تعيش المؤسسات التربوية عبر الوطن حالة مُلفتة للانتباه من التباين الكبير الحاصل بينها في عملية تعويض الدروس الضائعة للتلاميذ، بسبب إضراب النقابات، وعلى وجه الخصوص إضراب نقابة »كناباست«، الذي تواصل لأكثر من شهر، وترى قيادات نقابية أن الوضع الجاري هو نتاج عملي لتعليمة الوزيرة بن غبريت ، وتصريحاتها المتتالية، التي أمرت فيها بترك حرية التصرف في عملية التعويض للمؤسسات التربوية، وحالات حضور التلاميذ من عدمها، وما يراه الأساتذة مفيدا للتلقين. نبّه الكثير من الأساتذة والمتتبعين للشأن التربوي أن عملية التعويض الجارية في الأسبوع الأول من العطلة ليست هي على أحسن ما يُرام، وتشُوبُها الكثير من الاختلالات، التي يُحمّلون فيها وزارة التربية المسؤولية، ويؤكدون جميعهم أن وزارة التربية، والوزيرة بن غبريت ومساعديها تحديدا، كانوا صرحوا وأعادوا التصريح على أن عملية تعويض الدروس الضائعة بسبب الإضراب تُعوض من قبل الأستاذ بشكل منهجي كامل، في حال حضور وتواجد كل تلاميذ القسم، أما في حالة ما إذا كان حضور التلاميذ ضعيفا فللأستاذ الحرية في أن يخصّ الحضور بالمراجعة، والتلقين وفق ما يراه مفيدا ومناسبا. وطالما أن لكل أستاذ رؤيته وطريقته في التلقين، وحرية اختيار ما يُلقّن فإن عملية التعويض الجارية تعيش حالة كبيرة من الفوضى وعدم التجانس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وهذا هو الأساس فيما نعني أن تلاميذ أقسام البكالوريا في أغلبيتهم الساحقة قاطعوا ثانوياتهم منذ الأيام الأولى للإضراب، وهم اليوم كذلك يواظبون على عدم الحضور، مُفضّلين مُواظبتهم على تلقّي الدروس الخصوصية خارج ثانوياتهم، والمؤسف أن منهم من يتلقون هذه الدروس عند نفس أساتذة ثانوياتهم، ويدفعون مبالغ مالية معتبرة من أجلها، وهؤلاء الأساتذة) الذين هم ليسوا أغلبية( ليست لهم الشجاعة ولا أخلاق الأستاذية التي تحرك ضمائرهم، وتلزمهم بتوجيه النصح المطلوب لهؤلاء التلاميذ، الذي منهم أعداد كبيرة مصنفة في عداد الفقراء، وأولياؤهم وفق ما يُقال »يُخرجونها من بطونهم مُقابل تدريس أبنائهم«. وما هو اليوم مثار تجاذب وأخذ ورد بين جميع تلاميذ أقسام البكالوريا وأوليائهم هو مسالة الأسئلة التي ستتركز عليها امتحانات البكالوريا في كامل موادها، وحتى وإن كانت وزيرة التربية نورية بن غبريت صرحت وأعادت التصريح من أن تلاميذ البكالوريا »لن يُمتحنوا سوى في الدروس التي تلقوها« ، فإن التلاميذ وأولياءهم يرون أن هذه التصريحات مطمئنة، ولكنها غير كافية، ولا تفي بما هو مطلوب، وأنهم يرون أنه على وزارة التربية أن تُقدم على »تحديد عتبة الدروس«، مثل ما كان الحال عليه طيلة السنوات الماضية، وهم حين يفكرون بهذه الطريقة وهذا المنطق، فلأنهم يعتقدون أن »تحديد عتبة الدروس هو حق مكتسب«، ولا مجال للتفريط فيه، وأن ما كان حقا لغيرهم في السنوات الماضية هو أيضا حق لهم اليوم، والمسؤولية في المطالبة بالعتبة تقع على وزارة التربية والنقابات. وما يراه التلاميذ في هذا المقام هو ما يراه أولياء التلاميذ وجمعياتهم عبر الوطن، وحتى وإن كان أغلب الأولياء يرفضون رفضا قاطعا تحرك أبنائهم خارج أسوار الثانويات، والنزول إلى الشوارع، إلا أنهم في نفس الوقت هم وأبناؤهم في حالة ترقب وانتظار لما ستُقدم عليه الوزيرة بن غبريت، وتُعلن عنه رسميا هذه الأيام.
وحسب المؤشرات الحالية المعلن عنها ضمنيا من قبل الوزيرة بن غبريت، فإن هذه الأخيرة مازالت مصممة على عدم التراجع على القرار الذي اتخذته منذ مدة، القاضي ب » إلغاء عتبة دروس امتحان البكالوريا «، لأنها ترى في أن التمسك ب »العتبة« يضر بالتلاميذ، ويُضعف ويُسيء إلى سمعة شهادة البكالوريا«، التي يرى جميع المختصين في أن امتحانها مازال هو الامتحان الوحيد البعيد عن كل الشوائب، إذا ما استثنينا بعض الممارسات المعزولة السائدة، وفضائح الغش التي حدثت قبل سنتين، والمكيدة التي دُبّرت بشكل صارخ لتنحية الوزير الأسبق علي بن محمد. ومع أن هذا هو موقف الوزيرة بن غبريت في »العتبة« إلا أنها حاليا هي في تفكير متواصل مع طواقمها المساعدة من أجل التوصل إلى صيغة تُرضي التلاميذ، ولا تُلزمها بالتراجع عن قرارها المتخذ.