أثر ارتفاع أسعار المواد واسعة الاستهلاك خاصة الخضر والفواكه والحبوب الجافة في الآونة الأخيرة على القدرة الشرائية للمواطن، ما أثر على الحالة الصحية والنفسية للأفراد، وخاصة فئة الأطفال التي تنعكس عليها الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة بشكل واضح تؤدي بهم إلى الانحراف. كشفت إحدى المختصات في علم النفس في تصريح ل"الفجر" أن غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للأولياء يؤثر بشكل مباشر وسلبي على الأطفال، حيث إن غلاء الأسعار من أهم العوامل السلبية المؤثرة على صحة الطفل النفسية والجسدية، خاصة إذا كانت الأسرة كثيرة الأفراد وتعاني من نقص الإمكانيات وتعيش في ظروف قاسية، فيكون الضحية الأول هو الطفل الذي يترجم ذلك الحرمان في سلوكاته، سواء العدوانية أو المنحرفة. كما يؤدي الحرمان والفقر بالطفل إلى التوتر وعدم الاتزان الانفعالي، بسبب شعوره بالخوف من المستقبل وعدم إشباع رغباته منها، بشراء اللعب والملابس الجديدة التي تعمل على رفع معنوياته وتشعره بالسعادة، والمساواة مع رفقائه. وأشارت المختصة إلى أن الأطفال الذين ينتمون لأسر محدودة الدخل وتعيش في مساكن ضيقة لا تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة، يصابون بأمراض نفسية منها اختلال التوازن النفسي والإحساس بعدم الاستقرار وعدم الخصوصية. أما الأخصائية الاجتماعية التيجاني، فترى أن عدم قدرة الأولياء على تلبية متطلبات أطفالهم بسبب الفقر وغلاء الأسعار من بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى انحراف السلوك الاجتماعي للطفل. ليس هذا فحسب؛ بل تولّد لديه عقدا نفسية لشعوره بالنقص إذا قارن نفسه بالآخرين، خاصة إذا لم يجد الطفل الرعاية والمتابعة الضرورية. وفي نفس الوقت، تقول ذات المتحدثة إن الأبوين يمكن أن يجنبا طفلهما العُقد النفسية إذا عرفوا طريقة إقناعه بأن الفقر ليس عيبا ويمكن التعايش معه وأن السعادة ليست في المال فقط. من جهة أخرى، حذّرت المتحدثة من بقاء الأطفال خارج المنزل لساعات طويلة خاصة في الأحياء الفقيرة حيث تكثر الآفات الاجتماعية، رفقة أصدقائه دون رقابة الأهل، مما يدفعهم إلى ممارسة سلوكات منحرفة منها التدخين، السرقة، المخدرات خاصة إذا كان الطفل يصاحب من هم أكبر منه سنا. كما أكدت الأستاذة أن الفقر ليس حجة للانحراف، فإذا عرفت الأسرة كيف تتكفّل بطفلها من الجانب النفسي والاجتماعي فلن يكون للنقص في الجانب المادي تأثير كبير يؤدي بالطفل إلى الانحراف؛ مشيرة إلى أن التربية الحسنة تلعب دورا أساسيا في حماية الطفل وتحصينه من الانزلاق في متاهات الآفات الاجتماعية. أما على المستوى الصحي، يقول الطبيب العام أ.كمال إن الأطفال الذين ينتمون لأسر فقيرة يعانون أمراض سوء التغذية وفقر الدم نتيجة افتقارهم للمواد الغذائية الغنية بالحديد والفيتامينات اللازمة لبناء أجسادهم الصغيرة، أو الاعتماد على نظام غذائي غير متوازن يعتمد على نوع واحد فقط كالإكثار من النشويات والعجائن فلا يأخذ الطفل حاجته من الفيتامينات والمعادن والبروتين نظرا لظروف أسرته الاقتصادية التي لا تسمح بذلك؛ داعيا إلى الاهتمام بتثقيف وتوعية الأسر بضرورة الاهتمام بمجال التغذية وصحة الطفل.