يواصل الشاعر والكاتب اللبناني عبده وازن في روايته الجديدة «غرفة أبي» الصادرة حديثا عن منشورات الاختلاف بالجزائر ومنشورات ضفاف بيروت ولوجه لتطعيم تجربته السردية التي افتتحها في روايته السابقة «قلب مفتوح» الصادرة عام 2010 وميزة تجربة وازن خاصة جدا كونها تجمع بين الفن الروائي والسيرة الذاتية. وقد أضفى الكاتب على روايته الجديدة بعدا تجريبيا منطلقا من معطيات السيرة الذاتية ليفتح أفقها أمام احتمالات السرد الحر الذي يدمج بين الواقعي والمتخيل. يسرد وازن في هذه الرواية سيرة مزدوجة.. سيرته الذاتية متقاطعة مع سيرة أبيه الذي يكاد يجهله ويسعى إلى التعرف إليه ورسم صورة له من خلال ذكريات الآخرين عنه وحكاياتهم ومنهم الأم والأصدقاء الذين مازالوا على قيد الحياة ثم عبر الآثار الصغيرة التي تحكي عنه ولاسيما منها الصور بالأسود والأبيض التي تشير إلى مسارات كثيرة من حياته وأخباره والأمكنة التي عرفها. وسيرة الأب هنا لابد لها أيضا من أن تتقاطع مع سيرة بيروت نفسها التي عاشت الحرب عام 1958 وشهدت الكثير من الأزمات والتحولات حتى الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990 وما تلاها من مآس ويستعيد الراوي في الرواية التي تقع في 244 صفحة من القطع المتوسط هذا الماضي ويمعن في رثائه ومديحه ، ويقول الكاتب وازن عن هذا الأسلوب الروائي الذي اختاره «هذا النوع يتيح لي أن استوحي سيرتي الذاتية أو عالم الذات بمشاعرها وأحاسيسها وهواجسها وأن أسبكها في سياق روائي حر ذي بعد حي واقعي وخيالي. وهنا أستطيع أو أوظف خبرتي الشعرية ولاسيما عبر اللغة والأسلوب اللذين أمنحهما اهتماما كبيرا.»