أمام النظام الجديد في ليبيا فرصة لتبييض صورته أمام الرأي العام الدولي.. أمامه الحفاظ على حياة سيف الإسلام وتقديمه إلى العدالة كخطوة أولى لإعادة الاعتبار للعدالة التي هي أساس أي بناء ديمقراطي. أمامهم فرصة للتنصل من تبعات المشهد الذي تابعه العالم حول مقتل القذافي وابنه وما صاحبه من همجية ودوس على قيم العدالة والإنسانية وحقوق الإنسان، القيم التي يدعي الثوار الليبيون أنهم قاموا بقلب النظام من أجل إحقاق الحق وبناء نظام ديمقراطي وتطبيق العدالة التي افتقدها نظام القذافي الدكتاتوري. محكمة الجنايات الدولية طالبت أمس من السلطات الليبية بتسليمها سيف الإسلام، ربما خوفا على حياته من أن يعرف نفس مصير والده وشقيقه، الذي نفذ فيهما الثوار ”الحكم بالإعدام” قبل تقديمهما إلى العدالة ومحاكمتهما. والغريب أن أمريكا وفرنسا رحبتا بتصفية القذافي بهذه الطريقة الهمجية، وربما كانت التصفية بأمر من كاتبة الدولة للشؤون الخارجية، هيلاري كلينتون، التي قامت قبيل اعتقال القذافي بزيارة خاطفة إلى ليبيا، وتكون أعطت أمرا بالقضاء عليه. صحيح أن سيف الإسلام يشكل خطورة بمواقفه المتصلبة أيام الأحداث، وكان أول من أعلن الحرب على المعارضة وقال كلمته الشهيرة: ”سنقاتل لآخر رجل ولآخر رصاصة”.. والآن وقد تم القبض عليه، فمن مصلحة الجميع أن يقدم إلى محاكمة عادلة ليحاسب على أعماله، وليعرف العالم ربما بعض الخفايا التي لم يكن مصلحة القذافي ولا شركاؤه الغربيون الذين كان يغدق عليهم بالأموال والهدايا، طمعا في رضاهم، أن يعرفها الرأي العام وأن تصل إلى المواطن البسيط، شرط أن تنظم محاكمة فعلية للرجل، لا محاكمة كتلك التي نظمتها أمريكا لصدام حسين، محاكمة أقرب إلى المهزلة منها إلى المحاكمة. الخوف أن ترفض فرنسا وأمريكا تقديمه إلى المحكمة الجنائية، والإسراع بطي ملف سيف الإسلام بتنظيم محاكمة صورية له في ليبيا تنتهي بالإعدام، لأن هذا ما تريده القوى الغربية، لأنها لا تريد أن يكون هناك شاهدا على تورطها مع نظام القذافي، وربما لهذا السبب قال محمود الشمام إن لا أحد من حقه تسليم سيف الإسلام إلى المحكمة الدولية، وبالتالي فإن مصيرا مجهولا ينتظر الرجل، الذي فوت على نفسه فرصة الخروج من المأزق بسلام هو ووالده وكل عائلته، لو أنه اهتدى إلى تجنب سفك الدماء وحث والده على تسليم السلطة إلى سلطة انتقالية. حكام ليبيا الجدد أمام اختبار ثان اليوم، أمام الرأي العام الدولي، الذي يترقب ما سيفعله الثوار بجسد نجل القذافي (...).