كشف مدير مركز البحوث الإستراتيجية والأمنية أمحند برقوق، أمس، أن الجزائر جاءت في المرتبة 125 دوليا من حيث ترقية المواطنة، معتبرا دور الأحزاب السياسية والجمعيات في هذا المجال لا يزال ضعيفا. شدّد الدكتور برقوق في مداخلته التي جاءت بعنوان »المواطنة ومنطق الهندسة الديمقراطية في الجزائر« خلال اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة العلاقات مع البرلمان حول »المواطنة والتنمية المستدامة« بإقامة الميثاق على إلغاء تبعية الجمعيات إلى الأحزاب السياسية لأن الاستقلالية حسبه ستمنح لهم فرصة كبيرة للعب الدور المنوط بها في ترقية المواطنة بعدما انتقد غياب الأحزاب السياسية والجمعيات في هذا المجال. وأكد برقوق أنه بالرغم من الإرادة المتوفرة والمجهودات التي تبذل من طرف السلطات لترقية المواطنة إلا أنه أشار إلى تسجيل بعض النقائص رغم وجود عديد من الأحزاب السياسية والجمعيات التي يبقى دورها ضعيفا. ومن وجهة نظر المحاضر فان الإصلاحات السياسية في الجزائر تتطلب الانتقال من ديمقراطية إجرائية إلى ديمقراطية نيابية أي تحويل التعددية من رقمية (عددية) إلى تعددية حقيقية تمثيلية. وعدّد مدير مركز البحوث الإستراتيجية والأمنية شروط المواطنة التي حددها بتسعة على غرار ضرورة وجود أرضية دستورية، آليات المشاركة السياسية، إلغاء منطق المحسوبية والارتباطات الريعية، فضلا عن تكريس منطق العدالة ورفض التهميش. واستند الدكتور برقوق في مداخلته إلى الدراسة التي قامت بها وزارة الشبيبة والرياضة على عينة من الأشخاص لمعرفة وضعهم، حيث كشفت النتائج أن 47.5 من المستجوبين أكدوا بأنهم لا يؤمنون بأن الحكومة تهتم بالمشاكل، 55 بالمائة منهم رأوا أنه لا مستقبل لهم بالجزائر، و15.4 أكدوا رغبتهم في مغادرة التراب الوطني. ودعا مدير مركز البحوث الإستراتيجية والأمنية الحكومة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار من طرف مثل هذه الدراسات خلال وضعهم للاستراتيجيات، مؤكدا أن هناك أولويات لترقية المواطنة أولها ضرورة تكريس الفعل السياسي التشاركي، والتنشئة الديمقراطية الوطنية. من جهته، قال الأستاذ عمر صدوق بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة تيزي وزو في مدخلة له حول »تثمين دور المواطنة في تحقيق التنمية« إن الإصلاح لا يتم في ظرف 24 ساعة، ودعا إلى الحرص على تجسيد النصوص القانونية وليس التركيز على إصدار تشريعات جديدة فقط، موضحا أن المواطنة هي شراكة كل واحد حسب موقعه في الدولة، ليشير إلى أنه كلما كانت المواطنة ايجابية تحققت التنمية. أما الأستاذ عبد المجيد جبار مستشار بمجلس الأمة فقد رأى في مداخلته التي حملت عنوان »المواطنة: مقاربات وممارسات« أن الإضرابات والاحتجاجات التي يشهدها الشارع الجزائري حاليا ليس عملا عدائيا، بل اعتبرها تعبير عن رفض بعض المعادلات وعدم قبول بعض الطرق لمعاينة المشاكل والحلول. وقد عرفت الندوة نقاشا ساخنا من طرف بعض المتدخلين على غرار حسين خلدون وعبد الحميد سي عفيف اللذان انتقدا توظيف التقارير المسيئة للجزائر وأعابا على الباحث استخدامهما لكونها تصاغ في هيئات معادية للجزائر وتعكس رؤى قوى معارضة سياسية على حد تعبيرهما، وقد استدل خلدون بتقارير دولية حول حقوق الإنسان في الجزائر، نافيا وجود مراكز تعذيب. أما سي عفيف فانتقد بشدة حديث الباحث عن تعددية رقمية، وراح يقول إن »بلادنا تتمتع بتعدية حقيقية«، ليرد عليه برقوق حول هذه النقطة إنه » باحث يضع الخطاب السياسي جانبا وأن ضميره العلمي يملي عليه التعامل مع الحقائق«.