على إثر المحاولة الفاشلة التي قام بها النيجيريّ عمر الفاروق عبد المطّلب لطائرة أمريكيّة، في رحلتها من أمستردام إلى ديترويت، بادرت مجموعة من الدّول الغربيّة إلى فرض إجراءات تفتيش مكثّفة وجديدة لضمان أمن المطارات والمسافرين جوّا. وقد لقيت أساليب التفتيش الفنيّة والتقنيّة هذه، وكذا وضع قائمة للدّول أصبح مواطنوها موضوع »إجراءات تفتيش خاصّة«، بدعوى أنّها مصدرا محتملا لعبور أو انطلاق الإرهابيين، لقيت انتقادات واسعة من حيث جدواها الفعليّة ومن زوايا أخلاقيّة وصحيّة وسياسيّة. فبعد ساعة من اكتشاف المحاولة الفاشلة للشاب عبد المطّلب، طالبت الولايات المتّحدة، بأن يخضع كل القادمين لأراضيها لإجراءات تتفتيش جسديّة دقيقة، وإلى معاينة أمتعتهم وحقائبهم اليدويّة على أعتاب امتطاء الطائرة. ولعلّ أهمّ إجراء اتّخذته الولايات المتّحدة ضمن ردود فعلها على محاولة عبد المطّلب، هو إخضاع جميع المسافرين القادمين إلى الولاياتالمتحدة إلى انتقاء عشوائيّ ليتمّ تفتيشهم بصفة مكثّفة مقابل تعميم ذلك التفتيش الدّقيق على المسافرين القادمين أو العابرين من 14 دولة، من بينها الجزائر. يضاف إلى ذلك قرار البدء بتوسيع استعمال أجهزة المسح الكليّ للجسم. وقد سارع هنا رئيس الوزراء البريطانيّ لتأكيد تأهّب بلاده لإدخال أو توسيع تنفيذ تلك الإجراءات أو ماشابهها. وتلته دول أوروبيّة أخري مثل الدانمرك وفرنسا. كما أنّ السلطات الإيطاليّة دافعت عن استعمال أجهزة المسح الجسديّ تأكيدا لبيان الجهاز التنفيذي للإتحاد الأوروبي الذي أصدره على إثر اجتماع اللّجنة التنظيميّة لأمن الطيران المدني في الإتحاد الآوروبيّ، داعيا لاتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة متطلبات أمن الطائرات والمطارات. ومنذ أسبوع مضى أعلن وزيرالداخليّة البريطانيّ عن إجراءات لم تعرف المملكة المتّحدة مثل أهميّتها منذ إصدار قانون أمن المطارات سنة 2006. فقد كشف عن أنّ مطار هيثرو ستدخله خلال ثلاثة أسابيع أجهزة المسح الجسدي الكليّ. كما استعرض جملة من الإجراءات الأخري التي تمّ اعتمادها على غرار الولايات المتّحدة لكشف المتفجّرات المخبّأة تحت الملابس مثل تشخيص سلوكات المسافرين واستعمال كلاب التفتيش المدرّبة. ووعد أيضا بتنصيب أجهزة خاصّة لاكتشاف السوائل قبل نهاية العام، مشيرا إلى أنّ مثل تلك المتفجّرات لا يمكن رصد أكثر نصفها في الظروف الراهنة وبالوسائل الحالية. وفي لقاء له مع الصانداي تايمز ذكر وزير النقل البريطانيّ اللورد أدونيس أنّ المسافرين سيخضعون أيضا إلى انتقاء حرّ من طرف حرّاس الحدود بمجرّد الشككّ في كونهم مسافرين »على درجة عالية من الخطورة«.. وذكر أنّ المسافرين سيخضعون في المستقبل إلى تفتيشين، ثانيهما يتمّ لدى امتطاء الطّائرة، مثلما طالبت الولايات المتّحدة. كما سيتمّ أيضا حصر حريّة تنقّل الركّاب داخل الطائرة، وكذا توسيع اللّجوء لكلاب الشمّ في عمليّت التفتيش. كما أنّ المسافرين عبر »الترانزيت« سيخضعون أيضا لإجراءات التفتيش والمسح الجسديّ الكامل. ونذكر أنّ مصالح الأمن الفرنسيّة كانت إثر عمليّة عنصر القاعدة »التائب« لاغتيال الأمير السعوديّ محمد بن نايف في مطلع أكتوبر الماضي، التي استعمل فيها متفجّرات مخبّأة تحت ملابسه، قد كشفت عن نيّتها في تطوير إجراءات ووسائل التفتيش لتتلائم مع أساليب القاعدة الجديدة، حسبما كما أوردته وقتها صحيفة الفيغارو. وفي ذات الوقت حذّرت شركة تكساس الأمنيّة الأمريكيّة من ضخامة المخاطر التي تنجم عن استعمال مثل تلك الوسائل داخل الطائرات. وعلى العموم فقد كانت تلك الرّدود خاضعة لمعطيات سياسيّة محليّة أو منافع تجاريّة في الأفق. الظاهر أنّ محاربة ما يسمّى بالإرهاب له أعلى مردود سياسي لدى الرأي العام المحليّ في كلّ الدّول الغربيّة. وقد حذّر الخبير الفرنسي لأمن الطيران في أكتوبر الماضي من التسرّع في ردّ الفعل على نشاطات المتطرّفين. وقد سجّلت الغارديان في إحدى افتتاحياتها أيضا كون أنّ بعض الخبراء لاحظوا أن تلك القرارات كانت متسرّعة بشكل يثير الشك في جدواها أصلا. وفي نفس السياق، علّق نورمان شانكس، رئيس الأمن لدي شركة الطيران البريطانيّة الوطنيّة السابق، قائلا: »إنّ تلك الإجراءات المفروضة من السلطات الأمريكيّة غير عمليّة ومن شأنها أن تخلق ازدحاما مع قليل من التحسّن في أمن المسافرين«، وذكر أنّ تحديد حقيبة اليد بواحدة فقط لكلّ شخص، من شأنه أن يدفع المسافرين إلى حشوها بكثافة يستحيل معها لجهاز المسح أن يكتشف الأدوات الخطيرة. ومن شأن الحلول المتّبعة والمقترحة الجديدة أن تُعقّد من إجراءات السّفر وتزيد في مدد تعطيل سيولة المسافرين وانتظام الرحلات. وفعلا، فبعد أن تمّ البدء في تنفيذ تلك الإجراءات المستعجلة التي طالبت بها الولايات المتّحدة، عانت الرّحلات المنطلقة من مطاري هيثرو وغاتويت إلى أمريكا تأخيرا وصل إلى أكثر من ثلاث ساعات. وعلى الرّغم من أن وزير الداخلية آلن جونسون قد وعد بسن قانون لقواعد استعمال جهاز المسح الجسديّ، إلا أنّ الإنتقادات كانت واسعة. ومن أهمّ القضايا المثارة حول استعمال هذه الأجهزة هو تكلفة هذه الوصفة الباهضة، حيث يبلغ سعر الجهاز الواحد أكثر من 100 ألف جنيه استرليني أيّ قرابة مليون و200 ألف دج. وبالتالي، وفي ظل الأزمة المالية وتراكم الديون العموميّة، كيف سيتمّ توزيع هذه المبالغ سواء على دافعي الظرائب أو المستهلكين. ويضاف لمبالغ الأقتناء، تكاليف إقامة هذه الأجهزة الضخمة التي ليس من السهل أن تتوفّر لها المساحة المطلوبة في المطارات الحالية. وقد وجّه وزير حكومة الظل للشؤون الداخليّة في حزب المحافظين، انتقاده لوزير الداخليّة بالمملكة المتّحدة لكونه كان: »غامضا فيما يتعلّق بفعاليّة أجهزة المسح الجسديّة، وخاصّة عمّا إذا كان من الممكن تعميمها على كلّ مطارات المملكة«. كما تذكّر الكثيرون تلك الخلاصة التي نشرها باحثون بالمجلّة الأمريكيّة للكشف بالأشعّة والذين قالوا أنّ مرور الجسم كاملا، مرّة واحدة للكشف بأشعّة إكس، ينفث فيه الجهاز مقدارا من الأشعة يساوي ما يتبقى في جسم شخص تعرّض لقنبلة ذرية. وقبل ذلك كانت البروفيسورة جانات هازبان، رئيسة المعهد البريطاني للفحص بالأشعّة، قد قالت بأنه على الرّغم من سعي الشركات الصناعيّة لتخفيض نسبة الأشعّة المتسرّبة من جهاز المسح الكامل لجسم الإنسان: »إلا أنّ تلك النسبة لا تتناسب مع فوائده الصحيّة«. أجهزة المسح الكامل للجسم وقد كتب فيليب بوم رئيس تحرير مجلّة »أمن الطيران العالميّ«، عن مدى هشاشة الطيران الجويّ لكون أنّ جهاز »القوس المعدنيّ الكاشف«، الواسع الإستعمال الآن، لا يمكنه سوى أن يرصد المعادن. ولكنّه انتقد بشدّة تسرّع استسلام العديد من الحكومات إلى استعمال جهاز »المسح الشّامل للجسم« حيث أقرّ بقدرته على أن يكشف السوائل أو الموادّ المخبّأة تحت الملابس، إذا كان بيد خبير لتشغيل ذلك الماسح Scanner. ولكنّه يرى أنه من الخطإ استعمال هذه التكنولوجيا لمشاهدة أجسام كلّ المسافرين على الشاشة، لأنّها ليست فقط أجهزة باهضة التكلفة وإنّما أيضا لكونها بطيئة جدّا. وهذا من شأنه، على الأقلّ، خلق اكتظاظ للمسافرين – وذلك هو المحيط المفضّل للمجرمين. وانتقد فيليب بوم دعوة رئيس الوزراء غوردن براون للتركيز على: »البحث عن أحسن الإبتكارات القادرة على كشف المتفجّرات والأسلحة والخناجير، وأمثالها، المخبّأة تحت الملابس«، وقال: »نعم، التكنولوجيا لها أهميّتها، ولكنّ التركيز في غير محلّه، لأنّه يتّجه للبحث عن الأدوات المحظورة بدلا من البحث عن نوايا الإجرام«. ويضيف: »بدون هذا التمييز، سيُضيِّع رجال الأمن وقتهم في بحث المسافرين العاديين متجاهلين المخاطر التي قد يتسبّب فيها بعض الأفراد للطّائرة. كما أنّ الإرهابيين سيكتشفون حيلا جديدة للتّأقلم مع آخر التكنولوجيات«. نقد جهاز المسح وفي هذا الإطار ترى الدكتورة آنابال لوفر، الباحثة بمعهد العلوم، وأخلاقيات المهنة والإبداع التابع لجامعة مانشستر، أنّ المسح الشّامل للجسم الذي يقدّم صورة كاملة لجسمنا بدون ملابس ويرصد الأسلحة والمتفجّرات سيكشف أيضا عن استعمال النساء، مثلا، لأجهزة منع الحمل أو غيرها من الوسائل الصحيّة، وذلك يُعدّ تَعَدِّ على حرمات الأفراد وحياتهم الشّخصيّة، كما أنّه يطرح مسألة المساوات بين الأفراد والجماعات سواء تمّ تحديدهم بسب موطنهم الأصليّ أو جنسهم أو دينهم أو مسلك سفرهم. ولكنّ جونسون، وزير الداخليّة، يرى أنّ هذه الإنشغالات في غير محلّها: »لكون أنّ كلّ الصّور يتمّ محوها فورا، ولأنّ الشخص المكلّف بالمسح موجود في غرفة منعزلة... هذه اعتبارات هامّة ولكن ليطمإنّ كل من لديه شكّ بهذا الصّدد« يضيف. ومن عوائق استعمال أجهزة المسح في المملكة المتّحدة هو تعارضها مع قانون حماية القصّر الذي يمنع تعرّض من هم أقلّ من 18 سنة للتصوير، وهذا ما طالب كريس هون، الناطق باسم حزب الليبرليين في الشوؤون الداخليّة، بأن يتم احترامه. ولعلّ مثل تلك العوائق هي التي تُفسّر كون أنّ من بين أجهزة المسح الجسدي ال 150 الموزّعة على مطارات الولايات المتّحدة لا يُستعمل منها حاليا سوى 19 جهازا فقط. ونشير إلى أنّ الإدارة المكلّفة بالأمن في مجالات النقل قد عرضت مناقصة هذه الأيام لاستلام 150 جهاز جديد. تشخيص المسافرين وترى شركات إدارة الموانيء وشركات الطيران أنّ تشخيص المسافرين هو أنجع الوسائل. وفي نظر الكثيرين من المختصّين فإنّ تحسين قائمة المشتبه فيهم تبقي بديلا ناجعا. ويرى أندي هايمن، أحد رجال الأمن القدامى من مصلحة العمليّات الخاصّة لدى شرطة لندن، في مقال له بجريدة التايمز أنّ نجاعة القائمة تتوقّف على كفاءة العامل الإنسانيّ الذي يُقرّر دمج المعطيات وعلى مدى سلامة استفادته من دمج المعلومات التبادلة. ولكنّه يلاحظ أنّ هناك مشكل تضخّم في تلك القوائم، حيث أنّ القائمة الأمريكيّة للمشتبه فيهم، بحكم ارتباطاتهم بالقاعدة، تضم إسم أربعة آلاف عنصر. كما تضمّ قائمة المشتبه فيهم لدى مصالح الأمن البريطانيّة ألفي شخص. يضاف لذلك، كما يُوضّح، فإنّ درجة الخطورة المنسوبة لشخص ما قد تتغيّر مع مرور الزّمن، وبالتالي فإن جدوى القائمة يتوقّف على طريقة ترتيب المعلومات فيها وعلى مدى تحيينها. وترشيد هذه العمليّة يتوقّف على جمع مزيد من معلومات الأكثر دقّة، وهذا ما يتأتّى بتخصيص مزيد من الصّرامة في مقارنتها مع المعطيات الأخرى المحليّة والدّوليّة، ومزيد من المال والوقت. ولهذا، يستخلص، أنّ إخضاع كلّ المسافرين لنفس الصّرامة في إجراءات التفتيش، عدا إجراءات التفتيش الإعتياديّة للأفراد وبضائعهم، هو مضيعة للوقت والجهد والمال، إذ يجب توجيه كلّ الطاقات نحو مصدر الخطر الحقيقيّ لا غير. كما يعتقد أندي هايمن أنّ طريقة التشخيص هذه قد تستثير البعض، ولكنّي: »أعتقد أنّ غالبيّة المسلمين يتفهّمون أنّ التهديد الذي يواجهنا يستدعي إجراءات صارمة على أن يتمّ تطبيقها بطريقة حسّاسة«. وهذا ما ذهب إليه أيضا خالد محمود، عضو البرلمان العمّالي المسلم، والذي شجّع المسلمين على القبول بالتشخيص: "أعتقد أن النّاس يفضّلون أن يتمّ تشخيصهم على أن يتمّ تفجيرهم... وأنّهم سيفهمون أنّه عبر طريقة مثل التشخيص يمكن أن يتوفّر نوع من السلامة. " ويكفي هنا، حسب رأي بوم دعوة، تدريب محترفين أمنيين لتقدير مظاهر الأفراد وسلوكاتهم وفحص وثائقهم ثمّ تحديد التكنولوجيا المناسبة لكلّ مسافر. وبذلك، يُضيف: »لا نقع في مطبّ الحلول السياسويّة، ونضع نظاما ذكيّا يرتكز أساسا على دراسة الإحتمالات والمخاطر«. انتقاد اعتماد التشخيص ولكن فكرة اعتماد تشخيص الأفراد المشكوك فيهم، وفق مميّزات سلوكيّة ومعلوماتيّة محدّدة، قد أثارت انتقادات واسعة، خاصّة من طرف المدافعين عن الحريات المدنيّة وممثلي الأقليات. فالمسألة هنا متعلّقة أولا بتبعات التفتيش الأمنية بسبب ما يتمخّض، مثلا، عن لمس مناطق حساسة من جسم الإنسان من دلالات لاقتحام حرمة الأفراد وما تخلّفه من إحراج وإزعاج في معظم الأحيان. وتتعقّد المسألة عندما يتعلّق الآمر بالتفتيش الجسديّ للمرأة المسلمة أو مرورها على المسح الشّامل أو عندما يتعرّض الكثيرين للتّفتيش من طرف الكلاب. وفي هذا الإطار أيضا ترى الدكتورة آنابال لوفر، الباحثة بمعهد العلوم، وأخلاقيات المهنة والإبداع التابع لجامعة مانشستر، أنّ دعاة التشخيص يعتقدون بأنّ هذا الثمن يمكن تحمّله من طرف ذوي الحساسيات الدينيّة أو العرقيّة في حين أن الكثيرين من الخاضعين للتّفتيش قد يرون في ذلك إهانة أو نبذا أو تهديدا لهم لكونهم وُضعوا موضع الشكّ باعتبارهم إرهابيين. ولهذا تقترح العمل على تجنّب استثارة المشاعر التي قد ينجرّ استفزازها سواء كانت دينيّة أو عرقيّة أو إثنية أو غيرها باللّجوء إمّا للتّفتيش العشوائي أو الشامل، لكون أنّ الأفراد لن يثقوا في فعاليّة تلك الإجراءات الأمنيّة. وتتساءل الباحثة، عمّا سيجعل كلّ الكوبيين يتفهمون ويتقبّلون أن يكونوا عرضة للتّفتيش لمجرّد أنّ بلدهم لم يقبل بالخضوع للإرادة الأمريكيّة. أمّا إيد حسين الباحث الإسلامي البريطاني ومنسّق جمعية: »القيام« الإسلاميّة فيرى أنّ: »تشخيص المسلمين العاديين لا يفتح سبلا للقاعدة فحسب بل وسيتمخّض عنه مضايقة، واحتمال خسارة، المواطنين من المسلمين العاديين الذين نحن في حاجة ماسّة إلى كسبهم في صفّنا لمحاصرة القاعدة. وبدون اصطفاف عامّة المسلمين في صفّ واحد، لن تتمكّن القوى الغربيّة من أن تُلحق بالقاعدة ما تستحقّ من هزيمة«. ومن جهتها، أكّدت صحيفة الغارديان أن: »التشخيص على أساس العرق أو الدين، بشكل يميّزأفرادا عن آخرين بهدف التفتيش الدقيق، سينال قضيّة الأمن حتما بالسوء أكثر ممّا يخدمها. وبالطّبع، فإنّ معاملة المسلمين وغير البيض، بطريقة أقلّ اعتبارا، ستخلق حالة من الغضب من شأنها أن توفّر أرضيّة خصبة لدعاة الجهاد«. ومعلوم أن محتوى تقرير أعدّته آم أي 5 عمّن هو الإرهابي، كان تسرّب لصحيفة الغارديان سنة 2006، ملخّصُه أن ليس هناك طريقة سهلة للتعرّف على من يمكن أن يتورّط في الإرهاب بالمملكة المتّحدة لأنّه: »لا يوجد مسلك واحد نحو العنف المتطرّف«. وبأنّه: »يستحيل تحديد ملامح نموذجيّة للمتطرّف البريطانيّ لأن أغلبهم لا يمكن حصر خصائصهم الديمغرافيّة«. وترى الدكتورة آنابال لوفر أن الإختيار سيكون بين واحدة من الطرق الثلاثة: المراقبة الأمنيّة العالميّة الشاملة أو الإنتقاء العشوائيّ لبعض الإفراد وتفتيشهم تفتيشا دقيقا أو تشخيص المشتبه فيهم، ورصدهم. وهي تعتقد أنّ المطارات ستعرف في الزمن المنظور مختلف هذه الطرق فرادى أو مجتمعة: »ويبقى التحدّي بالنّسبة للذين يحرصون على حريّة الإفراد والمساوات فيما بينهم، مع توفير الأمن، هو تحديد مبرّرات استعمال كلّ واحدة من تلك الطرق، ووضع شروط لكلّ منها، وتقنينها في إطار عمومي، بدلا من التركيز على العنصر الدينيّ. أي أنّ هناك طرقا قانونيّة مفضّلة لضمان الحماية والحريّة والكرامة للمسافرين جوّا وكذا للطواقم«. وفي الوقت الذي يرى فيه اللورد أدونيس وزير النقل البريطاني بأنّ الآثار السلبيّة لتفتيش المشكوك في مظهرهم وسلوكهم سيتمّ تجاوزها بفضل التدريب العالي لشرطة الحدود وخضوعهم للرّقابة، فإنّ شامي شكرباتي مديرة جمعيّة »حريّة« لحقوق الإنسان، وهي أبرز المنظمّات ببريطانيا، حذّرت من مغبّة المبالغة في رد الفعل قائلة: »نحن جميعا نحرص على أمننا ولكنّ لابد من استنباط العبرة من الدروس السّابقة. وأيّ ردّ على عمليّات الإرهاب يجب أن يكون موزونا ومطابقا لاحترام قيم حقوق الإنسان في الكرامة، وحماية الحرمات الشخصيّة، والحريّة التي تعوّدت الحكومتان على ضفتي المحيط على التساهل في نسيانها«. [email protected]