بعض النكت لا تضحك·· تأتي باهتة وفاترة شبيهة بضيف ثقيل الظل دق بابك عند غفوتك الأولى من قيلولة كانت ستكون مريحة لولا··· ولكنها رغم ذلك تتخذ مساراً ورواجاً كأنما نحتاج بالفعل إلى هذا النوع من النكت التي نضحك منها فقط لأنها لا تضحك·· متى تصير النكتة غير مضحكة؟ هذا ما سوف نضحك منه· الحالة الأولى التي تصبح فيها النكتة ''بايخة ''ودمها بارد، هي تلك التي تبتعد عن الثالوث المحرم، فهل سمعت مرة بنكتة إباحية غير مضحكة·· أو نكتة سياسية غير مضحكة أو دينية - والعياذ بالله - ليست تُضحك·· طبعاً مع بعض الاستثناءات ولكن كلما ابتعدت النكتة عن هذه الطابوهات الثلاث كلما خفت مقدرتها على الإضحاك··· لسنا نضحك من نكت التلميذ ومعلمه ولا البخيل وصديقه ولا من نكت الأسئلة والأجوبة الباهرة على شاكلة أين تقع آسيا؟ تقع في بطن أمي·· الحالة الثانية هي العامل الزمني، فكلما تقدم الإنسان بالعمر أصبحت النكت لا تضحكه لأن النكت دوما تأتي على مقاس تجربة واكتشاف، وعندما يكون الفرد قد توسع في معرفته وتجربته الحياتية يقل تأثير النكت عنده، لأن القدرة على السخرية هي مقدرة شبابية بحتة· الحالة الثالثة قد تكون درجة الاستماع، نحن غالبا نوقف الشخص الذي يحدثنا عن نكتة سبق وسمعناها ولا نحب مطلقاً تكرار النكت على الرغم من أننا لا نحفظها ولكننا نتذكرها مباشرة عند سردها ونقول: ''نعرفها غير متكملش''، وربما أغلب النكت التي نرويها هي تلك التي نؤكد فيها للآخر أننا نعرفها وسبق وأن سمعناها· الحالة الرابعة هي تلك التي يرويها شخص لا يصلح للتنكيت·· ولا يستعمل فيها صاحبها أسلوب الحكي النكتوي·· وهو منهج قائم بذاته قد ينتمي للمدرسة الظواهرية التي تقترب من التمثيل وتستعمل وجهاً بشوشا يعرف كيف يطعمها بهارات التعبير الجسماني، وإلا سوف لن تضحكنا هذه النكتة مطلقاً وهناك بالفعل أناس غير صالحين للتنكيت·· تخيلوا جمال ولد عبّاس يروي نكتة مثلاً·· !! الحالة الأخيرة هي تلك النكت المكتوبة في المجلات أو الجرائد·· النكت فن منطوق ويحتاج للسند الجسماني كما ذكرنا في الحالة السابقة ويصعب بالفعل نقله إلى المكتوب·· ولكن الحالة التي لا نضحك فيها فعلا بين كل الحالات السابقة هي التي تعبر عنها أمي بما يلي: '' كي يكون قلبك عاطيك كل شيء يضحكك وكي قلبي يرفد همو والله يجيبولك عادل إمام، ما يتحرّك فمّك''