مضت ثلاث سنوات عن رحيل الأستاذ النقابي عصمان رضوان، المناضل المتميز الذي بدأ حياته النقابية في اتحاد العمال الجزائريين، والرجل الأول في نقابة مجلس ثانويات العاصمة، التي تحولت فيما بعد إلى مجلس ثانويات الجزائر، وللتاريخ يقول زملاؤه، أنه واحد من بين مجموعة أساتذة التعليم الثانوي، التي أسّست للفعل النقابي المستقل في قطاع التربية، والوظيف العمومي إجمالا، وجاهرت بثلاث مطالب أساسية لعمال القطاع. أحيت نقابة مجلس ثانويات الجزائر )كلا( أمس ذكرى رحيل النقابي عصمان رضوان، الذي فارق الحياة قبل ثلاث سنوات، وهو واقف على المصطبة، أمام تلاميذه، بثانوية الأمير عبد القادر، في العاصمة. عصمان رضوان، كان رئيسا لنقابة مجلس ثانويات الجزائر، ونقابيا متميّزا، قرّر رفقة مجموعة من زملاء المهنة التأسيس لسياق نقابي جديد، في قطاع التربية، وكان له الفضل إلى جانب زملائه في نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، والمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي في التأسيس لسياق نقابي جديد، خارج الإطار النقابي المتعارف عليه، وقبل ذلك كان على عصمان الذي هو أصلا من صلب نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، التأسيس لنقابات وطنية مستقلة، فكان له الفضل في تأسيس نقابة ثانويات العاصمة سنة 2003 فنقابة ثانويات الجزائر فيما بعد، التي كانت تناضل مع نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، من أجل العمل على تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية التي يعيشها عمال القطاع عموما وأساتذة التعليم الثانوي خصوصا. وأولى المحطات التي توقّف عندها عصمان بقوة، وهيّأ لها ما يلزم من حشد وتجنيد عمالي ونقابي، هي أنه استطاع بالتنسيق مع زملائه في نقابة »كناباست« تحديد وترسيم ثلاثة مطالب مهنية اجتماعية كبرى، تهم جميع العاملين بقطاع التربية، وهي، أولا: أن تُقرّ الحكومة زيادة معتبرة في الأجور، ومنها طبعا الزيادة في أجر أستاذ التعليم الثانوي والتقني، ثانيا: أن تُصدر القانون الأساسي الخاص بعمال التربية، الذي يحفظ مكانة وكرامة العامل في القطاع، وثالثا: أن تُخفض سنّ تقاعد الأستاذ المُربّي إلى 25 سنة من الخدمة. وقد كانت الشرارة الأولى لهذه المطالب الثلاث بمثابة الإطار النقابي التنسيقي المشترك بين نقابتي »كلا« و»كناباست« ومعهما المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي )كناس(، وأول ما قام به عصمان والزملاء في كناباست، هو تبليغ السلطات العمومية بهذه المطالب الثلاث، والدعوة إلى تلبيتها، وهو عين ما كانت فعلته نقابة أساتذة التعليم العالي )كناس(، التي قامت هي الأخرى بإضراب وطني، دام أكثر من ثلاثة أشهر، وكانت لها نفس المطالب. ولمّا كانت السلطات العمومية تقاعست في تلبية هذه المطالب، وجد عصمان ورفقاؤه في النقابتين أنفسهم مُجبرين على خوض إضراب وطني، وقد خاضوه، وتواصل على امتداد أكثر من ثلاثة أشهر، وانتهى بإقرار الحكومة لزيادة في أجور عمال التربية. ولأن هذه الزيادة لم تكن كافية لتحسين الأوضاع بالقطاع، كان لزاما على عصمان وزملائه في نقابتي »كلا« و»كناباست« الاستمرار في الضغط على وزارة التربية، وعبرها الحكومة، من أجل الاستجابة لما يُطالب به عمال القطاع، وقد عملت النقابتان على توسيع دائرة النضال إلى أن مسّت كافة نقابات الوظيف العمومي في التربية، والصحة، والتعليم العالي، والإدارة، وكان لعصمان دور كبير في استحداث أُطر نقابية نضالية تنسيقية، أبرزها إطار التنسيقية الوطنية لنقابات الوظيف العمومي، التي ضمت كل هذه القطاعات، وهذا التكتل النقابي المشترك لقطاعات الوظيف العمومي أقلق الوصايات والحكومة، وأجبرها على التفكير بصفة جدية في ما تُطالب به هذه النقابات، وهو الأمر الذي مكّن مؤخرا من تحقيق نسبة كبيرة من هذه المطالب المشتركة بين كامل قطاعات الوظيف العمومي، وفي مقدمتها: الزيادة في الأجور، وإصدار القوانين القطاعية الأساسية الخاصة، مع إصدار نظام جديد للمنح والتعويضات، والبقية تأتي. وتكريما لعصمان ستنظم اليوم نقابة»كلا« محاضرة ونقاشا حول نظام التقاعد في العاصمة.