أكد الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام والعقيد السابق أحمد عظيمي ل"صوت الأحرار" أن ضغوطات كبيرة تمارس على السلطة في الجزائر من طرف قوى إقليمية صديقة للملك المغربي محمد السادس لفتح الحدود البرية بين البلدين، ودعا المغرب إلى تحمل خطئه بعد فرض التأشيرة على الجزائريين دون استشارة السلطات الجزائرية وتقديم الاعتذار، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية ترى دائما أن استقرار الجزائر يهدد استقرارها. صرح الوزير الأول عباس الفاسي أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يرفض دعوة المغرب إلى فتح الحدود البرية مع الجزائر بسبب اكراهات في الداخل، ما تعليقكم؟ إنه نفس الخطاب المغربي منذ 1975، يبدو أن القصر الملكي جد وفي لخطاباته وأطروحاته، فهو يكرر نفس الكلام منذ بداية احتلاله للصحراء الغربية، إنها حالة الحاكم العربي الذي لا ينظر إلى ما يجري حوله، العالم تغير كثيرا خلال العشريات الثلاث الأخيرة، فنحن نعيش في زمن العولمة ومجتمع المعلومات، والجزائر نفسها تغيرت كثيرا وعلى مختلف الأصعدة، ومع ذلك يواصل القصر الملكي ترديد نفس الكلام الذي كان يقوله أيام حكم الرئيس الراحل هواري بومدين رحمه الله. يبدو أن الرسميين المغاربة ينطلقون في تحليل قرارات الدول الأخرى من منطلقات خاصة بهم، فالحديث عن إكراهات ومواقف سياسية تحت الضغط ينطبق أكثر على حالة الملك المغربي، ويكفي أن نذكر هنا بما سبق أن ورد في كتاب "ضباط صاحب الجلالة" الذي يقول فيه صاحبه الضابط السابق في الجيش المغربي أن الوضع الحالي في الصحراء الغربية يعطي تبريرات للقصر الملكي لإبعاد معظم وحدات الجيش المغربي إلى الصحراء حتى لا يهتم قادتها بالسياسة. الموقف الرسمي المغربي يرفض أن يرى الحقيقة كما هي، فالموقف الجزائري ليس نتاج إكراه أو ضغوطات، بل بالعكس فنحن نعرف أن ضغوطات كبيرة تمارس على السلطة في الجزائر من طرف قوى إقليمية صديقة للملك لفتح الحدود مع المغرب. 2- ما تفسيركم للدعوات المغربية المتتالية والملحة إلى فتح الحدود مع الجزائر؟ الهدف جد واضح وهو الاستفادة من البحبوحة المالية التي تتمتع بها الجزائر خاصة في أوضاع يعرف فيها العالم الغربي أزمة مالية كبيرة مما يؤثر سلبا على السياحة التي هي مورد رئيسي للعملة الصعبة في المغرب. المغرب ارتكب خطئا فادحا عندما قرر، دون استشارة الجزائر، فرض التأشيرة على الجزائريين، مما يعتبر في العرف الدبلوماسي إهانة للطرف الآخر، أي الجزائر، التي كان رد فعلها هو غلق الحدود. الخطأ ليس جزائريا ولو كان كذلك لتراجعت الجزائر ولاعتذرت للأشقاء في المغرب. الخطأ جاء من البلد الشقيق في وضع كانت فيه الجزائر تعاني بمفردها من إرهاب دموي كاد يدمرها، في اعتقادي، كجزائري، أن الذي أخطأ هو الذي يتحمل تبعات خطئه، وعليه، أولا، أن يعتذر. من جهتي، أعتقد أنه من المؤسف أن تبقى الحدود بين البلدين الشقيقين مغلقة في زمن العولمة وفي وقت يضمن فيه القانون الدولي حق التنقل لكل مواطن على الكرة الأرضية، خاصة وأنه توجد، من الجهتين، العشرات من العائلات التي تقطن بالحدود والتي تعاني كثيرا في تنقلاتها لزيارة الأهل على هذا الجانب أو ذاك من الحدود؛ كل هذا مؤسف، لكن المؤسف أكثر هو أن تتحول هذه الحدود الغربية (بالنسبة للجزائر) ممرا لكل أنواع المخدرات ومعبرا للأسلحة التي تستعمل من طرف الإرهابيين في الجزائر. فتح الحدود وإقامة علاقات طبيعية بين الجارين الشقيقين يفترض تصفية كل الأجواء بحل المشاكل السياسية العالقة والتي أهمها قضية الصحراء الغربية، وإزالة مزارع الحشيش بالمغرب والحرص على منع انتقال السلاح وانتهاج سياسة واقعية تسير بمنطقة المغرب العربي الكبير نحو التكامل في مختلف المجالات، تكامل يخدم مصالح كل الأطراف وليس جهة على حساب جهة أخرى. 3-مؤخرا راح المغرب يتدخل في شؤون الجزائر الداخلية، حيث أعطى رأيه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى ماذا تعكس هذه السياسة؟ الأشقاء في المغرب لهم حساسية مفرطة تجاه الجزائر، فمنذ الأيام الأولى للاستقلال وبينما الدماء لا زالت تنزف من الجسم الجزائري أرسل القصر الملكي وحداته العسكرية المدججة لاحتلال الأرض الجزائرية. الدعاية الملكية تشحن باستمرار الرعايا المغاربة بشحنات من الخوف تجاه الجزائر. المعروف أن حتى الوحدات العسكرية المغربية عندما تقوم بتمارين تدريبية فهي تطبقها على أساس أن العدو يأتيها دائما من الشرق، أي من الجزائر، لهذا فأي نشاط تقوم به الجزائر يعتبر، بالنسبة للمغاربة، أنه موجه ضد بلدهم، وكل استقرار في الجزائر يفسر على أساس أنه لا يخدم استقرار المغرب. هذا الشعور بالخطر والخوف من الجار الشرقي موجود ومطعم باستمرار من طرف الصحافة المغربية. 4-ما موقفكم من الاتهامات التي وجهها المغرب إلى الجزائر بتشجيع البوليساريو على خرق وقف إطلاق النار بعد تنظيم مظاهرة سلمية من طرف 1400 ناشط أجنبي أمام جدار العار؟ إنها نفس الاتهامات تتكرر باستمرار وبنفس العبارات ولا تختلف إلا الأزمنة والمناسبات. ما لا يستطيع الأشقاء في المغرب إدراكه هو أن الجزائر لا تتدخل في شؤون البوليساريو وأن موقف الجزائر من هذه القضية هو نفس موقفها من كل القضايا المتعلقة بتصفية الاستعمار. إنه ليس موقف السلطة وحدها بل هو موقف كل الجزائريين، مادام المغرب يحتل هذه الأرض التي يطالب أهلها بحقهم في تقرير المصير فإن الشعب الجزائري الرافض لكل أنواع الاحتلال سيبقى مساندا لنضال الصحراويين وبالكيفية التي يريدونها ويختارونها. 5-ماردكم على المزاعم التي أدلى بها الوزير السابق محمد العربي المساري أن هناك جهات نافذة في الجزائر تعرقل حل النزاع بين المغرب والبوليساريو؟ سبق أن قلت، أنهم لم يتغيروا. هم يتكلمون باستمرار عن القيادة العسكرية الجزائرية التي يقولون أنها من تقف ضد فتح الحدود وضد حل النزاع بين البوليساريو والمغرب، إنه كلام ينم عن عدم تطور الفهم المغربي للمعطيات الجديدة في الجزائر أو في العالم، المعروف أنه لا توجد اليوم في الجزائر زمر أو مراكز قوى, توجد فقط سلطة واحدة وهي التي تقرر بما يجب أن يخدم المصلحة العليا للجزائر ومبادئها الثابتة، والمبادئ فيما يتعلق بهذه القضية هي جد واضحة: الجزائر مع حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهو نفس الموقف الذي لم يتغير منذ 1975 رغم أنه مر على قصر الرئاسة بالجزائر، منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، سبعة رؤساء، كما مر على قيادة الجيش الجزائري أكثر من عشرة جنرالات وضباط سامين بين رئيس أركان وأمين عام ووزير للدفاع الوطني. 6-بصفتكم متتبعين للشأن المغاربي ما هي قراءتكم لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي رفعه إلى مجلس الأمن بخصوص الصحراء الغربية؟ تحدث تقرير الأمين العام عن نتائج الزيارة التي قام بها مبعوثه الخاص كريستوفر روس في الفترة ما بين 17-28 فبراير 2009 إلى المنطقة ملاحظا أن لا شيء تغير بحيث أن طرفي الصراع (يشير إلى المغرب والبوليساريو) بقيا على موقفيهما وهما الموقفان المتباعدان واللذان لا يساعدان على إيجاد حل عادل ودائم ومقبول يضمن، كما جاء في تقرير الأمين العام، "تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية". التقرير يتحدث إذن عن "شعب الصحراء الغربية" مما يعني أنه لا يتكلم عن رعايا للملك بهذه المنطقة من العالم أو بمعنى آخر أن بالصحراء الغربية شعبا صحراويا ليس مغربيا ولا يريد أن يكون مغربيا أو أي شيء آخر. يريد فقط أن يبقى صحراويا.