يقتضي المقام أن نجدد التأكيد بأن المجاهدين يظلون دائما " فوق الراس والعين" اليوم وغدا، وسواء يوجدون اليوم في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني أو في غيرها، ينبغي أن يحظوا بالاحترام والتبجيل، وتبقى آراؤهم جديرة بالعناية والاهتمام، هذا ما نؤمن به ولن نحيد عنه، لأن مجاهدينا الأبطال هم تاج رؤوسنا وفخرنا الوطني، الذي لن نفرط فيه أبدا. ولا بأس من باب التوضيح، أن نعيد التذكير ببديهية معروفة، وهي أن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي ينتمي إليه عشرات الآلاف من المناضلين، يضم في صفوفه عددا كبيرا من المجاهدين، وهم أكثر غيرة على حزبهم وليسوا مستعدين للتنازل عنه أو التفريط فيه، تحت أي مسمى. كما يقتضي المقام أن نؤكد مجددا بأن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يخوضان معركة مشتركة، أساسها حماية الاستقلال الوطني وصيانة سيادة الدولة الجزائرية والوحدة الوطنية، هذه الركائز التي قامت عليها ثورة التحرير المجيدة قدم من أجلها المجاهدون بقيادة جبهة التحرير الوطني تضحيات جليلة، وهم اليوم في الطليعة لتأمين الاستقلال والسيادة ووحدة الشعب والوطن. هذه المعركة المشتركة، التي كانت بالأمس تتواصل اليوم، بنفس العزيمة والإصرار، لأنها ممتدة في الزمان، مدعومة بأواصر التاريخ وقناعات مشتركة ولن تؤثر فيها زوابع أو حملات معزولة، ولذلك فإن المحاولات اليائسة، التي تدعي، من خلال تسريبات مشبوهة، أن حزب جبهة التحرير الوطني يعادي المجاهدين وأن هناك حالة من العداء بين الطرفين، مردود عليها، لأن ما يربط وهذا لاعتبارات جوهرية، نذكر منها: إن حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين يرتبطان بتاريخ مجيد وهما مسؤولان بصفة مباشرة على مواجهة كل من يسعى إلى قطع الصلة بثورة نوفمبر وتشويه صانعيها من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال، الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية قربانا لحرية الجزائر. إن المجاهدون هم ذخر الجزائر النفيس والعلامة الناصعة التي ترمز إلى النصر المبين في ثورة مجيدة، قادها الشرفاء الذين ما خانوا وما باعوا وما بدلوا، وسيظلون خالدين بجهادهم وإخلاصهم وتضحياتهم ومآثرهم، وهم الذين تحتل فيهم الجزائر القلب والوجدان، يعيشون لها ومن أجلها، وكانت الحياة بالنسبة لهم موقفا ورسالة، ولذلك جادوا بالروح من أجل وطنهم. إن المهمة المشتركة بين حزب جبهة التحرير الوطني وكل مكونات الأسرة الثورية هي التصدي لكل من يعطي لنفسه الحق في طعن الثورة ومجاهديها والمساس برموزها والاعتداء على عناوينها والاجتراء على المقدسات والإصرار على هتك الهوية واقتلاع الجذور والانقطاع عن الأصول وكل ما من شأنه أن يدفع الأجيال للتشكيك في ثورة بلادهم والتساؤل عن جدوى جهاد رجال وتضحيات شعب. لذلك كله، نؤكد بأن المعركة ليست بين حزب جبهة التحرير الوطني والمجاهدين، خاصة وأنهما في خندق واحد، تجمع بينهما قواسم مشتركة ويلتقيان بقوة في القضايا الوطنية الكبرى والمصيرية، ولكن الاختلاف قائم مع كل من يتطاول على سيادة الحزب وشرعية قيادته، مهما كانت الصفة التي يتغطى بها. وخلاصة القول: نرفع آيات التجلة تقديرا واحتراما وعرفانا وجب تقديمها بشكل خالص وخاص لمجاهدينا الأخيار، فلهم المجد أولا وأخيرا.