ما يجري بين أويحيى وبلخادم من تراشق بالتصريحات حول موضوع ترقية المصالحة إلى عفو شامل ليس بالأمر الجديد ! فقد سبق للرجلين أن تراشقا بالتصريحات حول موضوع تعديل الدستور في الصائفة الماضية! وفي جو سياسي تتحول فيه المعارضة السياسية بإرادة السلطة إلى لا شيء يبحث فيه عن معارضة من داخل السلطة لتأمين الرأي والرأي المخالف المتحكم فيه بوسائل التسيير عن بعد! الجزائر أنجزت ديمقراطية فريدة من نوعها في العالم •• وهي الديمقراطية التي تعتمد على ممارسة المعارضة للسلطة من داخل السلطة! وهذه الظاهرة توجد في إسرائيل أيضا! بحيث تشارك الأحزاب الإسرائيلية المختلفة في الحكومة، وتعارض في السياسة على مستوى الرأي العام! نعم قد يحتاج أويحيى إلى وقت ليقتنع بضرورة ترقية المصالحة إلى عفو شامل•• كما احتاج إلى وقت كي يقتنع بضرورة تعديل الدستور! والذهاب إلى عهدة رئاسية ثالثة لبوتفليقة! وقد يكون الحوار بين أويحيى وبلخادم حول موضوع العفو الشامل هو صورة أخرى للحوار الذي يجري بين أصحاب الشأن في موضوع العفو الشامل•• وأصحاب الشأن يختلفون عن صاحب الشأن الدستوري في هذا الأمر وهو الشعب! العفو الشامل •• ماذا يعني؟! هل يعني أيضا العفو عن الذين سرقوا والذين قتلوا باسم الشعب؟! أم يعني العفو الشامل الانتقائي للجرائم تماما مثلما تمت المصالحة الانتقائية؟! المشكلة التي تواجه البلاد ليست في خلاف أويحيى مع بلخادم أو خلاف الأرندي مع الأفالان حول موضوع المصالحة والعفو الشامل•• بل المشكلة هي بالأساس أن القضايا الأساسية الخطيرة التي تواجه البلاد ولا تناقش في إطار مؤسسات الدولة•• لأن المؤسسات غير موجودة بالمرة! ولذلك يصبح الاجتهاد الشخصي في موضوع معين مهما كانت خطورته ممارسة ديمقراطية مؤسساتية!