دعا عضو الحكومة المؤقتة، المجاهد، عبد الحميد مهري، إلى تبني تاريخ 19 سبتمبر 1958، يوم تأسيس الحكومة المؤقتة، كذكرى لميلاد الجمهورية الجزائرية، معتبرا أن هذه القراءة هي السليمة لتاريخ الجزائر الدبلوماسي، بربط ميلاد الجمهورية برحم الثورة، وقال مهري أن الغاية من إقامة الحكومة المؤقتة هو إعادة بعث الدولة الجزائرية، والتحطيم النهائي للوضع الاستعماري المفروض على الجزائر. تطرق عبد الحميد مهري في محاضرة له بمناسبة إحياء الذكرى 52 لتأسيس الحكومة المؤقتة، إلى الأهداف التي تبنتها لجنة التنسيق والتنفيذ بقرارها تأسيس الحكومة المؤقتة، فقد تم تأسيس هذه الحكومة لإعادة بعث الدولة الجزائرية بصفتها جمهورية مستقلة، والتحطيم النهائي للوضع القائم الذي كان مفروضا على الجزائر وهو اعتبارها جزء لا يتجزأ من فرنسا. وفي معرض حديثه أمام عدد من المجاهدين بمقر جريدة »المجاهد«، قال الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، أن تأسيس الحكومة المؤقتة لقي ردود فعل متباينة، فقد كانت ايجابية من بعض الدول الصديقة واعترفت كل من القاهرة وتونس والرباط بها، في حين رد الفعل الفرنسي كان التهديد بقطع علاقاتها مع أي دولة ستعترف بهذه الحكومة، إلا أنها لم تستطع تحقيق هذا المبتغى، لأن تطبيقه يجعلها في عزلة عن باقي الدول، على حد قول المتحدث. وفي ظل هذا الوضع الذي وصفه مهري »بالمعركة الدبلوماسية« قرر الرئيس الفرنسي آن ذاك، الجنرال دوغول، قبل ثلاثة أيام من الذكرى الأولى لتأسيس الحكومة المؤقتة، بمنح الشعب الجزائري حق تقرير المصير، مشيرا إلى أن فرنسا كانت مضطرة إلى اتخاذ هذا القرار، لأن نشاط الحكومة المؤقتة تطور بشكل ملحوظ، فقد حازت على اعتراف أزيد من 35 دولة، كما أنها أثبتت أهليتها في إبرام الاتفاقيات الثنائية. ومن هذا المنطلق يضيف مهري أنه عند تحليل خطاب دوغول في تلك الفترة، خلص أعضاء الحكومة المؤقتة إلى عدة نتائج، مفادها أن دوغول كان يسعى في ذلك إلى وضع غطاء سياسي للعمليات العسكرية التي كان يقوم بها، فضلا عن قطع الطريق أمام الاعترافات، بالإضافة إلى وضع الثورة الجزائرية بين خيارين أحلاهما مر، أولهما الاستغناء عن خيار المفاوضات والتقليل من أهميتها، أو تحييد الأممالمتحدة عن معالجة القضية الجزائرية، والخلاصة في هذا كله أن مصير الجزائر سيصبح في يد الرئيس الفرنسي دوغول. وكان رد الحكومة الجزائرية حسب مهري قبول المبدأ وفق شروط منها » استمرار اعترافات الدول بالحكومة المؤقتة، وتبني تقرير المصير بمحتواه الحقيقي، واستمرار اللجوء إلى الأممالمتحدة«، وتم الاتفاق على الشروع في المفاوضات بعد أن أعلن ديغول أن الجزائر »ستكون ذات سيادة في الداخل والخارج « مما سد الطريق أمام كل الطموحات والأطماع الفرنسية. وفي رده على سؤال حول »النقائص« التي وردت في اتفاقيات إيفيان أشار المتحدث إلى أن »مؤسسات الثورة وافقت على الاتفاقيات، وهو القدر الذي كان يمكن بلوغه في تلك الفترة« موضحا أن المجلس الوطني للثورة درس هذه النقائص واتخذ الإجراءات الكفيلة بتجاوزها، كما أن على المهتمين بتاريخ الجزائر الاهتمام بعدة جوانب لازالت غامضة يضيف مهري. وواصل مهري حديثه قائلا» أزمة الاستقلال في 1962 والخلافات التي كانت بين قيادات الثورة« أدت إلى نسيان الحدث أو »تناسيه«، فبعد سنوات عديدة أصبح هذا الحدث غير مذكور، مضيفا » اليوم أمامنا مشكل حول تاريخ ميلاد الدولة الجزائرية، هل هو في 19 سبتمبر 1958 أم في 19 مارس 1962« تاركا السؤال مطروحا، غير انه ضل يكرر دعوته إلى استنباط القراءة السليمة لتاريخ الجزائر الدبلوماسي وتحديد تاريخ 19 سبتمبر 1958 كذكرى ميلاد الجمهورية الجزائرية.