لقد كان المؤتمر السادس لاتحاد مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي من أنجح المؤتمرات التي سبقته، مقارنة بالإمكانات التي وفّرتها الحكومة الأوغندية التي مكّنت لأعضاء الوفود الحاضرة من أن يعملوا في راحة من أمرهم، في جميع مناقشات ومداولات أجهزته وهيئاته. تمثل ذلك في تحضير وتجهيز قاعات العمل بما يناسب من مختلف الوسائل الضرورية وحضور المترجمين، وتنظيم الرحلات لمواقع طبيعية مثيرة، مثل منابع نهر النيل وشلالات جينجا، وسخاء التكفل بوجبات الأكل لأكثر من 300 مشارك إلى درجة البذخ. قد يكون ذلك بسبب مسيحية النظام السياسي في البلاد، كونه يستقبل ممثلي 29 دولة إسلامية، فأراد أن يبرز الوجه السمح للديانة المسيحية الذي يعتنقها كل من رئيس الدولة، ورئيس البرلمان. وقد يكون ذلك احتراما وتقديرا لثلث سكان أوغندا المسلمين، الذين يناهز عددهم ال 10 ملايين نسمة والذين من بينهم نواب وإطارات في الدولة. وقد يكون الأمر يتعلق بالسببين معا، وهو ما لا يشك فيه، وبذلك تكون السلطة الأوغندية قد ضربت عصفورين بحجر واحد وهي تحتضن مؤتمرا إسلاميا في دولة مسيحية. وبالحجر ذاته، أتت على عصفور ثالث، أبرزت من خلاله كرم الوفاد وحسن استقبال المسيحية للإسلام وهو ما نتمناه أن يعمّم على كل المسيحيين. بمباركة المسيح، ألقى رئيس الدولة المضيفة خطابا افتتاحيا تقليديا أمام المسلمين من عضوات وأعضاء الوفود، ولو أنه اعتز في مستهله بانتماء دولته" المسيحية " إلى حظيرة منظمة مؤتمر الدول الإسلامية. إلا أن مضمون الخطاب يقول للمسلمين، ماذا أنتم فاعلون؟ وماذا حضّرتم للأجيال القادمة؟ من إعمار وإنتاج وإنماء لا يستشف أبدا من الطرح انه تشف، بل من باب الصدق والنصيحة لا غير. لا تستعجل الحكم أيها القارئ الكريم، إنما تريث، وحتى لا أغرر بك، أخبرك أنه بالرغم من أنه كان مبرمجا أول المتدخلين، فإن فخامة رئيس الجمهورية وهو المدعو للإعلان عن افتتاح أشغال المؤتمر بعضوية دولته، لم يحضر مراسيم الافتتاح التي تُستهل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وبمداخلات تمجد الإسلام وتكرمه وتعلي شأنه عما سواه. فقد جاء فقط ليقول ويفتتح ويغادر، فأوضح بذلك ذكاء المسيحية التي تمارس طقوسها دون عياء وبخاصة في تعاملها مع الدين الإسلامي. وعلى هذا الوقع الروحي، جرت فعاليات المؤتمر السادس لاتحاد مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي الذي أجّل مناقشة إصلاحات نظامه الأساسي والبت فيها والتي كانت هي النقطة الأساسية المدرجة على جدول أعماله وبرنامج عمله. هكذا تم الأمر بمنتجع مونتونيو بكامبالا عاصمة أوغندا، درة إفريقيا وجوهرتها، وهي مثلما انفردت بمنابع النيل العظيم وبحيرة فكتوريا الكبرى، أولى البحيرات الإفريقية وثالث البحيرات العالمية، انفردت في نهاية يناير المنصرم بالجمع بين مضمون الإسلام ووجه المسيح... !؟