شهدت بلديات العاصمة خلال الفترة الأخيرة المتزامنة مع الإعلان عن قوائم السكنات الاجتماعية فوضى كبيرة تعكسها الحركات الاحتجاجية التي نظمها المواطنون أمام مقرات البلديات، تعبيرا عن رفضهم لما أسموه “المحسوبية واللاّعدل” في توزيع السكنات، خاصة وأن أغلب القوائم تضمّنت أسماء أشخاص يملكون عقارات بمناطق مختلفة غير أنهم استفادوا من سكنات على حساب عائلات بأمس الحاجة إلى سكن، ما أحدث حالة استنفار قصوى صحبتها أعمال عنف وشغب أجبرت بعض رؤساء البلديات على إلغاء القوائم وإعادة النظر فيها، في حين وجد آخرون الحل في عدم إصدارها في الوقت الراهن، خوفا من ردود فعل المواطن التي بات يحسب لها ألف حساب. الزيارة الميدانية التي قادت “الفجر” لبعض بلديات العاصمة، كشفت عن حالة الغضب التي يعيشها المواطن فور تداول خبر صدور قائمة السكن الاجتماعي، حيث يجد نفسه أمام مقر البلدية ينتظر يوم الفرج، غير أنهم عادة ما يصدموا بأسماء مجهولة لأشخاص غرباء عن المنطقة، وهو ما شهدته، مؤخرا، بلديات بوروبة، عندما تم الإعلان عن قائمة 72 مسكنا اجتماعيا، بئر مراد رايس بقائمة 80 سكنا اجتماعيا، بئر خادم بقائمة 120 سكن اجتماعي، وكذا بلدية الشراڤة التي عرفت فوضى كبيرة أجبرت السلطات المحلية على إلغاء القائمة. مواطنون يقتحمون مقر البلدية ويغلقون الطريق احتجاجا على قائمة السكن ببوروبة عرفت بلدية بوروبة خلال الإعلان عن قائمة 72 سكنا اجتماعيا، أعمال شغب من طرف المحتجين الذين أقدموا على اقتحام مقر البلدية، تعبيرا عن رفضهم للقائمة التي وصفوها بغير العادلة، لأنها تضمّنت أسماء لا تعاني الأوضاع المزرية التي يعيشها أصحاب القصدير والبنايات الهشة، وهو ما أجبر العمال على إخلاء مقر البلدية ساعات طويلة، في انتظار أن يحل المشكل الذي أجبر السلطات المحلية، وعلى رأسها رئيس البلدية على التدخل لتهدئة الأوضاع. وقال بعض المحتجين أن احتجاجهم جاء للمطالبة بمنحهم حصة أكبر من السكنات، تغطي طلبات العدد الهائل من المواطنين الذين أودعوا ملفات السكن، منذ عدة سنوات، إلا أنهم لم يحصلوا على أي سكن ضمن أي صيغة سكنية رغم الخصوصية التي تعرفها منطقتهم، من حيث أزمة السكن والنسيج العمراني القديم الذي جعل أحياؤها غير صالحة للسكن من جهة، والكثافة السكانية التي تعرفها منطقتهم من جهة أخرى. حالات إغماء ومحاولات انتحار وسط العائلات المقصية ببئر مراد رايس لم تسلم بلدية بئر مراد رايس هي الأخرى من الغليان الذي صاحب الإفراج عن قائمة 80 سكنا اجتماعيا، حيث أثارت سخط كبير وسط 600 عائلة مقصية علّقت أمالا كبيرة، غير أنها لم تتحصل على سكن، بسبب إهمال مسؤوليهم للأوضاع المزرية التي عاشوها في سكنات هشة يعود تاريخها إلى العهد الاستعماري. وشهدت بلدية بئر مراد رايس خلال الإعلان عن قائمة السكن احتجاج مئات العائلات التي نددت بالوضع وحملت لافتات تعبر عن رفضها مثل “قائمة مشبوهة يجب التحقيق فيها”، لا للحڤرة..لا للحڤرة”، “نطالب بفتح تحقيق وإلغاء القائمة”، “لا للمحسوبية ........نريد عدالة”، هي شعارات ردّدتها العائلات، خاصة أن القائمة حملت 60 اسم مشتبه فيه من أصل 80 فقط في حاجة إلى سكن يحفظ كرامتهم، لأن أغلبهم تحصلوا على سكنات في عهدات سابقة والبعض الآخر ليسوا بحاجة لسكن واستفادوا مرة أخرى، وهو ما شجّع المواطنين على مواصلة اعتصامهم أمام مقر البلدية حتى يتم إلغاءها في إطار قانوني، حيث تم إيداع 600 طعن، ناهيك عن حالات الإغماء ومحاولات الانتحار التي سجلت فور الإعلان عن القائمة. واستغرب بعض المحتجين إقصاء عدد كبير من العائلات على الرغم من استفائها جل الشروط اللازمة التي تخول لها الحصول على سكن لائق، غير أنهم تفاجأوا بوجود نفس الأسماء ضمن القائمة السكنية، الأمر الذي أثار غضبهم ودفعهم إلى التفكير في تجديد الاحتجاج وغلق الطريق السريع حتى يصل نداؤها إلى الجهات المعنية علّها تسارع في اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن العائلات المتضررة. القائمة تلغى ومؤشر الطعون يرتفع إلى 4 آلاف طعن بالشراڤة شهدت بلدية الشراڤة، منذ أكثر من أسبوعين، فوضى عارمة بسبب الإعلان عن قائمة 70 سكن اجتماعي التي أجبرت العديد من العائلات على الخروج من منازلها في ساعات مبكرة للانتقال إلى مقر البلدية لرؤية قائمة السكن، غير أنهم صدموا بالواقع المر الذي كشف عن وجود أسماء لا تقطن إقليم البلدية، وهو ما يتعلّق بشابتين تحصلتا على سكن رغم عدم استيفائهما الشروط اللازمة للحصول على سكن اجتماعي، ناهيك عن صدور أسماء لأشخاص يملكون فيلات وعقارات بالمنطقة، غير أنهم تحصلوا على سكنات على حساب عائلات معوزة، ما أشعل فتيل الغصب ببلدية الشراڤة، وبدأت الطعون تتهاطل إلى أن وصلت إلى 4000 طعن، لتحتل بذلك بلدية الشراقة الرقم القياسي في الطعون المودعة على مستوى بلديات العاصمة. كما عرفت المنطقة حالة غليان واشتباكات استمرت طيلة أيام إلى أن تدخلت المصالح الولائية التي حققت في الموضوع، وألغيت القائمة بصفة نهائية، حيث طمأنت المواطنين بإعادة النظر في القائمة، غير أن مواطني بلدية الشراڤة اليوم يعيشون في قلق وتوتر دائم من تكرار سيناريو التلاعب بالقوائم. وأشار عدد من المحتجين خلال حديثهم مع “الفجر” إلى تنصّل رئيس البلدية من مسؤوليته إزاء المشكل الذي حاولوا الحصول على تفسير له، إلا أنه تهرب من الرد على انشغالاتهم. العائلات المقصية تندّد بقائمة 120 سكن اجتماعي ببئر خادم ولم تتوان العائلات المقصية من قائمة 120 سكن اجتماعي ببلدية بئر خادم بالعاصمة في اطلاعنا على معاناتها مع سلطات بلدية بئر خادم التي تجاهلت الطعون المودعة لديها ولم تتخذ بشأنها أي إجراءات رغم الأسماء المشبوهة الواردة فيها. وأكدت العائلات المقصية أن قائمة السكن الاجتماعي التي صدرت مؤخرا على مستوى بلديتهم، تضمنت أسماء أشخاص يملكون عقارات في مناطق مختلفة من الوطن، ورغم ذلك استفادوا من سكن آخر، على حساب عائلات تتخبط في القصدير والأمراض، وأخرى في سكنات هشة تكاد تنهار على رؤوس قاطنيها، ورغم ذلك لم يستفيدوا من سكن لائق ينتشلهم من الأوضاع المزرية التي يعيشونها في القصدير، ومن جحيم التنقل بين الأهل والأقارب. وأبدى هؤلاء عزمهم على مواصلة احتجاجهم في حال استمرار السلطات تجاهل الطعون المودعة لديها، خاصة وأن الأسماء الواردة في القائمة، تملك سكنات سواء على مستوى بلديتهم أو في مناطق أخرى غير أنها لم تشطب بعد من قائمة المستفيدين، الأمر الذي أثار غرابة المقصيين ووصفوه بغير العادل في حقهم كعائلات عانت سنوات طويلة دون أن تستفيد من سكن ضمن أي صيغة سكنية. لذا، طالبت العائلات المقصية من حصة 120 سكن اجتماعي ببلدية بئر خادم إيفاد لجنة تحقيق في قضية القوائم السكنية وكذا الطعون التي لم يعد النظر فيها. رؤساء البلديات في حالة تأهب والقوائم تؤجل إلى إشعار آخر أعرب بعض المسؤولين المحليين ممن شهدت بلدياتهم حالة فوضى عن أسفهم لما تشهده بعض المناطق، حيث أرجعوها إلى قلة الحصص السكنية مقارنة بعدد الطلبات المودعة والتي عادة ما تتجاوز ألف طلب، غير أنهم في المقابل لم يحصلوا إلا على 70 أو 80 وحدة سكنية، ما نتج عنه فوضى كبيرة صحبتها احتجاجات متتالية للسكان، خاصة العائلات المحتاجة التي ترى أن لها أولوية في الحصول على سكن، وهو ما أكده رئيس بلدية بئر مراد رايس ل “الفجر”، حيث أبدى رفضه لكل ما يسمى فوضى لأنه من الطبيعي أن تصدر القائمة وتصاحبها حركة غير عادية، إلا أنها ليست فوضى كما يصفها البعض الآخر، خاصة وأن عملية توزيع السكنات تمت وفق أطر محددة معلومة لدى الجميع ولا يمكن الشك فيها، غير أنه أكد على مراجعتها من جديد وأن كانت تستحق أن تكون ضمن القائمة سيتم إدراجها لأنها قائمة أولية قابلة للتعديل. أما رئيس بلدية الشراڤة فيرى في عدم الحديث عن الموضوع الأمر الصائب، لأنه سيكشف خبايا كبيرة عن الفوضى التي لم تعهدها بلدية الشراڤة إلى حين صدور قائمة السكن الاجتماعي التي كانت بمثابة الفتيل لإشعال نار الغضب وسط السكان، لأن منهم من رفض التسيير ومنهم من ندّد بالمحسوبية والرشوة وآخرون طالبوا برحيل رئيس البلدية الذي لا يخدم إلا مصالحه –على حد قولهم -. وبين الفوضى التي صحبت الإفراج عن القوائم السكنية والحركات الاحتجاجية التي عرفتها العاصمة مؤخرا وتبريرات رؤساء البلديات، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، أين هو دور اللجنة الولائية لتوزيع السكنات في ردع التجاوزات الحاصلة بالقوائم السكنية.