التزمت بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي للانتخابات التشريعية بتقديم »تقرير مستقل وموثّق« في غضون شهرين حول سير هذه العملية، ونفت أن يكون تواجدها في الجزائر من أجل منح »صك على بياض« للحكومة خاصة وأن ممثليها دعوا الأحزاب التي تتهم السلطة ب »التزوير« إلى كشف ما لديها من أدلة، فيما جدّدت البعثة انتقاد وزارة الداخلية لرفضها تزويدها بالبطاقة الوطنية للناخبين. تضمّن التقرير التمهيدي لبعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات التشريعية مؤشرات إيجابية عن سير العملية الانتخابية »في هدوء واستقرار« رغم بعض المآخذ التي تمّ تسجيلها قال رئيس البعثة »خوسيه إغناسيو سالافرانكا« إن لجنة الإشراف القضائي »أجادت التعامل معها بفعالية«، واعتبر في ذات الشأن أن هذه الانتخابات تمثّل »خطوة أولى نحو مزيد من الإصلاحات في الجزائر«، وهي الإصلاحات التي حصرها بالأساس في »تعديل الدستور بشكل يستجيب لتطلعات الجزائريين..«. وقد ورد في الإعلان التمهيدي أن البعثة »تُحيي تنظيم اقتراع محكم جرى في هدوء عموما منذ بداية العملية إلى غاية فرز الأصوات«، مبرزا أن النظام الانتخابي الجديد »أضاف عوامل تخصّ الشفافية لم تكن موجودة في الانتخابات السابقة«، ومع ذلك شدّدت البعثة على ضرورة »تعميق مبادرات دعم الشفافية بغية تعزيز ثقة المواطنين«. وفي انتظار صدور تقرير مفصّل عن البعثة في آجال لا تتعدى الشهرين فإن »سالافرانكا« حرص خلال الندوة الصحفية التي عقدها أمس بفندق »سوفيتال« بالعاصمة على التوضيح بأن ملاحظي الاتحاد الأوروبي »لم يأتوا إلى الجزائر من أجل تقديم دروس لأحد وإنما لإعطاء تقييم جزئي مستقل وموثق حول الإطار القانوني لهذه العملية ودور الإعلام والإدارة فيها«، وأفاد أيضا أن »مهمتنا ليست التدخل ولسنا هنا حكاما وإنما حضورنا هدفه جلب مساهمة وبناء شهادتنا حول شفافية الانتخابات لتحسين الإطار الانتخابي في الاستحقاقات المقبلة«. وإجمالا قدّر المتحدّث أنه من الناحية التنظيمية فإن أجواء الانتخابات كانت »فعالة بفضل تنظيمي تقني ولوجيستيكي محكم«، لافتا إلى أن اعتماد القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي »منح مزيدا من الشفافية للعملية« وخصّ بالذكر عمل لجنتي الإشراف والمراقبة. وسجّل رئيس البعثة الأوروبية ما أسماه »بعض الضعف الهيكلي في نظام تسجيل المنتخبين«، وجاء في مقدّمة ذلك عدم حصول الأحزاب على البطاقة الوطنية للهيئة الناخبة واقتصاره على اللجان البلدية والولائية مع عدم إمكانية نسخها أو طبعها »وقد تأسّفنا لعدم منحنا سجل الناخبين لأنه أثّر على منهجية عملنا وعلى الأحزاب كذلك«. ورغم تأكيد »خوسيه إغناسيو سالافرانكا« احترامه لقرار وزارة الداخلية إلا أنه استطرد بأن عدم حصول البعثة التي يترأسها على البطاقة الوطنية للهيئة الناخبة »يؤثر على شفافية العملية الانتخابية«، نافيا أن يكون طلبه ذو صلة بالتجسّس على الجزائريين »نحن لا نريد بذلك التدخل وإنما نرغب في الحفاظ على الثقة مع الجزائر«، مشيرا إلى أن الملاحظون الأوروبيين تواجدوا في 80 بلدا عبر العالم وقدّموا نفس الطلب مثلما حصل في الجزائر التي يُستدعون إليها لأول مرة. إلى ذلك أورد ذات المسؤول أن »بطاقة الناخبين نقطة حسّاسة ونتفهم الرفض الذي قوبلنا به من طرف وزارة الداخلية ولكل وجهة نظره الخاصة به«، متسائلا عن أسباب حصر الماد 18 من قانون الانتخابات على منح سجلات الهيئة الناخبة للأحزاب على مستوى اللجان البلدية والولاية وليس وطنيا مع وجوب إرجاعها بعد آجال محدّدة، وخلص هنا إلى القول: »لا نفهم لماذا يقتصر الأمر على المستوى المحلي؟«. وفي سياق ذي صلة رفضت بعثة الملاحظين الأوروبيين الحديث عن عمليات تزوير مثلما تتهم بذلك بعض التشكيلات التي خسرت في التشريعيات، حيث أكد »سالافرانكا« أنه على الأحزاب تقديم أدلة على ذلك خصوصا وأن ذكر بأن التشكيلات المشاركة في الاستحقاق تحوز على المحاضر النهائية لعمليات الفرز على مستوى البلديات والولايات »وما عليها سوى مقارنة النسب المقدّمة من طرف وزارة الداخلية مع تلك التي بحوزتها«، مضيفا أنه ليست بحوزة البعثة معطيات دقيقة بهذا الأمر، ثم شدّد على أن تقييم العملية »لا يعني أننا نمنح صكا على بياض للحكومة الجزائرية«. أما الرئيسة المساعدة لمفوضية البرلمان الأوروبي، تقية صايفي، فقد أكدت من جانبها أنها حضرت رفقة سبعة برمانيين والتقت بعدد من المسؤولين وممثلي الأحزاب والمجتمع المدني، وصرّحت أنه »لاحظنا تنظيما جيّدا ونشيد بتحسين مكانة المرأة في الحياة السياسية وهذا أمر نعتبره إيجابيا«، كما دعت إلى ضرورة اعتماد مزيد من الشفافية في سير المؤسسات من أجل تحفيز المواطن على الانخراط في العملية السياسية، فيما التزمت بأن يعمل البرلمان الأوروبي على مواصلة الحوار مع البرلمان الجزائري الجديد.