لا تزال جماعة الإخوان المسلمين تُعتبر "بارومتر" المرحلة القادمة في مصر بعد فوز محمد مرسي القيادي الإخواني البارز بمقعد رئيس الجهورية المصرية، رغم أن مرسي قدم استقالته من الجماعة ومن حزب الحرية والعدالة، فهل يستطيع الرئيس المصري الجديد الخروج من عباءة المرشد العام للإخوان المسلمين؟ هو السؤال الذي يستبعد المراقبون أن تكون إجابته" نعم" خصوصا وأن التجربة التونسية أكدت عكس ذلك حيث لا تزال لراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة يد في مجريات الحياة السياسية في تونس وشأنه في ذلك شأن خمينائي إيران الذي يلقب في إيران ب"ولي أمر المسلمين" الإيراني. ولأزيد من 80 عاما تعتبر جماعة الإخوان المسلمين في مصر من أهم الجماعات المطالبة بعودة الخلافة وهو سر قمع الأنظمة المصرية المتعاقبة من عهدات الملكية إلى عهد جمال عبد الناصر والسادات وحسني مبارك لجماعة الإخوان المسلمين التي كان ينظر لها على أنها تهديد للحكومات العربية التي تنادي بمدنية الدولة بما يخل بموازين العدالة والحرية والديمقراطية. محمد علال أصدروا قرارات، رسموا خطوط المرحلة القادمة... ومرسي يعيش بقلبين جماعة الإخوان تواصل الحديث باسم رئيس الجمهورية تتعامل قيادات الإخوان المسلمين في مصر وحتى "أشبال" تنظيم الجماعة مع فوز محمد مرسي بالرئاسة على أساس أنه انتصار لجماعة الإخوان المسلمين، فرغم تقديم محمد مرسى لاستقالته مع الجماعة إلا أن العديد من قيادات الجماعة لا تزال تصدر تصريحات وتقوم بإقرار بنود المرحلة القادمة من الحديث عن عدم نشر صور الرئيس في المصالح الحكومية إلى الموازنة العامة للاقتصاد المصري وصولا إلى نشر الأعراف الإسلامية في الشارع المصري من الحجاب إلى غلق مراكز السياحة وحتى منح رجال الشرطة المصرية الحق في اللحية. وسط صمت الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، يتحدث قادمة الإخوان عن شكل الحكومة المصرية القادمة وحق الجماعة في أن تكون ممثلة في الحكومة، كما يتحدثون أيضا عن المكان الذي سيقوم محمد مرسى بإدلاء اليمين فيه، ورغم أن الرئيس مرسى سعى عبر خطابه الأول إلى استمالة الأعراف والتقاليد داخل المجتمع المصري، إلا أن الموقف الحقيقي لرئيس الجمهورية المصري من جماعة الإخوان لم تصدر منه أي إشارة تتعارض مع مبدإ جماعة الإخوان المسلمين التي تربى عليها ويعود الفضل إليها لتوليه منصب الرئيس، فيما يترقب الشعب المصري الذي يتصف بالتعدد الأيديولوجي والديني قرارات تضمن لهم عدم التزام محمد مرسي بقرارات الجماعة والمرشد العام للجماعة. ولم تمض 3 أيام عن مهلة ال100 يوم التي تعهد الرئيس مرسى بإحداث تغيير جذري خلالها على عدة مستويات من الأمن والبطالة وتنظيم شؤون الحياة العامة في مصر حتى بدأ قادة جماعة الإخوان بالحديث بلسان الرئيس المصري باعتباره جزءا لا يتجزأ منهم رغم أنه مستقيل، ومن أبرز التصريحات التي ظهرت خلال هذه الفترة حديث قيادات الجماعة عن علاقة المؤسسة العسكرية بالسلطة التشريعية المكفولة للمجلس العسكري وفق ما ينص عليه الدستور المكمل، وهو ما شددت على رفضه جماعة الإخوان التي لا تزال تقود مظاهرات لإعادة السلطة التشريعية إلى البرلمان ورئيس الجمهورية المبتور من العديد من السلطات. كما تحدث قادة الجماعة عن المعتقلين وتعهدوا بأنه سيتم إطلاق سراحهم قريبا بعفو رئاسي عام، وتحدث قادة الجماعة أيضا عن علاقات مصر الخارجية واتفاقية كام ديفيد، كما تحدثوا عن أن الرئيس سيتخذ نوابا من غير الإخوان وأن رئيس الوزراء سيكون من خارج حزب الحرية والعدالة، وكلها أمور لن يفتي فيها الرئيس مرسي الذي ركز خلال الثلاثة أيام التي تلت إعلان النتائج على استقبال أسر شهداء ثورة "25 يناير". إلى ذلك تواجه، مسألة حلف الرئيس مرسى ليمين الجهورية معضلة عقائدية بالموازاة مع المشكلة السياسية، فالجدل الدائر حول مكان آداء مرسي لليمين الذي يترقب أن تصدر رئاسة الجمهورية اليوم بيانا بشأنه ليس أكثر من جزء من صورة للجدل حول يمين الجماعة الذي أقسم عليه مرسي أمام جماعة الإخوان لتطبيق الشريعة عبر النضال من اجل إنشاء الإمارة الإسلامية في المنطقة وهو ما لن يقسم عليه الرئيس مرسي أمام المحكمة الدستورية، حيث سيتعهد بأن تكون مصر دولة مدنية وأنه سيكون خادما لمصر وليس في سياق مبادئ الجماعة. محمد علال بعد أن فشلوا في جعلها أندونيسية وتركية قبل وصولهم إلى الرئاسة إخوان مصر.. وصدمة أردوغان ومهاتير سعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر قبل أن تخوض معركة الانتخابات الرئاسية إلى استقطاب رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان بوصفه أحد القيادات الإسلامية البارزة في العالم، كما حاولت الجماعة أيضا استقطاب الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق في نهضة ماليزيا الإسلامية. مع احتدام موجة "الربيع العربي" والدور الكبير الذي برز لتركيا، كان الإخوان المسلمين في مصر يفكرون في كيفية الاستفادة من دعم رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان وهو ما دفعهم إلى توجيه دعوة رسمية له لزيارة مصر، كما سارعوا إلى إعلان أن مصر تحلم في أن تكون تحت ظل تركيا الإسلامية على حد وصف القيادات الإخوانية في تلك الفترة والذي كان منهم محمد مرسي الرئيس الحالي لمصر، وبالنظر إلى كيفية تعامل جماعة الإخوان المسلمين مع طيب أردوغان خلال زيارته إلى مصر نلمس حلم الإخوان في تكوين الخلافة الإسلامية في المنطقة إلا أن ردة فعل طيب أردوغان شكلت صدمة حقيقية للقيادات الإخوانية بعد أن أكد لهم أردوغان أن بلاده دولة علمانية وليست إسلامية، وأدى هذا التصريح إلى خيبة أمل إخوان مصر إلى درجة أنهم رفضوا مرافقة أردوغان إلى المطار بعدما فرشوا له السجاد الأحمر عند دخوله. ولا تعتبر تجربة إخوان مصر مع تركيا أول محطة بحث عن الخلافة الإسلامية فسعيهم الدائم إلى خلق إمارة إسلامية في المنطقة سبق وأن وجد جدارا ماليزيا رفض التحالف معهم في سياق النهضة الإسلامية، فقد سبق لجماعة الإخوان أن تفاوضوا مع مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق صاحب نهضة ماليزيا الإسلامية، وقاموا بدعوته إلى مصر وعرضوا عليه التحالف معهم إلا أنه وجه لهم "صفعة" كبيرة عندما قال لهم إن العائق الأساسي لنجاح النهضة في مصر هم الإخوان المسلمين. أوجه نظر أخرى حول الفكر الإخواني الذي لا يخرج عن إطار التحالفات وتشكيل الجبهات الخلفية لضمان المرور نحو مزيد من المكاسب السياسية داخليا وخارجيا، تقول إن التحالفات قد لا تكون في الغالب عبر البحث عن صدور إخوانية عربية وإسلامية لتأمين تمرير الإيديولوجية الإسلامية، بل تمضي حتى وفق المصالح المتبادلة، لهذا تجنب محمد مرسى في أول خطابه الأول للشعب المصري بعد إعلان فوزه في الانتخابات، الإشارة إلى أي صدام مع الكيان الصهيوني أوالولاياتالمتحدة ورغم أن الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي يعتبر أحد منتقدي سياسات الولاياتالمتحدة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن محمد سيسعى خلال المرحلة القادمة إلى ربط تحالفات قوية مع الولاياتالمتحدة لتأمين بقائه في الحكم لأطول فترة ممكنة خصوصا بالنظر إلى أن المجلس العسكري المصري لا يبدو أن لديه رغبة حقيقة في تسهيل مهمة محمد مرسي الرئاسية، عبر فتح أبواب التشاور مع صناع القرار داخل البيت الأبيض. ومن أبرز التحالفات التي لا تزال تطل على المشهد في مصر بعد صعود واحد من أبرز القيادات الإخوانية في مصر إلى سدة الحكم التحالف مع إيران والتي ظلت علاقات مصر بها منذ أزيد من 20 عاما تشهد توترات كبيرة، حيث كان يعتقد النظام المصري السابق بأن إيران تشكل تهديدا مباشرا لمصر وهوية الدولة المصرية، ويتوجه محمد مرسي نحو التعامل بليونة أكثر من إيران باعتبارها حليفا استراتيجيا في المنطقة خصوصا مع احتدام الأزمة السورية والتي يلعب الإخوان في سوريا دورا هاما فيها. محمد علال آراء القيادات الإسلامية المصرية جمال البنا ل"الفجر": "لا بد من إعطاء مزيد من الوقت لمرسي قبل الحكم عليه" قال المفكر الإسلامي جمال البنا وهوالشقيق الأصغر لمؤسس حركة الاخوان المسلمين حسن البنا، أن الحكم على الرئيس المصري الجديد محمد مرسي أمر سابق لأوانه في الفترة الحالية، كما قال في تصريحات عبر الهاتف ل"الفجر": لم يمض كثير من الوقت على إعلان نتيجة الانتخابات، ولا يمكن الحديث عن مدى الاستمرار في الولاء للجماعة، وقد أصبح رئيسا لمصر قبل أن تمضي على الأقل 100 يوم". وأضاف: "الفترة الحالية في مصر حساسة جدا والحديث يجب أن يكون حذرا جدا" وأشار المفكر جمال أن أكبر الأخطاء التي تهدد المرحلة القادمة في مصر هي قرار حل البرلمان الذي وصفه بالقرار "الغلط"، وقال: "لا بد من عودة عمل مجلس الشعب في أقرب وقت حتى نضمن سلامة المرحلة القادمة وعدم حدوث صدام". مهدي عاكف ل"الفجر": "مرسي سيقود مصر بعقلية إسلامية وليس إخوانية" شدّد الشيخ مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين على وصف الرئيس المصري الجديد محمد مرسي بالرئيس الإسلامي وليس الرئيس الإخواني، كما قال في تصريحات عبر الهاتف ل"الفجر": "لا يوجد في الفكر الإسلامي ما يطلق عليه العقلية الإخوانية هناك فقط عقلية إسلامية والرئيس محمد مرسي سيكون رئيسا للمسلمين وليس رئيسا إخوانيا" وأضاف: "نحن أمام مرحلة حساسة ويجب تحديد المصطلحات بدقة حتى لا نفتح الأبواب أمام الفوضى في مصر" وقال المرشد السابق محمد مرسي أصبح رئيسا لمصر ولم يعد عضوا في جماعة الإخوان ويجب حساب الأمور من هذا المبدإ".