أكد مخرج الفيلم الوثائقي «عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية« سالم براهيمي أمس على هامش العرض الشرفي لعمله الجديد بقاعة ابن زيدون برياض الفتح أن هدفه من الفيلم الوثائقي المنتج من قبل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي و المدعم في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 وصندوق ترقية الفنون و التقنيات السينمائية ا لذي يقتفي مسار مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة هو إبراز تلك العلاقة الرفيعة بين مشروع الدولة الحديثة التي حمل لواءها الأمير عبد القادر الشاب في مرحلة صعبة من تاريخ الجزائر بمكوناتها وجذورها الجزائرية الأصيلة وانطلاقه من الأصالة والتشبث بها . لينطلق في أفق الإنسانية وقيم التسامح والتعايش ما بين الثقافات والأديان والحضارات التي أثمرها إنفتاحه على منجز الأخر أو الغرب وهو ما جعل منه نموذجا لرجل الدولة القوي بإيمانه والواعي للحظة التاريخية والواقع السياسي الدوليوأضاف المخرج الشاب سالم براهيمي في ندوة صحفية أنه تعمد إختيار عنوان « عبد القادر « لفيلمه الوثائقي لأنه إلتزم بالمواثيق والوثائق حيث يعد خروجه من الجزائر نحو المنفى الإجباري بفرنسا ثم تركيا وأخيرا سوريا كان الأمير يوقع وثائقه ورسائله ب« عبد القادر « وبالتالي أٍراد المخرج أن يكون وفيا للحقيقة التاريخية رغم أنه في الجزائر يتردد دائما ما يقابله تسمية الأمير عبد القادر نظرا لمكانته ورمزيته في نسيج المجتمع الجزائري والضمير الجمعي كما أوضح المخرج أن الفيلم الوثائقي حدد مساره منذ البداية وهو تتبع واقتفاء المحطات التي مر بها الأمير عبد القادر الرجل الجامع الصوفي رجل الدولة والحرب القوي منذ مبايعته تحت شجرة الدردارة بمسقط رأسه بمعسكر وصولا إلى المعاهدات مع الجانب الفرنسي وصولا إلى لحظة الخروج من الجزائر . وأوضح المخرج سالم براهيمي أنه مخرج وليس مؤرخا حتى يخوض في قضايا مفصلية في مسار الأمير عبد القادر وهو عمل المؤرخين والباحثين وأشار أنه لم يتعمق في مرحلة وجود الأمير عبد القادر بدمشق السورية وبعمق بسبب إستحالة التصوير بسبب موجة العنف والحرب الأهلية بسوريا فيما كشف أنه إنتدب شركة خاصة بسوريا لتزويده بمشاهد ولقطات تم تصويرها من مدينة دمشق لتغذية الفيلم الوثائقي وعن سبب تجاوز وعدم تناول وثائقي «عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية« لجملة من القضايا التاريخية المفصلية على غرار كيفية وظروف خروج الأمير عبد القادر من الجزائر سنة 1847 هل هي إستسلام أم تفاوض ؟ علاقة الأمير بالملك المنتخب نابوليون الثاث ؟ علاقة الأمير بالماسونية وهجوم جيش الأمير عبد القادر على زاوية عين ماضي ؟ وغيرها من الأسئلة المهمة أجاب المخرج سالم براهيمي أنه إلتزم بخطة السيناريو التي أنجزها رفقة الكاتبة أودري براسار ومسار الأمير ولم يفضل خوص غمار هذه المناطق والأسئلة المفخخة والمعقدة في تاريخ الأمير عبد القادر كما أنه تمنى إنجاز مئات الأفلام الوثائقية وغيرها من طرف مخرجين آخرين تتناول مختلف أوجه ومزايا الأمير بأكثر تفصيل أنه مستحيل أن يجيب فيلم وثائقي مدنته 96 دقيقة على كل الأسئلة حياة شخصية بحجم الأمير عبد القادر واعترف أنه في البداية خصص جزء لتناول علاقة الأمير بالماسونية و سوريا لكنه تراجع بسبب الحساسيات ولأنها قضايا إشكالية من المسكوت عنها في التاريخ الجزائري ويجب أن تفهم في سياق معين دون تسييسها وبالتالي رأى تفادي ذلك معتبرا أنه لم يمارس الرقابة على فيلمه بل كانت له مطلق الحرية في تجسيد مشروعه الذي قدم تفاصيل عن سبب تقديمه في الوقت المحدد بسبب جملة من المشاكل ضمنها الأزمة السورية التي حالت دون تصوير جزء مهم من عمله بها كما كان مبرمجا . و بخصوص القوال الذي رافق مختلف مراحل الفيلم وحمل النص صوتيا وأبدع فيه الفنان القناوي أمازيغ كاتب ياسين قال المخرج « سالم براهيمي أنه فضل إستخدام اللغة الدارجة الجزائرية المهذبة مع الإعتماد على المصطلحات باللغة العربية الفصحى وأشار أنه تردد في الأول لأنه كان مع خيار إستخدام القوال للغة العربية لكنه تراجع ليوازن حيث بعد عرض نسخة الفيلم على نخبة من أصدقاؤه السينمائيين من سوريا ولبنان ومصر والبحرين وغيرها إتضح أن اللغة المستخدمة كخلفية للنص كانت مفهومة وقريبة من اللغة العربية الفصحى وتم إسيتيعابها وخاصة كما أوضح أن الموسيقى كانت مؤاتية ورافقت النص واللقطات التي تم تصويرها . ومن جهته أكد الفنان أمازيغ كاتب ياسين وهو الذي رافق صوته الفيلم الوثائقي «عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية« أنهى جد سعيد بهذه التجربة الأولى حيث أدى دور القوال الذي حمل روح النص الذي يحكي عن رحلة الأمير عبد القادر مع النضال العسكري والتصوف والشعر وغيرها من أوجه نبوغه وأضاف أمازيغ كاتب أنه فضل تقديم النص باللغة الدارجة المهذبة التي يفهما الجزائريين دون المساس بجوهر اللغة العربية الفصحى حيث بعد أن إقترح عليه المخرج سالم إبراهيمي باللغة العربية الفصحى بادر هو إلى إعادة كتابة النص الأصلي وكان وفيا له لأنه أٍراد أن يتكلم القوال باللغة التي يفهما الشعب الجزائري وهي لصيقة بيومياته وبعد أخذ ورد قبل المخرج ونجحت التجربة . تضمن الفيلم الوثائقي شهادات قوية ونادرة لنخبة من المؤرخين والسياسيين والكتاب من الجزائر وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وغريها ذو ويتناول حياة الأمير بعد نفيه وسجنه بفرنسا ببو وأمبواز ثم توجهه نحو تركيا ببورصا وصولا إلى سوريا والمكانة التي احتلها هناك بفضل تاريخه و مواقفه المشرفة والمؤثرة في تاريخ سوريا بعد أزمة المسيحيين الشهيرة ، و اعتمد العمل على حوارات ومقابلات مع العديد من المؤرخين الأجانب ، و المختصين في تاريخ الجزائر و الكتاب الذين كتبوا عن الأمير عبد القادر سواء في الجزائر أو الخارج واشترك في كتابته سيناريو العمل الوثائقي الذي أنتجته ونفذته شركة باتمان فيلم وفامبير فيلم الثنائي المخرج سالم براهيمي و أودري براسار ، ويروي عبر 96 دقيقة من الزمن الوثائقي مسارات الأمير عبد القادر و ظروف تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة بعد أن سقطت في مخالب الاستعمار الفرنسي، و سيغوص العمل في جوانب عديدة من عبقرية الأمير عبد القادر في جوابها السياسية والعسكرية والصوفية والأدبية وغيرها من الزوايا التي ميزت مسار الأمير عبد القادر الجزائري . للتذكير الفيلم الوثائقي « عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية « هو ثاني عمل للمخرج سالم براهيمي الذي سبق وأن أنجز رفقة المخرج شرقي خروبي فيلما وثائقيا حول المهرجان الثقافي الإفريقي في الجزائر بعنوان إفريقيا العودة سنة 2009 ويمتلك المخرج سالم ابراهيمي تجربة في مجال الإنتاج السينمائي إذ أنتج الفيلم القصير «قاتل الأسماك الصغيرة « لألكسندر غافراس، وساهم إلى جانب دونيس شوينار في كتابة سيناريو فيلم «ملاك القطران « وأنجز أفلاما عدة بالشراكة مع كوستا غافراس فأنتج فيلم « كرطوش غولواز « للمخرج الجزائري المغترب مهدي شارف وفيلم « سيدي الكولونيل « للمخرج لوران هيربييه كما عمل مع منتجين ومخرجين آخرين من بينهم طوني غاتليف وكلير دونيس . الوثائقي «عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية« للمخرج سالم براهيمي حقق عناصر النجاح وهو عمل مميز وقوي خاصة على مستوى الرؤية الإخراجية الواعية واحترافية التصوير و الموسيقى والأداء القوي للقوال أمازيغ كاتب ياسين حيث إستخدم أحدث الوسائل للتصوير .