يقول الله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}. شهر رجب، أحد الأشهر الأربعة الحرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب. وقد ورد في شهر رجب صلوات وأذكار لكنها ضعيفة لا تثبت بها حجة، ولا تثبت بها سنة، وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول إن هذا شهر محرم لابد من أن أزيد فيه من صلاتي وذكرِي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم - كما يؤكد لنا العلماء - أدرك هذا الشهر ولم يزد فيه على غيره شيئا. يقول الدكتور طه الدسوقى حبيشى، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة، ومنها شهر رجب، لأنه أحد هذه الأشهر الحرم. قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام}.. أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، وقال تعالى:{فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، أي في هذه الأشهر المحرمة، فالضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله. إذن ينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة، ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله. ومن هنا جاء التحذير الشديد في الآية السابقة من ظلم النفس فيها، مع أن ظلم النفس أي ارتكاب المعاصي يحرم في جميع الشهور. وقد اتفق جمهور العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى:{فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتالهم مطلقا، واستدلوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم. وقال آخرون إنه لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، ولكن يجوز استكماله إذا كان أوله في غيرها، فحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك لأن أول قتالهم في حنين في شوال. وهنا نقول إنه إذا داهم العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره. وعن صحة الأحاديث التي وردت عن فضل شهر رجب، يقول الشيخ فرحات السعيد المنجى من علماء الأزهر: “لم يصح في شهر رجب إلا أنه من الأشهر الحرم التي ذكرها الله في كتابه{منها أربعة حرم} (التوبة 36) وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وهي أشهر مفضلة. فلم يرد حديث صحيح يخص رجب بالفضل إلا حديث حسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر ما يصوم في شعبان، فلما سئل عن ذلك قال: “إنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان”. فمن هذا الحديث نفهم أن رجب له فضل أما حديث “رجب شهر الله، وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي”، فهو حديث منكر وضعيف جدًا، بل قال كثير من العلماء إنه موضوع يعني أنه مكذوب، فليس له قيمة من الناحية العلمية ولا من الناحية الدينية.