أعاد إعلان تشكيلة الحكومة الليبية الجديدة، التي تم سحبها بسبب الاحتجاجات والفوضى التي عمت البرلمان الليبي يوم عرضها، الحديث عن الدور القطري في إعادة رسم الخارطة السياسية في ليبيا، وترجم الطاقم الحكومي المؤجل إعلانه إلى يوم غد الأحد، والمحسوب على التيار الإخواني، مدى تمكن الدوحة من بسط يدها في اختيار موازين القوى السياسية في الجهاز التنفيذي الليبي، وهو سربته مصادر سياسية غاضبة على خيار رئيس الوزراء المنتخب مصطفى أبو شاقور. فنقلا عن تصريحات سياسية ليبية نشرتها صحيفة ”العرب” اللندنية أمس، هناك ”لعبة قطرية” حالت دون مشاركة الليبراليين في الحكومة الليبية الجديدة. وذكرت الصحيفة في تقرير برز على صدر صفحتها الأولى في عددها أمس الجمعة ”أن حالة من الغضب تسود في الأوساط الليبية، بعد ما وصفته تقارير بتدخل خارجي ضغط بكل قوة لإخراج الليبراليين من الحكومة التي أعلن عنها مصطفى أبو شاقور”. ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من ”المؤتمر الوطني” قولها إن نوابا ينتمون إلى تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق، محمود جبريل، قد وصفوا ما جرى بأنه لعبة خارجية تم فيها الضغط على المستقلين وممثلي القبائل كي ينحازوا إلى صف الإخوان المسلمين. وأضافت المصادر أن أحد النواب وجه اتهامات صريحة لقطر بأنها تدخلت بالمال وأغرت المستقلين، لتغيّر من موازين القوى داخل المؤتمر الوطني، وتقطع الطريق أمام غالبية كان سيحوزها الليبراليون، وهو ما يفسر رفضهم الدخول في الحكومة التي شكلها أبو شاقور. وقال النائب، الذي تكتمت المصادر على اسمه خوفًا من استهدافه من المجموعات المتشددة، إن حكومة تهيمن عليها مجموعات مرتبطة بقطر لا يمكن أن تكون لها أي صلاحيات. ووجهت اتهامات سابقة الأصابع إلى الدوحة، بدعم مجموعات إسلامية مختلفة سواء بالسلاح أو بالمال خلال الثورة أو بعدها، وأن هذه المجموعات أصبحت تهدد خصومها بالاختطاف والقتل إذا لم يصمتوا على دورها. وشهدت مدن ليبيا العديد من التصفيات لشخصيات عسكرية وأمنية ومواطنين حاولوا أن يقفوا في وجه سطوة هذه المجموعات، ما حدا بهذه المدن إلى أن تنتفض في مسيرات كبيرة مطالبة بوضع حد لهذه المجموعات. وعرض رئيس الوزراء الليبي مصطفى أبو شاقور على ”المؤتمر الوطني الليبي” تشكيلة حكومية تضم 29 وزيرا بينهم امرأة، وبينهم عدد كبير من أعضاء الحكومة الانتقالية المنتهية ولايتها برئاسة عبد الرحيم الكيب. واشترط تحالف القوى الوطنية في رسالة مفتوحة الحصول على تسع حقائب وزارية وتبني برنامجه، لكن طلبه قوبل بالرفض، ما جعله يقاطع المفاوضات مع أبو شاقور. ويضم تحالف القوى الوطنية أكثر من 40 حزبًا صغيرا ليبراليًا، ويشغل 39 مقعدًا في البرلمان من أصل 80 مخصصة للأحزاب السياسية. وأمام هذا الوضع، أعلن أبو شاقور أول أمس الخميس، أنه سحب التشكيلة المقترحة لحكومته، وقال للتلفزيون الليبي إنه يعتزم تغيير بعض الأسماء التي كانت مقترحة لشغل مناصب وزارية، وسوف يطرح بدائل عنها في التشكيلة الجديدة التي سيعلن عنها يوم غد الأحد المقبل. وأضاف أنه أبلغ المؤتمر الوطني العام بالخطوة وبخطته لإعلان القائمة الجديدة مطلع الأسبوع المقبل. وفي سياق آخر، اعتقلت الشرطة التركية في مطار أتاتورك تونسيَيْن للاشتباه في صلتهما بالهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، وأودى بحياة السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة آخرين من الدبلوماسيين الأمريكيين، في الحادي عشر من الشهر الماضي. وذكرت وسائل إعلام تركية أن الرجلين حاولا الدخول إلى البلاد بجوازات سفر مزورة، مشيرة إلى أنهما خضعا للاستجواب حيث تشتبه السلطات في صلتهما بالهجوم. وترى الإدارة الأمريكية وفقا للشواهد الأولية أن الهجوم ”إرهابي مدبر” مرجحة أن يكون لمنفذيه علاقة مع تنظيم القاعدة. وكانت التوقعات الأولية تشير إلى أن الهجوم كان بمثابة حركة عشوائية ردا على عرض مقطع فيديو مسيء للإسلام أنتج في الولاياتالمتحدة. وكان محققون أمريكيون قد زاروا مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي أمس الخميس، حيث أغلقت قوات تابعة لوزارة الدفاع الليبية الطريق الترابية المؤدية إلى بوابة البعثة الدبلوماسية. وقال مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية إن نحو 20 أمريكيا بلباس مدني وصلوا مقر القنصلية وقاموا بجمع أدلة لمدة ثلاث ساعات.