نظريات كبرى حول التنمية الصناعية للدولة: تجاوز أقطاب التنافسية، تنظيم معقد للنسيج الصناعي، هل مر وقت التردد؟ هل انتهى التذبذب والاضطراب وعدم تحديد موقف موحد تجاه القطاع العام مرة، والاستثمارات الأجنبية مرة أخرى، ثم التوجه نحو الأولوية للاستثمارات الوطنية مرة أخرى..؟ يبدو أن وزير الصناعة الجديد أعاد طرح مسألة التنمية الصناعية إلى إطاره الطبيعي: 1 - عدم رسم جدول وردي حول النسيج الصناعي الموجود. 2 - تثمين أهم الشركات الصناعية العمومية. 3 - دعم المؤسسات الخاصة وتحسين شروط الإنتاج وتوفير جميع العوامل المساعدة. 4 - عقلنة سياسة الدولة تجاه الاستثمار الأجنبي. لقد رسم وزير الصناعة وترقية الاستثمار والمؤسسات الصغيرة، معالم السياسة الصناعية الجديدة التي تريد الحكومة تطبيقها، خلال برنامج تلفزيوني، سابقا. وبدأ الوزير بالإشارة إلى أن دعم النمو الاقتصادي عن طريق الإنفاق العام، بلغ مداه... "من الآن فصاعدا سيكون على المؤسسات خلق النمو". بلغة الاقتصاديين، وجدنا في حديث الوزير تشريحا للوضعية التي أشرنا إليها منذ سنوات: "هناك محدودية الإنعاش عن طريق الطلب، والحاجة إلى سياسة عرض". ولكن هل يمكن تجاهل نوعا ما عمليات التقييم المبالغ فيها من قبل الوزير. لقد أعلن الوزير "برامج الإنعاش والدعم الضخمة منذ 1999 لم تسمح في الحقيقة سوى بتحقيق نمو مصطنع". يجب قبل ذلك تشريح هذا الحكم: النمو الاقتصادي خارج المحروقات خلال السنوات الأخيرة تجاوز 6%. كما يجب أن نفهم أن تلك البرامج، كانت مخصصة لتعزيز النمو. بإمكانها خلق النمو، ولكن يجب قراءة وتقييم ذلك في سياقه الحقيقي للوصول لتحقيق نمو قوي ومستدام. كما ذكر الوزير بأن "النمو لا يمكن أن يأتي من مصدر وحيد وهو الإنفاق العام، وأن الاستثمار الخاص عليه أن يلعب دوره الحقيقي". إننا هنا وجدنا نفس النقاش الذي طرحناه حول المحركات الحقيقية للنمو. يجب تشغيل محركات النمو الحقيقي. محركات الاستثمار والتصدير والاستهلاك، وهو ما قلناه وكتبناه مرات عديدة. كيف يمكن إعادة النسيج الصناعي الوطني إلى المعركة؟ يجب أولا القيام بعملية جرد: الجزائر تتوفر على نسيج صناعي معتبر جدا وخاصة في القطاع العام الذي يعيش حوله قطاع خاص مهم أيضا. ماذا اقترح الوزير؟ بالنسبة للقطاع الصناعي العام، هناك حالات فشل متكررة لعمليات الخوصصة بمختلف أشكالها لصالح القطاع الخاص. لقد اقترح الوزير وضع الشركات العمومية المدرجة في مخطط الإنعاش الذي تموله الدولة، والتي يمكن أن تستفيد من عقود هامة لتنفيذ البرامج العمومية. كيف؟ لقد قدم الوزير برنامجا من ثلاثة محاور: 1 - التطهير المالي للمؤسسات العمومية التي تتوفر على مشاريع، وإعادة تنظيمها وفتح رأس مالها لصالح شركاء أجانب من الرواد في قطاعهم. ومن بين تلك القطاعات شركات الإسمنت وصناعة الأدوية التي تتوفر على سوق وطنية هامة، ولذلك قررت الدولة بعث شركة صيدال، بالإضافة إلى ضرورة تطهير القطاع الميكانيكي الذي سيتبع عملية تطهيره فتح رأسماله لرواد عالميين من أجل شراكة "رابحة - رابحة" "رونو"، "فولسفاغن"، و"ديملر"، مضيفا أن برامج الإنعاش استفادت منها الشركات العمومية وليس الاستيراد. العامل الذي يلعب لصالح الخارج أكثر من الداخل ليس حتمية للسياسات الكينزية للإنعاش. لقد أشار الوزير إلى أن البرامج التي استفادت منها الشركات العمومية سمحت بعودة هذه الأخيرة إلى السوق. كما أن إجراءات الأفضلية الوطنية التي تقررت مؤخرا، وإلزام الشركات الأجنبية بإشراك مؤسسات وطنية عند تنفيذ مشاريع عمومية. النقطة الثانية التي شدد عليها الوزير لإعادة ضبط الصناعة الوطنية حسب الوزير، تشمل ثلاث عمليات: أ- دعم الدولة للصناعات المهيكلة، الميكانيك، الصيدلة، الإسمنت، تكنولوجيات الإعلام والاتصال. ب- تنمية الدولة للبحث والإبداع. وعليه فقد تقرر تحضير قانون للإبداع، وتأسيس وكالة وطنية للإبداع، بالإضافة إلى مراكز تقنية وصناعية لدعم التنافسية. الصناعات الغذائية والميكانيكية ستكون الأولى في وضع هذه المراكز. ج- المناولة: هذا النشاط سيتم تطويره حول الصناعة الميكانيكية. محور العمل الثالث لبعث الصناعة الوطنية يتعلق بالموارد البشرية "نجاح المؤسسات يتعلق بنوعية مواردها البشرية". لقد تم تأسيس مدارس كبيرة وسيتم خلق أخرى في مجالات المناجمنت والاقتصاد الصناعي وتسيير المؤسسات. وفي القطاع التقني والتكنولوجي وكذا في مجال الإعلام الآلي، هناك مشاريع مدارس كبيرة قيد الإعداد. دعم الدولة للمؤسسات الصغيرة في محيط المركبات الصناعية الكبرى، قررت الدولة دعم تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (المناولة). إن المؤسسة الصغيرة والمتوسطة تم إلحاقها بالصناعة، ورصد لها مبلغ 380 مليار دج لتأهيلها وهو مبلغ تستفيد منه 20 ألف مؤسسة. وتم تكليف الوكالة الوطنية للمؤسسات الصغيرة بتنفيذ المشروع. وردا على مخاوف المراقبين من عودة الشركات العمومية، وتدخل الدولة، أوضح الوزير أن الاستثمار سيدفعه القطاع الخاص، لأن النمو قضية الشركات وليس ميزانية الدولة. 1 - إعادة تأهيل الشركات العمومية التي تحل محل الواردات، وخاصة قطاع الميكانيك والأدوية والمعلوماتية والإسمنت. وذلك عن طريق التطهير المالي وفتح رأس المال. 2 - تسهيل الاستثمار للقطاع الصناعي الخاص. والتعليق المؤقت لاتفاقات التبادل الحر التي وقعتها الجزائر. 3 - تأهيل ودعم الإبداع والتأهيل العالي. 4 - الانفصال التدريجي عن ميزانية الدولة في الاستثمار المنتج وتعويضه بالمؤسسات الوطنية. وهو ما يمكن أن يكون خطوة صحيحة وواقعية... على أرض الواقع يجب التخلي عن التردد نهائيا... في انتظار ذلك من حق الجميع أن يحلم.