تكن صفة "ضيف الشرف" التي حضر بها الرئيس بوتفليقة قمة الفرانكفونية في كيبك الكندية كافية لطمأنة الناس على توجهات السياسة الخارجية التي درج أهل النخبة على جعلها خارج دائرة النقاش، ولم يكن الخطاب الذي ألقاه بوتفليقة أمام المشاركين في القمة كافيا لإبعاد شبهة الاقتراب من منظمة بقيت لصيقة بالاستعمار. المنظمة الفرانكفونية ليست الإطار المناسب لمناقشة الأزمة المالية العالمية وهي لا تصلح أيضا لتكون مكانا تناقش فيه البدائل عن النظام الاقتصادي والمالي العالمي وأول من اقتنع بهذا الأمر هو ساركوزي الذي تعتبر بلاده مؤسسة المنظمة والمتحكمة فيها بدون منازع، ولأن ساركوزي يعرف حدود فرنسا أولا ثم حدود منظمته ثانيا ثم حدود الدول الأعضاء في الفرانكفونية فقد ذهب ليناقش الأمر مع من يملكون سلطة اتخاذ القرار وهم الأمريكيون أولا ثم بقية الدول المتقدمة في أوروبا وآسيا، ومن هنا فإن الدعوة إلى إقامة نظام اقتصادي دولي جديد من على منبر الفرانكفونية قد تنتهي إلى ما انتهت إليه نفس الفكرة عندما طرحت في سبعينيات القرن الماضي. بالنسبة لفرنسا تبقى منظمة الفرانكفونية رمزا لعظمة الدولة الاستعمارية التي بسطت يدها على أطراف الأرض بالقوة العسكرية وهي اليوم تريد أن تمتد إلى نقاط بعيدة من خلال اللغة والثقافة الفرنسية، ومهما اجتهدنا في إعطاء أبعاد اقتصادية لهذه المنظمة أو اتخذنا انضمام دول لم تحتلها فرنسا حجة على حياد هذه المنظمة أو على طابعها التقني فلن نلغي الحقيقة التي أنشأت هذه المنظمة والأهداف التي جاءت من أجلها. من الصعب أن نطالب فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاستعمار ونحن نقترب من هذه الواجهة المشبوهة التي جاءت لتبيض وجه الاستعمار، وحتى إذا عقدت القمة في كيبك على الضفة الأخرى من المحيط فإن فرنسا هي صاحبة القول الفصل في منظمتها والمشاركة تضعنا حتما في ضيافة ساركوزي والضيافة ليس لها ذلك المعنى العربي الذي نعرفه جميعا.