أضحت ظاهرة تصدير النفايات الحديدية إلى الخارج من أهم التهديدات في مواجهة الاقتصاد الوطني، وباتت الممارسات المافيوية لبارونات التصدير تشكل أهم عامل لاستنزاف الخزينة العمومية، نتيجة الإعفاء الجمركي الذي تمنحه الدولة لدعم التصدير إلى الخارج، ناهيك عن استنزاف الممتلكات العمومية من خلال سرقة الكوابل النحاسية التي تكلف مؤسستي اتصالات الجزائر، وسونلغاز خسائر بالملايير سنويا• تجولت ''الفجر'' عبر بلديات كل من العاصمة، البليدة، تيبازة، وعين الدفلى لزيارة المستودعات التي انتشرت على الهواء الطلق مع بداية تصدير النفايات الحديدية إلى الخارج• وتعمل هذه المستودعات التي عادة ما تكون على حافة الطرق الوطنية ليسهل الوصول إليها على جمع النفايات الحديدية من أصحاب الخردة، حيث يتوافد على المستودع الواحد عشرات الشاحنات بصفة يومية محملة بقناطير من النفايات المعدنية الحديدية منها وغير الحديدية كالنحاس والألمونيوم، ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من النفايات المعدنية بهذه المستودعات ما بين 4 و6 دينار• إلا أن هذا السعر يتضاعف لدى وصوله إلى المصدرين الكبار، أوكما يطلق عليهم بارونات النفايات الحديدية• وفي حديثنا مع أحد العاملين بمستودع لجمع النفايات المعدنية بالقليعة في ولاية تيبازة، أكد لنا هذا الأخير أنها مهنة جد مربحة لاسيما عند ارتفاع سعر الحديد• وأشار أنه يستقبل يوميا عشرات الشاحنات والمركبات النفعية المحملة بالنفايات التي عادة ما تكون عبارة عن بقايا آلات، أنابيب، أسلاك، وأحيانا تكون النفايات عبارة عن هياكل مركبات قديمة وغيرها• وحسب المعلومات التي استقيناها من أحد كبار مصدري النفايات الحديدية إلى تركيا فإن سعر الكيلوغرام الواحد من النفايات المصدرة إلى الخارج قد يصل إلى 12 دينار أي 1200 دينار للقنطار الواحد• اتصالات الجزائر، سونلغاز وشركة النقل بالسكك الحديدية أول المتضررين أصبحت شركتا ''سونلغاز'' و''اتصالات الجزائر'' ضمن قائمة الشركات الأكثر عرضة لاستنزاف ممتلكاتها العمومية، حيث أضحت تتعرض يوميا لسرقة الكوابل الكهربائية والخطوط الهاتفية من طرف شبكات تعمل لصالح جامعي النفايات أوالمصدرين الغير شرعيين الذين وجدوا في هذه المهنة الربح السريع، وهو ما يكلف تلك المؤسسات العمومية الملايير سنويا• وكشف الرئيس المدير العام لمؤسسة اتصالات الجزائر، السيد موسى بن حمادي، أن سرقة الكوابل الهاتفية كلف هيئته خسارة قدرها 20 مليار سنتيم عام 2008 ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من المنازل والهيئات بسبب تلك الأعمال التخريبية• وتحجز مصالح الدرك الوطني، بصفة دورية، أطنانا من الحديد المستعمل للبناء وسبائك خطوط السكك الحديدية التي تكون ضمن قائمة التصدير في شكل نفايات حديدية لكنها مهربة بدون فواتير أوتساريح ومعظم المهربين الذين يتم القبض عليهم لا يملكون سجلات تجارية، حسب نفس المصدر• وتجدر الإشارة هنا إلى أن تصدير النفايات الحديدية إلى الخارج اعتمد من طرف الحكومة منذ سنة 2007 بموجب المادة 85 من قانون المالية لعام 2007، وتجني الدولة من تصديرها حسب مسؤول بوزارة التجارة ما يقارب 240 مليون دولار• نادي مصدّري النفايات الحديدية يقترح إنشاء وحدات للرسكلة لاستيعاب كميات النفايات الحديدة المهربة إلى الخارج، اقترح عضو بنادي مصدري النفايات الحديدية وغير الحديدية، في اتصال مع ''الفجر''، إنشاء مصانع لإعادة رسكلتها وتحويلها إلى مواد نصف مصنعة تصدر إلى الخارج عبر القنوات الرسمية، وذلك عوض تصديرها كخردة من طرف المصدرين الخواص• وأوضح أن إنشاء هذه المصانع سيحول نشاط جامعي النفايات الحديدية، حيث سيعملون مباشرة مع المصانع شريطة تحديد مصدرها• وحسب بيانات نادي المصدرين -يضيف محدثنا - فإن عدد جامعي النفايات يقدر ب 40 ألف، مما سيوفر مداخيل قد تتجاوز أربع أضعاف مداخيل تصديرها الحالية، وقدر عضو نادي المصدرين قيمة مداخيل التصدير السنوية بحوالي 200 مليون أورو• الإتحاد العربي للحديد والصلب يكشف عن تهريب 150 ألف طن سنويا من النفايات أوضح الأمين العام للإتحاد العربي للحديد والصلب، السيد محمد العيد الأشقر، أن الجزائر من الدول القليلة جدا في العالم التي تسمح بتصدير النفايات الحديدية، وخاصة بقايا حديد الخرسانة التي تعتبر مادة استراتيجية• وأضاف السيد محمد الأشقر أن منع تصدير النفايات الحديدية تساعد على بروز صناعة محلية حقيقية لحديد الخرسانة ويسمح بالحد من فاتورة استيراده• كما يسمح منع تصدير النفايات للدولة بالحفاظ على الشركات المحلية العمومية والخاصة التي تنشط في المجال، ومنها الشركات العاملة في مجال الدرفلة التي أصبحت مهددة بالتوقف في كل وقت، بسبب تهريب 150 ألف طن سنويا من النفايات إلى الخارج•