خرج مئات المصريين، أمس، في مظاهرات مناوئة لإعلان دستوري أصدره الرئيس محمد مرسي، بينما تظاهر مئات المؤيدين له أمام قصر الرئاسة، مبدين دعمهم للقرار الذي اعتبرته المعارضة خرقا للشرعية الثورية التي وصل بموجبها إلى الحكم. هتف مئات النشطاء بعد صلاة الجمعة، في ميدان التحرير، “يسقط محمد مرسي” و”الشعب يريد إسقاط النظام” و”يسقط يسقط حكم المرشد”، في إشارة إلى محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المصري، وهتفوا أيضا “يا بديع يا بديع دم الشهداء مش هيضيع” في إشارة إلى قتلى الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك مطلع العام الماضي واشتباكات تلت الانتفاضة بين نشطاء وقوات من الجيش والشرطة. وتوزع المتظاهرون بين القصر الرئاسي حيث تظاهر أنصار مرسي وميدان التحرير الذي زحفت إليه مسيرات للقوى المدنية التي سمت وصفت مرسي “بالفرعون” الجديد. جاء ذلك بعد أن قرر الرئيس المصري محمد مرسي تحصين الجمعية التأسيسية الحالية المكلفة بوضع الدستور من الحل عن طريق القضاء، وتعيين نائب عام جديد، وإعادة المحاكمات السابقة الخاصة بقتل متظاهري الثورة. وحسب الإعلان، فإنه “لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور”. ولم يتطرق الإعلان إلى مجلس الشعب، البرلمان، المصري الذي حله المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق بناء على حكم من المحكمة الدستورية العليا. وقرر مرسي تمديد فترة عمل الجمعية التأسيسية لشهرين آخرين لتنهي عملها في الثاني من شهر فيفري 2013 بدلا من الثاني من شهر ديسمبر القادم. وحسب المادة الأولى من الإعلان الدستوري فإنه سوف “تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم قتل وشروع في قتل واصابة المتظاهرين وجرائم الارهاب التي ارتكبت ضد الثورة بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق”. وقد عين الرئيس مرسي المستشار طلعت إبراهيم نائبا عاما جديدا خلفا للمستشار عبد المجيد محمود الذي أنهى الرئيس خدمته الخميس. وجاءت هذه الخطوة ، تنفيذا للمادة الثالثة من الإعلان الدستوري الجديد. وتقول هذه المادة: “يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من شغل المنصب”. وتشير المادة نفسها إلى أنه “يشترط فيه، أي النائب العام، الشروط العامة لتولي القضاء وألا يقل سنه عن أربعين سنة”. ويعطي الإعلان الدستوري مرسي حق اتخاذ “الإجراءات والتدابير الواجبة” لمواجهة ماوصفه بخطر يهدد الثورة. واعتبر مرسي الإعلان الدستوري، الذي تلاه ياسر علي المتحدث باسم رئيس الجمهورية” تأسيسا لشرعية جديدة تاجها دستور يرسي ركائز الحكم الرشيد الذي ينهض على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية”. وتضمن الإعلان الدستوري بندا يمنع الطعن على قرارات رئيس الجمهورية حتى إقرار الدستور الجديد ويمنع حل الجمعية التأسيسية أو مجلس الشورى. وتضمن الإعلان الدستوري أيضا بندا يتيح للرئيس اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة أي خطر يهدد مصر أو الوحدة الوطنية. من جهته نفى المستشار ماهر البحيرى، رئيس المحكمة الدستورية، ما تردد حول عقد المحكمة لجمعية عمومية طارئة لاتخاذ قرار بعزل الرئيس مرسي، وأوضح في تصريحات صحفية أن الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 لم يمنح المحكمة الدستورية حق عزل الرئيس، وإنما منحها حق البت في دستورية القوانين. المعارضة: “مرسي انقلب على الشرعية التي أتت به إلى الحكم” صرح سامح عاشور، رئيس نقابة المحامين، في مؤتمر صحفي مشترك عقده مساء الخميس مع محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور، وعمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، صرح بأن مرسي قد انقلب على الشرعية التي أتت به إلى الحكم بالقرارات التي أصدرها الخميس، معتبرا أن هذه القرارات من شأنها أن تصنع ديكتاتورا. وأورد موقع “مصراوي” الإخباري عن عاشور قوله إن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي يستحوذ به على السلطات التنفيذية والتشريعية ويلغي السلطة القضائية، ليحصن قرارته، وبذلك يقوم بإعدام استقلال القضاء، وإلغاء دولة القانون. وأكد عاشور أن القوى الوطنية التي اجتمعت بحزب الوفد الخميس وقعت على بيان مشترك يدعو إلى إسقاط الإعلان الدستوري، وحل الجمعية التأسيسية وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة، تعبر عن المجتمع ككل، وإصدار تشريعات من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية وتضمن القصاص للشهداء التي عجزت الحكومة الفاشلة عن القيام به، حسب البيان، كما دعا البيان الشعب المصري إلى “النزول لميدان التحرير وميادين مصر، لإسقاط الإعلان الدستوري”. وكان البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام قد أكد أن الإعلان الدستوري يضع الرئيس فوق القانون، وكتب على حسابه على تويتر: “اغتصب مرسي اليوم كل السلطات ونصب نفسه فرعونا جديدا، إنها ضربة قوية للثورة وستكون لها عواقب وخيمة”. من جهته، حذر عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية السابق،من إنه يخشى حدوث اضطرابات جديدة عقب قرارات مرسى، مؤكداً أن مصر لا تحتاج في الوقت الحالي إلى أي اهتزاز وإنما تحتاج إلى استقرار.