ما هو الحل للخروج من المأزق؟ومن جهته قال المترجم عبد العزيز بوباكير أن كتاب «السؤال» للمناضل الفرنسي الراحل هنري علاق الصادر سنة 1958 ويخوض في مسألة التعذيب الفرنسي في الجزائر منع حتى التداول بفرنسا وقال أن الفاتيكان أيضا يمنع الكتب ويحرقها وليس الأزهر فقط كما اعتبر أن «آيات شيطانية» كتاب جديد لكن منعه ساهم في شهرة صاحبه على المستوى الدولي بسبب عدم قراءة من منعه لمحتواه. وفي رده على الأسئلة عقب الدكتور أمين الزاوي أن حل مشكلة الرقابة يتم بواسطة العدالة المنفصلة عن باقي السلطات والمستقلة بقرارها وأضاف أنه ينبغي الإهتمام باللغة الدارجة لانها لغة عارقة ومشبعة بحمولات دلالية وهي لغة جديرة بالإحترام والعبقرية وتأسف الدكتور أمين الزاوي أن المؤسسات العلمية بما فيها الجامعة أصبحت فضاءات لتفريخ الجهل وعلينا الاعتراف بهذا الوهن لو أردنا خدمة بلادنا، وخاصة مع تراجع مستوى الطلبة· وأشار إلى أن تعميم الجهل لا يحل المسألة اللغوية في الجزائر باعتبار أن مقاربة اللغات بغير السياسوي، بل بالمعرفة وقال أن الرقابة في عصر الإنترنت والإلكترونية موجودة مستشهدا بمحاكمة 18 فردا من طرف شركة غوغل مؤخرا بسبب تهمة معاداة السامية، وأضاف في سياقها رواية « آيات شيطانية» للكاتب سلمان رشدي رواية عادية والذين هاجموها هم الذين لم يقرؤوها أصلا وقال أنه رغم كل السلبيات والخلفيات فإن الفيلسوف برنارد هنري ليفي باعتباره فيلسوفا على عكس اختفاء الفلاسفة العرب وغيرهم من الساحة الدولية - مشكلته أنه متواجد في قلب الحدث ويحرك الأمور، كما أن فلاسفة آخرين في الغرب لهم مكانتهم لدى صناع القرار دون إغفال دور بعض الفلاسفة العرب المحدثين منهم المصري ناصر حامد أبو زيد وهو دليل على حضور الفلاسفة والمثقفين. وأكد الدكتور أمين الزاوي أن تحقيق الحداثة لا يتحقق إلا بنهلنا وتعاملنا مع تراثنا الثقافي العربي الإسلامي وتصفيته بشكل عقلاني ويعتقد أن يريد من خلال رواياته استفزاز القارئ وصدمه لأنه كمثقف عضوي يريد أن يحيل القارئ إلى طرح الأسئلة «لا أريد أن تقرأ رواياتي على السرير وباستلقاء كما أن صناعة القارئ من مهام الروائي وليس صناعة النص الروائي النقدي فقط.