مقال يعالج موضوعا في الصميم لأنه يتعلق بأناس حملوا مسؤولية تبليغ هذا الدين الحنيف - وما أثقلها - إلى الناس، وكيف أن بعضهم وقع في فخ التناقض بين ما يقولون وما يفعلون. القرءان صريح ولا مجال للمكر مع الله، فليس هناك من أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا... وهنا المشكل إذ يبدو أننا في عصر من يحسنون اللباس والقول ولكن العمل ''أَيلاّ'' يعني لا شيء. الدين أنزله الخالق كمصباح هاد ومرشد لنا في هذه الدنيا التي وجب علينا أن نتحمل مسؤولية العمل والإختراع والاستعمال الأمثل لعقولنا لتعميرها، لا السكن في مغارة حفاة عراة جوعى مسبحين بحمد الله بكرة وعشيا في انتظار موتنا البيولوجي وانتقالنا في نفق البرزخ إلى عالم الجزاء والحور العين. نعم في آخر الزمان أصبح الدين مظهرا وتجارة وأماني على الله حيث انقسم مشايخ آخر الزمان إلى مرهبين مخوفين من نار جهنم من نوع سكان المغارة كالسلفيين وهم لا يخجلون من الدعاء والمباركة لعائلة آل سعود، أو إلى دعاة مودرن يبيعون أصواتهم في بورصة القاهرة ويطلون علينا من القنوات الفضائية مقابل مبالغ خيالية ويندفعون ليدغدغوا عواطفنا على طريقة الدعاة الإنجيليين في القنوات الأمريكية الذين يتميزون بالفصاحة وحسن المظهر، فتراهم يبكون خشوعا أمام الكاميرات، وتراهم يواسون الفقير الذي لا يملك شيئا أو الفاشل فيعدون بجائزة الفردوس الكبرى، وتراهم يهنئون الغني -الذي ترفه بأي طريقة - بنعمة ورزق ربي الذي آتاهم منه بغير حساب. أما العلماء الحقيقيون، وهم على قلتهم، فلم يجدوا مكانا في هذا الزخم وضوضاء الفضائيات الشديدة فأوشكت مؤلفاتهم أن تنهار عليهم وتقتلهم ولا من يلتفت إليهم. أوردت مجلة فوربس الأمريكية أن دعاة الفضائيات أصبحوا يتحكمون في مبالغ طائلة، فأعلاهم عمرو خالد ب2.5 مليون دولار، وفي القاهرة تتحول ملصقات الإشهار من الأفلام الخليعة إلى ملصقات الدعاة مع بداية كل رمضان وبتكلفة باهظة. صيحة أخرى من صيحات مشايخ آخر الزمان وهي الفتاوى، فهذا يفتي لعمر البشير حول عدم شرعية سفره خارج السودان لكي لا يقبض عليه، وذاك يفتي لرجل أن ترضع زوجته زميلا له في العمل لكي يستطيع أن يدخل عليهم في البيت متى شاء!!! وثالث يفتي بزواج المتعة وزواج فراند وزواج المسيار وقريبا سيفتي بزواج الشواذ. لاحول ولا قوة إلا بالله. فهل نحن أمام صحوة إسلامية تكنولوجية دولارية لا مثيل لها؟ أم هي مقولة الرفيق ماركس: الدين أفيون الشعوب (طبعا الدين كما يفهمه هؤلاء الدعاة) مجسدة بامتياز؟ علي-جيجل من شطحات القرضاوي الفقهية أنه ظهر على إحدى القنوات الفضائية عشية الإعلان عن فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 وهو فرح وزف إلى مشاهديه أنه دعي لقطر للفوز بهذا التنظيم!؟ وبدعائه تغلب المسلمون لأول مرة على أمريكا!؟ يا سلام.. لماذا لا تدعو يا أيها الشيخ على إسرائيل فتزيلها من الوجود ويتحرر إخواننا الفلسطينيون؟! علي أحمد - الجزائر ملاحظة: هكذا استبدل علماء آخر الزمان الجهاد لاسترداد الحقوق بالدعاء.. ولا تسألوا كيف كنا وكيف أصبحنا مع إسلام الدراويش!