كشفت دراسة محلية تحصلت “الفجر“ على نسخة منها، أجرتها جمعية نسوية وشارك فيها أساتذة جامعيون وخبراء اجتماعيون و صحفيون، عن استمرار مواجهة المرأة العاملة على مستوى ولاية أم البواقي لصعوبات جمة وحالات استغلال بشعة في بيئة العمل سواء من خلال تدني الأجور أوإبعادها عن المناصب القيادية والمسؤوليات السامية، أو من خلال سلبها حقوقها القانونية المشروعة دون الحديث - طبعًا - عن إذلالها وامتهان كرامتها عن طريق التحرشات والمساومات الجنسية البذيئة والدنيئة. وأوضحت الدراسة، التي أرسلت نسخًا منها إلى وزارات ومنظمات وهيئات نسائية مختصة محلية ووطنية ودولية، وبالإمكان الإطلاع عليها قريبًا عبر شبكة الأنترنت، افتقار غالبية النساء العاملات بالشركات والمؤسسات العمومية والخاصة، على مستوى ولاية أم البواقي، إلى الثقافة بالحقوق العمالية، فضلًا أن عددًا كبيرًا منهن لا يبالين بمعرفة ما لهن وما عليهن من حقوق وواجبات، إلى جانب عدم استطاعتهن الوصول إلى المعلومة القانونية. وتهدفت الدراسة الميدانية، التي شملت حوالي 450 عاملة من 10 بلديات تابعة للولاية، وعبر شركات ومؤسسات مختلفة تنتمي خاصة إلى قطاعات التربية والتعليم والإدارات العمومية الخدماتية والبنوك وشركات التأمين وبعض الشركات الصناعية والفلاحية، إلى جانب شركات تابعة للقطاع الخاص، لتحديد مدى إلمام المرأة المحلية العاملة بجملة الحقوق التي يمنحها القانون لها وفقًا لقانون العمل الجزائري، وقانون الضمان الاجتماعي ودرجة الاستفادة من هذه الحقوق. وتؤكد الدراسة أن فترة بقاء المرأة في العمل مرتبطة بالحالة الاجتماعية، إذ أن نسبة النساء العاملات المتزوجات لا يتعدى ال 20 بالمائة، والباقي غير متزوجات. وحسب الدراسة دائمًا فإن لجوء المرأة إلى العمل يهدف إلى المساهمة في زيادة دخل الأسرة، حيث أن ما نسبته 45 بالمائة ممن شملهن الاستطلاع لجأن إلى سوق العمل رغم صعوبته لحاجة الأسرة لدخل إضافي، فالعمل برأيهن لم يعد مجرد ترف وتمضية للوقت مثلما كان في السابق. وفي الوقت نفسه، فإن عدد الراغبات في تمضية الوقت وسد فراغهن لا يتجاوزن 3% ، في حين أن 10% منهن يدركن أن العمل يأتي لهدف تنمية المهارات الشخصية والمهنية. وأشارت الدراسة أن 80% من دخل المرأة العاملة يساهم في إعالة الأسرة، وهذه النسبة تدل دلالة واضحة وبشكل قاطع على مساهمة المرأة في الأداء الاقتصادي، مثلها مثل الرجل على حد سواء، في كثير من المجالات والقطاعات. وأظهرت الدراسة أن 35% من عينة الدراسة غير منتسبات لأي نقابة عمالية، والسبب في ذلك يعود للقناعة بعدم جدوى الانضمام لهذه النقابات الفاشلة حسبهن في الدفاع عن حقوقهن، في حين أن البعض منهن لا يجدن الوقت الكافي للإنضمام لمثل هذه النقابات وهن في الغالب متزوجات وأمهات. وبلغت نسبة المنتسبات لنقابات عمالية حوالي 65% من العاملات على مستوى ولاية أم البواقي، وهذا مؤشر يحتاج إلى التوقف والتأمل مليًا وبجدية في إحجام المرأة العاملة بهذه الولاية عن الانخراط في العمل النقابي، والسؤال موجه إلى كل النقابات العمالية المعنية في الجزائر. وأشارت الدراسة أن 40% من العاملات يلجأن إلى النقابات في حال وجود خلافات مع أرباب العمل، في حين تلجأ 25% من العاملات إلى المصالحة مع أصحاب العمل، وحوالي 20% توسط الزملاء والزميلات، في حين أن 15% فقط من العاملات يلجأن إلى القضاء في حال وجود خلاف مع صاحب العمل. وتعتبر الدراسة أن الميل للمصالحة لدى العاملات يرتبط بشكل واضح بمسألة عدم الإلمام بالحقوق. وفي مجال المفاهيم القانونية للمرأة شرحت الدراسة بإسهاب أن 90% من العاملات يعرفن بالتفصيل الممل كل ما يتعلق بعطلة الأمومة والزواج، رغم أن نسبة العاملات المتزوجات لا يتعدى ال 20% كما ذكرنا آنفًا. وفي ذات السياق، أوضحت الدراسة أن 40% من العاملات لا يدركن الشكل القانوني لارتباطهن بالعمل، وحوالي 60% من العاملات لا يعرفن القانون الذي ينظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل. وأشارت الدراسة إلى أن ما نسبته 55% من العاملات يشتكين من عدم مراعاة لظروف المرأة العاملة وخصوصياتها. وأظهر الاستطلاع أن حوالي 35% من مرافق العمل تخلو من مرافق خاصة بالنساء كالمراحيض على سبيل المثال. وأكدت الدراسة على أن ما سبق يعطي مؤشرًا كافيًا على عدم احترام النصوص وتطبيقها بفعالية في أماكن العمل، وتوفير بيئة عمل مستقرة للمرأة العاملة. كما كشفت ذات الدراسة أن ما نسبته 48% من النساء العاملات عرضة لتحرشات ومساومات جنسية بأماكن عملهم، وأنهن يتعرضن لتلك التحرشات من طرف زملائهن الرجال في العمل، وأن حوالي 20% من النساء العاملات غادرن مناصب عملهن بسبب تعرضهن لاعتداءات جنسية. وفي مجال تنمية قدرات المرأة العاملة، فإن 40% منهن لم يحضرن أي دورات تدريبية ورسكلة خاصة بالعمل و10% لا يرغبن في الدورات، ما يؤكد وجوب مراجعة إجراءات وأساليب التعامل مع تنمية قدرات المرأة العاملة وزيادة درجة إلمامها بالعمل، بما يوفر لها درجة استقرار وانتماء وظيفي أكبر. وفي الختام، خلصت هذه الدراسة الميدانية الهامة، إلى أهمية العمل على رفع الأجور للعاملات بما يمكنّها من الاستمرار في العمل، ويحقق أعلى درجات الاستقرار المادي والنفسي، وضرورة رفع الوعي بالحقوق التي منحها لها القانون من خلال المشاركة بكثافة في الدورات التكوينية والرسكلة، وتبسيط هذه الحقوق وعرضها بطرق بسيطة وعلمية وتوعية المرأة بأهمية العمل النقابي وتشجيعها على الانضمام للنقابات، لأنها تشكل الإطار القانوني الأمثل لحماية حقوق المرأة العاملة وتوفير مرافق خاصة للنساء في أماكن العمل واتقاءها شر التحرشات والمساومات الجنسية المبتذلة.