أكد مجلس الدولة الفرنسي أمس، أنه لا يوجد سند قانوني يسمح بفرض حظر تام على ارتداء النقاب وأن الحظر المطلق للنقاب يمكن أن يكون محل اعتراض قانوني، وهذا في وقت يؤيد فيه نواب اليمين الفرنسي الحاكم الحظر الشامل للنقاب ويدعون إلى تجاوز تحفظات مجلس الدولة. في تقريره الذي سلّمه أول أمس إلى رئيس الوزراء الفرنسي، رفض مجلس الدولة الذي يعد أعلى هيئة للقضاء الإداري في فرنسا، فرض حظر شامل ومطلق للنقاب، مشيرا إلى أنه لن يكون له أي أساس قانوني جازم، لكنه اعتبر أن ضرورة بقاء الوجه مكشوفا يمكن تبريرها سواء في بعض الأماكن أو للقيام ببعض الإجراءات لدواعي الأمن العام ومكافحة التزوير اللذين تعززهما المطالب الخاصة لبعض الأجهزة العامة. غير أن التقرير الذي أصدره مجلس الدولة الفرنسي، يترك هامشا من المناورة، كونه لا يوضح ما إذا كان منع النقاب يمكن تبريره في وسائل النقل والمتاجر والأماكن الخاصة للتواصل الاجتماعي المتاحة للجميع. وفي معسكر المعارضة، أعلن الحزب الاشتراكي رسميا، عدم تأييده لإصدار قانون بالمنع، فيما اعتبر جان ليونيتي أحد مسؤولي المجموعة البرلمانية لحزب الأغلبية، »التجمع من أجل حركة شعبية«، أن الحظر، إما أن يكون تاما أو غير مفهوم، مؤكدا أن مجموعته عازمة على تجاوز رأي مجلس الدولة، أمّا وزير العلاقات مع البرلمان هنري دو رينكور، فيؤكد أن دراسة النصوص ستبدأ اعتبارا من الشهر الجاري وستجرى على مرحلتين. وكان فرانسوا فيون، طلب أواخر جانفي الماضي من مجلس الدولة اقتراح حلول قانونية لتمكين الحكومة من طرح مشروع قانون ينص على »منع النقاب بأوسع درجة وأكثر فعالية ممكنة«، حيث دعا الاثنين الماضي النواب إلى تبني تشريع في الأسابيع المقبلة، وقال إن الحكومة الفرنسية تنوي في البداية تبني مشروع »قرار برلماني رسمي«، لكن غير ملزم، يحدد المبادئ التي تجعل من ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه غير مرحب به في فرنسا. وذكر أنه سيقترح على النواب أن يؤكدوا المبادئ الكبرى التي تحكم الجمهورية، وأن يذهبوا إلى أبعد ما يكون على طريق المنع الشامل للنقاب احتراما للمبادئ القانونية العامة، حيث تتفق هذه الخطة المؤلفة من مرحلتين مع توصيات بعثة برلمانية دعت إلى منع النقاب في المرافق العامة والمؤسسات العامة فقط، وبعد أيام على هزيمة فريقه القاسية في الانتخابات الإقليمية، هذا في وقت كرّر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القول إن »النقاب يتعارض مع كرامة المرأة وأن الرد على ذلك هو المنع«، غير أن ردّ مجلس الدولة الفرنسي، قطع الطريق على خطة الحكومة الهادفة إلى منع ارتداء النقاب منعا كاملا في الأماكن العامة وعلى الأراضي الفرنسية كافة، معتبرا أنه لا يوجد سند قانوني يسمح بفرض حظر تام على ارتداء النقاب وأن الحظر المطلق للنقاب يمكن أن يكون محل اعتراض قانوني. وكان دليل بوبكر عميد مسجد باريس قد أثار موقف الجالية المسلمة بفرنسا من قرار منع النقاب والبرقع في حوار نشرته أمس »صوت الأحرار« وقال إن موقفنا من هذه القضية واضح، حيث أن اقتراح مشروع قانون يحضر ارتداء النقاب أو البرقع في فرنسا هو موقف أو قرار غير شرعي وغير دستوري، وما يجب أن نعلمه هو أن الاجتهادات القانونية الموجودة في فرنسا وفي باقي الدول الأوربية تتعارض تلقائيا مع أي قانون يمس بالحريات الشخصية وحرية المعتقد وحرية الرجال والنساء والتدخل في لباسهم، هم أحرار في ارتداء اللباس الذي يرونه مناسبا وفق ما يتماشى ومعتقداتهم وتقاليدهم. وتتسم هذه المسألة، التي أثارها في البداية نائب شيوعي، بحساسية في بلد يضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا مع خمسة إلى ستة ملايين شخص، كما يوجد انقسام في الأحزاب بشأنها، ومن المتوقع أن تجرى الأمور من الآن فصاعدا بوتيرة أسرع، فيما يثير النقاش حول النقاب، جدلا في فرنسا منذ أكثر من ستة أشهر.