أحيت سيدة الطرب العربي الفنانة وردة الجزائرية، أول أمس، حفلا ساهرا، تغنت فيه على مدى أكثر من ساعة من الزمن بالجزائر وثورتها المجيدة، وقد صنعت أغاني وردة الوطنية، إلى جانب عدد آخر من الأغاني الثورية التي أدتها الكورال والأوركسترا الوطنية أجواء ملحمية، كانت الرد الأنسب على كل محاولات فرنسا إسكات صوت التاريخ والحقيقة. الاحتفالات الرسمية بثورة الفاتح من نوفمبر المباركة، جاءت هذا العام أكثر قوة ودلالة، ربما لأنها الذكرى الخامسة والخمسون لاندلاع ثورة ملأت الدنى وشغلت الورى، أو ربما أيضا لأن على الثقافة باعتبارها أقدر على إيصال الرسالة من السياسة أن ترد على كل محاولات التشكيك أو إخفاء الحقائق التي تحاك ضد الجزائر، ولعل كل من حضر هذه الاحتفالات أو حتى المواطنون الذين حملوا أعلاما وجابوا بها شوارع العاصمة مع اقتراب الساعة الصفر لإطلاق أول رصاصة مباركة في ثورة نوفمبر الخالدة، كل هؤلاء قالوا بطريقتهم ما عبر عنه وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم عندما قال:» أجل، لقد طوينا الصفحة، لكننا لم نمزقها«. الجزائر احتفلت رسميا أول أمس بذكرى نوفمبر الخامسة والخمسين بأغان وطنية قدمتها الكورال والأوركسترا السيمفونية الوطنية، خلال حفل فني ساهر نظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام، بإشراف من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ووزارة المجاهدين. الحفل الذي أقيم بقاعة الأطلس بباب الواد كان قبلة للمسؤولين من وزراء يتقدمهم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، مرفوقا بوزير المجاهدين محمد الشريف عباس، ونور الدين موسى وزير السكن، وزير التجارة، الهاشمي جعبوب، وزير البريد والمواصلات وتكنولوجيا الاتصال عبد الحميد بصالح ، ووزيرة الثقافة خليدة تومي، وكاتب الدولة المكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي، كما شهد ا أيضا حضور الأسرة الثورية من مجاهدين وعائلات شهداء، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني، وسفراء دول معتمدين في الجزائر أبوا إلا أن يشاركوا الجزائر إحياء هذه المناسبة التي لها أيضا بعد عربي وإنساني مازال راسخا في أذهان كل الشعوب المحبة للحرية والعزة والكرامة. وقد استهل الحفل الذي انطلق في تمام الساعة العاشرة مساءا، بأناشيد قدمتها الأوركسترا الوطنية غنت فيها للثورة والاستقلال والجهاد في سبيل الوطن، حيث كان أول مقطع من هذه المقاطع نشيد» اشهدي يا سما« للإمام عبد الحميد بن باديس وتلحين لمين بشيشي، متبوعا بنشيد من جبالنا لمحمد العيد آل خليفة، ونشيد يانوفمبر أنت عيد لمحمد الأخضر السائحي، وكذا جزائرنا يا بلاد الجدد وأنشودة الغائبين، وكذا أنشودة هامات الجزائر التي ألفها الشاعر عمر البرناوي، ولحنها الأستاذ شريف قرطبي متبوعة بأنشودة قبائلية للفنان شريف خدام تحت عنوان:» الجزائر إن شاء الله تحلو« ونشيدي »يا شهيد الوطن« و »من دماء القلوب« إلى جانب نشيد » إشراقة نوفمبر« التي لحنها الفنان بلاوي الهواري. أما الفقرة الثانية، فقد أحيتها أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية التي غنت للجزائر الحرة، لجزائر البناء والتشييد، لجزائر الاستقلال، وردة التي صفق لها جمهور القاعة طويلا، ظهرت بزيها البسيط والأنيق في آن واحد أمام ديكور تميز بسطوع ألوان علم الجزائر صانعة لوحة فنية متفردة عنوانها ملحمة الجزائر بصوت ملائكي. الفنانة وردة التي قالت في إحدى أغانيها عن الجزائر: » يا أم السادة والأحرار يا أمي أنت يا كبيرة، يا قلب العالم يا جزائر تعيش إن شاء الله منصورة« استطاعت بصوتها القوي أن تقول إن الجزائر مثلما خاضت ثورة قوية كثورة نوفمبر لا تتردد اليوم في خوض معارك التشييد واحدة تلو الأخرى. أميرة الطرب العربي قدمت أيضا أغنية للشاعر سليمان جوادي تحت عنوان:» وتبقى الجزائر «كما غنت أيضا» نداء الضمير « و» صوت الجزائر« ، لتختم بالأغنية التي طالما ارتبطت بمناسبة الفاتح من نوفمبر وهي» عيد الكرامة« التي ألهبت جمهور القاعة فصفق لها طويلا وهلل وزغرد وردد مقاطعها التي مازالت -وإن مرت عليها سنوات- حية بنفس القوة والدلالة، وقد زاد من حرارة الأغنية العلم الجزائري الذي كانت ترفعه سيدة الطرب العربي بكل حب واحترام وفخر. واختتم حفل إحياء الذكرى الخامسة والخمسين لثورة نوفمبر، و الذي دام قرابة الساعتين من الزمن بتكريم الفنانة وردة من طرف الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم ووزير المجاهدين محمد الشريف عباس اللذين قدما لها باقة من الورود، لينتقل الجميع بعد ذلك إلى ساحة كيتاني باب الواد لحضور استعراض بصري للألعاب النارية في تمام الساعة منتصف الليل، واستمتع الحضور بعد ذلك إلى النشيد الوطني، وكذا أنشودة نوفمبر للشاعر مفدي زكريا، وأنشودة سلام للشاعر عمر البرناوي. وجدير بالذكر أن الجزائر العاصمة على غرار بقية مدن الجزائر لم تنم ليلة أمس، حيث ظل عدد كبير من المواطنين في الخارج ينتظرون حلول الساعة الصفر التي تخللتها ألعاب نارية أحالت ليل العاصمة إلى نهار، بل إن البعض منهم فضل حمل العلم الوطني في سيارته مرددا »إن شاء الله يزيدوا يفرحونا لولاد يوم 14 نوفمبر«. وأمام هذا المشهد الذي كان كبيرا كبر ثورة نوفمبر يمكن أن نقول إن فرنسا تستطيع أن تستنفذ كل حيلها في استهداف تاريخ ثورتنا المجيدة، لأن مثل هذا المشهد وغيره سيكون خير رد على كل الحملات الفاشلة، ذلك أن أجيالا بكاملها ستسير على خطى مباديء نوفمبر الراسخة.