أكد الخبير الاقتصادي عبد الحق عميري مدير المعهد الدولي للتسيير أن 90 بالمائة من الإمكانيات المالية للبنوك العمومية تذهب لتمويل عمليات الاستيراد، بينما يفترض أن تذهب هذه التمويلات للمشاريع الاستثمارية، بينما تتولى البنوك الخاصة تمويل عمليات الاستيراد. أما الدكتور محند برقوق، فقد تطرق إلى أهمية العقلنة والتصحيح في المخططات التنموية، متسائلا عن غياب عملية تقييم للمخطط المنقضي قبل الشروع في انجاز برنامج المخطط الخماسي 2010/2014 . أثار الدكتور عبد الحق عميري في مداخلته التي حملت عنوان »ضرورة عصرنة وتطوير المؤسسة الاقتصادية الجزائرية« التي ألقاها في الندوة التي نظمتها أمانة قطاع الأعمال والاتحادات المهنية في المكتب السياسي للأفلان الخميس الفارط، حول مساهمة نادي رجال الأعمال المنضوي تحت لواء الحزب العتيد في انجاز مشاريع المخطط الخماسي، إشكالية عدم الاستفادة من الدراسات الأكاديمية حول تسيير المؤسسات الاقتصادية، مشيرا إلى وجود عديد من الدراسات على مستوى المعهد الدولي للتسيير الذي يتولى إدارته حاليا وكذا على مستوى معهد التجارة، وقال إن هذه الدراسات تكتسي أهمية بالغة لأنها بحثت في القضايا ذات الصلة بأنظمة التسيير وتجارب الدول في هذا المجال، مشددا على العلاقة بين ثلاثية السياسة والمال والمعرفة. ومن وجهة نظر الدكتور عميري فإن الدول التي نجحت في اقتصادياتها هي تلك التي استفادت من الدراسات وكانت لها ثقافة أخذ القرار، بينما البلدان التي فشلت فهي تلك التي تعتمد على العشوائية في التسيير وفي أخذ القرارات، مؤكدا على أن ضخ الأموال ليس كافيا لخلق تنمية اقتصادية، لأن الأهم من الأموال هو التسيير، مستشهدا بالطرح القائل لا توجد دولا متخلفة بل توجد دول سيئة الإدارة والتسيير، وحسب المحاضر فإن كل المؤسسات صغيرة كانت أو كبيرة أو حتى إدارية هي بحاجة إلى أنظمة تسيير علمية. ودافع عميري على دور القطاع العمومي في بناء اقتصاديات متطورة وقوية، مستشهدا بالنموذجين الكوري والفرنسي التي اعتمدت على مؤسسات إستراتيجية عمومية، بينما فتحت المجال للقطاع الخاص في مجال المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وفي المقابل أشار عميري إلى افتقار الجزائر لقوانين وأنظمة تسيير مؤسسات عمومية كبرى، متسائلا عن الأصوات التي تطالب بتأميم بعض المؤسسات التي سبق خوصصتها دون وعي منها بهذه الحقائق، وهو ما يندرج من وجهة نظره في خانة التفكير العشوائي، تماما مثل قرار إعادة الهيكلة المتخذ في الثمانينات والذي تمت على إثره عملية تجزئة المؤسسات الاقتصادية الكبرى في وقت كانت المؤسسات الاقتصادية في مختلف دول العالم تتجمع لتحسين قدراتها التنافسية، ومعلوم أن الأصوات التي رفعت مطلب تأميم المؤسسات هي نواب حزب العمال الذين قدموا تعديلات على قانون المالية للسنة المقبلة تطالب الحكومة بتأميم مؤسسة أرسيلور ميتال. وتوقف عميري عند قضية التمويل ودور البنوك في الاقتصاد الوطني، متسائلا عن الهدف من احتفاظ الدولة ببنوك عمومية، وأجاب بالقول، يفترض أن دور البنوك العمومية هو تمويل المشاريع الاستثمارية والمؤسسات الإستراتيجية، بينما الإحصائيات والأرقام تؤكد أن 90بالمائة الإمكانيات المالية للبنوك العمومية توجه لتمويل عمليات استيراد سلع من الخارج، بينما يفترض أن تذهب 80 بالمائة من هذه الأموال لتمويل المشاريع الاستثمارية، بينما تمويل الاستيراد يفترض تركها للبنوك الخاصة. وفي سياق موصول جاءت مداخلة الدكتور محند برقوق أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية التابع لجريدة الشعب، الذي تطرق إلى دور التنمية البشرية في إنجاح المخطط الخماسي الجديد الذي أطلقه الرئيس بوتفليقة وخصص له ما يقارب 286 مليار دولار، وأشار برقوق لغياب استراتيجيات بعيدة المدى للهوية الاقتصادية لجزائر ما بعد البترول، رغم أن الحديث عن جزائر ما بعد البترول يعود إلى عشريات مضت. وأكد الدكتور برقوق أهمية العقلنة في التنمية الاقتصادية، قائلا »لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية دون عقلنة«، وذهب المتحدث إلى أنه كان يفترض أن تكون هناك عملية تقييم وتصحيح للمخطط التنموي المنقضي قبل الشروع في المخطط الجديد للوقوف على نقاط الضعف ومواطن الخلل لمعالجتها.