قدم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جملة من المبررات لقرار الجزائر القاضي بمشاركة في الاحتفالات الخاصة بالعيد الوطني الفرنسي التي أقيمت أمس بباريس بمشاركة 80 دولة، وقال في رسالة بعث بها إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن هذه المشاركة تعد بمثابة تكريم للضحايا الجزائريين الذين شاركوا في الحرب العلمية الأولى، واضعا إياها ضمن الديناميكية التي تعرفها العلاقات بين البلدين منذ 2012 والتوافق على ضرورة تجنب الحزازات الناجمة عن ماض أليم من خلال فتح كافة الملفات المتعلقة بالذاكرة المشتركة. تضمنت برقية رئيس الجمهورية إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمناسبة احتفالات بلاده بالعيد الوطني ومئوية الحرب العالمية الأولى، رسائل كثيرة للرأي العام الوطني وقدم من خلالها تفصيلا للأسباب التي جعلت السلطات الجزائرية تقبل بالمشاركة في الاحتفالات التي جرت أمس بشارع »الشونزليزيه« وسط العاصمة الفرنسية باريس، وقال رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برقية تهنئة إلى الرئيس الفرنسي أن إقدام فرنسا على »تكريم الآلاف من الضحايا الجزائريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى اعتراف بتضحيات الشعب الجزائري وبتمسكه بمثل الحرية التي مكنته من استرجاع استقلاله«. وأوضح الرئيس بوتفليقة مخاطبا فرانسوا هولاند: »إن إقدامكم بمناسبة احتفالات 14 جويلية على تكريم الآلاف من الضحايا الجزائريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى اعتراف بتضحيات الشعب الجزائري وبتمسكه بمثل الحرية التي مكنته من استرجاع استقلاله وسيادته مقابل ثمن باهض ومن المشاركة في استرجاع حرية الشعب الفرنسي«، وأضاف الرئيس بوتفليقة:»وقد جاء هذا الإقرار بتضحيات الشعب الجزائري ليعزز رغبتنا المشتركة في بناء شراكة نموذجية بين بلدينا تستجيب لمصالحنا المتبادلة ولتطلعات شعبينا«، وواصل مخاطبا فرانسوا هولاند قائلا: »منذ زيارة الدولة التي قمتم بها إلى الجزائر في ديسمبر 2012 تسنى لنا تجنب الحزازات الناجمة عن ماض أليم من خلال فتح كافة الملفات المتعلقة بالذاكرة المشتركة بين شعبينا بروح بناءة ستتيح لنا ولا ريب توثيق علاقاتنا في سائر المجالات«، مؤكدا من جانب أخر أن بهذه المناسبة »يروقني والشعب الفرنسي يحتفل بعيده الوطني الذي يتزامن هذا العام مع الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى والذكرى السبعين للإنزال بمنطقة بروفانس أن أتقدم إليكم باسم الجزائر شعبا وحكومة وأصالة عن نفسي بأحر التهاني وصادق التمنيات باطراد الرقي والازدهار لفرنسا تحت قيادتكم«. وشاركت الجزائر بوفد من ثلاثة عسكريين في الاحتفال ب »الشانزيليزيه« ، بينهم ممثل عن الحكومة هو وزير الطاقة ، و كان مقررا أن يرفع علم الجزائر في افتتاح الاحتفالات فقط ولا يرفع في باقي المراسيم، ويطرح إيفاد رئيس الجمهورية يوسف يوسفي لقيادة الوفد الجزائري في الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي تساؤلات كثيرة على اعتبار أن في مثل هذه المناسبات يكون رئيس الحكومة أو على الأقل وزير الخارجية هو من يمثل الجزائر، فهل أرادت السلطات الجزائرية خفض التمثيل لتفادي الحرج الذي لا تزال تواجه بسبب قرار المشاركة الذي لا يلقى إجماعا حتى داخل السلطة وترفضه العديد من قوى المعارضة. وأثارت مشاركة الجزائر لأول مرة منذ الاستقلال في احتفالات فرنسا بعيدها الوطني المصادف لل 14 جويلية، زوبعة من الجدل في فرنسا وفي الجزائر على حد سواء، ورفض اليمين المتطرف رفقة العديد من المنظمات الممثلة للحركى وللأقدام السوداء قرار الحكومة الفرنسية بدعوة الجزائر للمشاركة في مراسيم الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، رد عليها وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس قائلا: »لا يوجد أي شيء يثير الصدمة وأن فرنسا تريد فقط تكريم كل الذين شاركوا في تحريرها ودافعوا عنها«، وكان كلامه موجه بشكل خاص إلى زعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان التي قالت أن رؤية جنود جزائريين في الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي »يصدمني«. فيما اعتبرت العديد من الفعاليات السياسية في الجزائر خاصة تلك المتواجدة في المعارضة أن المشاركة تعد مساسا بتضحيات الجزائريين وأنها ليست أولوية وأن الأولى بالنسبة للجزائر هي مطالبة باريس بضرورة أن تعترف بماضيها الاستعماري في الجزائر، وبدا جليتا أن قرار المشاركة لم يحقق الإجماع حتى داخل السلطة، خاصة بعدما أعلنت المنظمة الوطنية للمجاهدين ممثلة في أمينها العام سعيد عبادو رفضها لهذا القرار. وكانت فرنسا هي التي بادرت بالإعلان عن هذا الخبر عن طريق وزير الخارجية لوران فابيوس قبل أن تؤكده الحكومة الجزائرية على لسان وزير الخارجية رمطان الذي أعلن بصفة رسمية مشاركة الجزائر في احتفاليات 14 جويلية بفرنسا، معتبرا أن هذا أمر طبيعي باعتبار فرنسا ضمن 80 دولة التي شاركت شعوبها في الحرب العالمية الثانية، ليضع لعمامرة حدا لتضارب الأنباء حول مشاركة الجزائر في احتفالات العيد الوطني الفرنسي من عدمها وقال لعمامرة أن مشاركة الجزائر في احتفالات 14 جويلية ورفع العلم الوطني للجزائر المستقلة وذات السيادة في سماء فرنسا هو اعتراف لما قدمه الشعب الجزائري من تضحيات ودفعوا دماءهم لتحرير فرنسا وأوروبا من الهمجية، فيما صرح عبد العزيز بن علي الشريف، الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية مؤكدا أن »كثيرا من الجزائريين ضحوا بأنفسهم وسالت دماؤهم بغزارة ضد الظلم والغطرسة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، إذن، الهدف من المشاركة، هو الإظهار للعالم أن الجزائريين ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية وضد النازية والظلم«.