الرئيس المصري السابق حسني مبارك يسجن هو وعائلته وتسجنه العدالة المصرية التي شيدها مبارك دون أن تحس هذه العدالة بالخزي والعار! لم يتساءل أشقاؤنا في مصر: كيف حكمتهم عائلة لصوص شيدت نظام لصوص على مدار 30 سنة؟! ولم ينتبه المصريون وعدالة مصر وشعب مصر إلى هؤلاء إلا عندما غادروا المسؤولية؟! هل العيب في هؤلاء اللصوص أم في شعب مصر الذي كان يمجد اللصوص الذين يحكمونه؟! وكيف نامت نواطير مصر عن لصوصها إلى هذا الحد؟! إن إدانة مبارك وأبنائه وزوجته وكل رجال حكمه هو في النهاية إدانة لمصر وشعب مصر ونظام مصر حتى ولو رفضوا ذلك وقالوا: إن الإدانة لمبارك فقط؟! كل رموز النظام سراق.. رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمة.. ورئيس مجلس الشعب ووزير الداخلية.. ووزير المالية ووزير السكن.. ولم يبق سالما من عضوية عصابة الأشرار في الحكم المصري سوى عمرو سليمان مسؤول المخابرات ووزير الدفاع الطنطاوي؟! ترى لماذا لم يحاسب عمرو سليمان بتهمة سكوته عن الفساد؟! ولماذا لم يحاسب وزير الدفاع طنطاوي عن قبوله العمل تحت قيادة عصابة أشرار؟! قد يقول لي قائل: "واش دخلك" في أمور المصريين! وهذا سؤال وجيه لكن بلادنا ظلت هي الأخرى تتعامل مع هذا البلد الذي ترأسه عصابة على أنه بلد قائد للأمة العربية.. ومن حقه علينا أن ندفع له ثمن هذه القيادة عبر الجامعة العربية؟! ولهذا لابد أن نتساءل كيف لم تنتبه بلادنا إلى أن البلد القائد للأمة العربية تقوده عصابة؟! ويقول عن إسرائيل إنها دويلة وتقودها عصابات صهيونية؟! ثم إذا كان هذا حدث في مصر في عهد مبارك فمن يقول لي بأن هذا لن يتكرر مع من هم الآن في الفساد في سدة الحكم أو الذين سيأتون إلى الحكم بعد الانتخابات؟! قد يكون أمر الفساد في مصر قد وصل إلى هذا المستوى.. لكن قد يكون الأمر أيضا له علاقة بتصفية الحسابات السياسية وغير السياسية! لأن ما حدث يجعل كل إنسان ينظر إلى المصري في المستقبل على أنه مشروع لص كبير ينبغي الحذر منه؟! في الجزائر كاد أن يحدث ما حدث الآن في مصر من تصفية الحسابات سنة 1980 حين اتهم الرفقاء في مجلس الثورة بعضهم البعض بالسرقة فاتهم واحد بأخذ زربية واتهم آخر بأخذ بقايا بقشيش من سفارة.. واتهم آخر بإبرام صفقات مشبوهة. وأذكر أنني سألت السيد محمد شريف مساعدية أمام ما يقارب 200 صحفي سنة 1981 قائلا: إذا كان هؤلاء الأعضاء في مجلس الثورة قد سرقوا فعلا والدولة تقتص منهم لأنهم لصوص فمن يعوض لي أنا الصحفي الذي عشت 10 سنوات أقول فيهم ما لم أقله في أمي وأبي وفي الأخير يطلعون لصوصا؟! أما إذا كانوا برءاء من هذه التهم.. وأن التهم ملفقة لأسباب الإبعاد السياسي وتصفية الحسابات.. فمن يضمن لنا أن الذين يتهمونهم اليوم لا تلفق لهم أيضا تهما مماثلة من الذين يأتون بعدهم؟! وكان قول مثل هذا الكلام سنة 1981 يعد كفرا إعلاميا يعاقب عليه القانون.. فما كان من المرحوم مساعدية الذي أعجبه ما قلت سوى القول: هذا الكلام لا يقال في مثل هذا اللقاء! نتمنى أن لا يكون ما يحدث في مصر هو تصفية حسابات؟!