ذكرت مصادر من داخل اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية أن أجواء من التوتّر باتت تسود عمل هذه الهيئة بفعل التخبّط الحاصل في المواقف بعد الخرجات الأخيرة لأعضاء المكتب الذين باتوا لا يلقون الإجماع. وذهبت الجهات التي تحدّثت إلينا إلى أنه تمّ الشروع فعليا في جمع التوقيعات من أجل سحب الثقة من محمد صدّيقي ونوابه، وتجري المساعي لاستيفاء النصاب القانوني وهو 22 توقيعا. أسقط أعضاء مكتب اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية نقطة مراجعة آليات عمل هذه الهيئة، بما في ذلك إعادة النظر في تشكيلة المكتب، من جدول أعمال الاجتماع المنعقد أمس الأوّل الذي انتهى إلى قرار رفع التعليق الذي استمرّ قرابة الأسبوع. وبحسب ما أوردته مصادر موثوقة ل »صوت الأحرار« فإن رئيس اللجنة ونوابه من المكتب تعمّدوا عدم الخوض في هذا الجانب واضطرّوا إلى سحب تهديداتهم السابقة التي كانت تتجه نحو حلّ اللجنة نهائيا بعدما واجهوا معارضة قوية من طرف ممثلي الأحزاب. وقد خيّمت أجواء من التوتّر داخل هذه اللجنة التي أصبحت في الأيام القليلة الماضية تتخبّط في قرارات اعتبرها الكثير من المراقبين بمثابة إساءة بالغة للتحضيرات الجارية لإنجاح اقتراع العاشر من شهر ماي المقبل، ولم تعد الخرجات التي يقودها محمد صدّيقي وأعضاء مكتبه تلقى الإجماع والتأييد من طرف ممثلي 43 حزبا حتى الآن. وأوردت مصادرنا أن الأمر لن يتوقف عند حدود الاستياء من منطلق أنه »تمّ الشروع فعليا في اتصالات بين ممثلي الأحزاب من أجل سحب الثقة من أعضاء المكتب ورئيس اللجنة«. ورفضت الجهات التي سرّبت هذه المعلومات إعطاء مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص، واكتفت بالتأكيد على أن هناك »مفاجأة كبرى« من الممكن أن تظهر خلال ال 24 ساعة المقبلة، ويبدو أن رسالة الاستياء والتذمّر قد وصلت إلى رئيس اللجنة ونوابه بعدما خضعوا في نهاية المطاف إلى خيار التهدئة في محاولة منهم لاستمالة نصف الأعضاء – على الأقل- تفاديا لأي تطوّرات قد تُزيحهم من مناصبهم الحالية. وإلى غاية يوم أمس فإن عملية جمع التوقيعات لسحب الثقة من هؤلاء كانت في بدايتها في انتظار تنسيق المواقف بين أصحاب المبادرة بهدف إعادة هيكلة المكتب من جديد وجعل دور هذه اللجنة إيجابيا دون الانسياق وراء الشكليات التي لا تنفع في شيء في إطار المهمة الموكلة لهذه الهيئة المستقلة المتمثلة في ضمان مراقبة التشريعيات المقبلة، ومن ثم قطع الطريق أمام كل محاولات للتلاعب بأصوات الناخبين، وأُستفيد أيضا أن الكثير من ممثلي الأحزاب انتقدوا المواقف الأخيرة للجنة حيال المبالغة في تضخيم مشكلة ورقة التصويت الواحدة. ولم تطّلع »صوت الأحرار« على النظام الداخلي الذي يحكم سير لجنة مراقبة الانتخابات لكن النصاب المطلوب من أجل عقد جمعية عامة وانتخاب مكتب جديد هو نصف الأعضاء زائد عضو واحد )50+1(، وبحكم تواجد 43 ممثلا في هذه الهيئة حتى الآن فإنه يكفي توقيع 22 عضوا ليتحقّق الهدف. ومن المتوقع أن يتم الحسم في هذه المسألة بشكل سريع في حال حصل هناك تجاوب مع أصحاب مبادرة سحب الثقة ليتم بعدها إخطار وزارة الداخلية بالأمر. وكان محمد صدّيقي قدّ هدّد في وقت سابق بحلّ اللجنة التي فُوّض لرئاستها، قبل أن يتراجع في تصريحات له أمس نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية مؤكدا فيها استئناف النشاط بعد فترة تعليق دامت سبعة أيام، وكانت اللجنة تحتج على »عدم أخذ مقترحاتها بعين الاعتبار« من طرف السلطات العمومية. وأضاف أن الأعضاء »درسوا القيام بخطوات أخرى« لدفع السلطات المعنية للاستجابة لمقترحاتهم الرامية إلى »تجسيد انتخابات شفافة«، غير أن الوكالة لاحظت أن »صدّيقي لم يُعط تفاصيل حول هذه الخطوات المستقبلية«. وكانت قضية شرعية المكتب قد طُرحت بقوة في الفترة الأخيرة عقب انضمام ممثلين جدد عن الأحزاب الذين وصلوا حتى الآن إلى 43 عضوا في انتظار المزيد بعد اعتماد قوائم المترشحين من طرف وزارة الداخلية، خاصة المحسوبين عن »القوائم الحرة«. ومعلوم أن مكتب لجنة مراقبة الانتخابات مشكل من خمسة أعضاء هم لمين عصماني من الجبهة الوطنية الجزائرية، حفيظ قادري عن حركة الأمل، علي موساوي عن حزب التجمع الوطني الجمهوري، عبد الرحمان عكيف عن حزب الطبيعة والنمو، محمد الشريف طالب عن حزب التضامن الوطني والتنمية.