حكم الطلاق حال غيبوبة العقل السؤال : ما حكم الطلاق حال غيبوبة العقل ؟ الجواب: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله إذا وقع الطلاق حال غيبوبة العقل أو في حالٍ تشبه الهذيان فغير معتد به، ولا يقع إلا ما وقع حال حضور العقل ووجود الإرادة، وذلك لأن من شرط وقوع الطلاق وغيره من سائر ما يتلفظ به اللسان هو التمييز وحضور البال والشعور بما يقول القائل ويفعل، ودليله من الكتاب قوله سبحانه: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}، وقوله سبحانه في الدعاء: {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم:”لا طلاق ولا عتاق في إغلاق”. قال ابن الأثير: ((أي في إكراه، لأن المكره مغلق عليه في أمره ومضيق عليه في تصرفه)). وإذا كان المكره بهذه الصفة فأولى من زال عقله، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ”رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ”. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: ”رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، والمبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر”. وفي رواية لأحمد وأبي داود والحاكم عن عمر وعلي رضي الله عنهما: ”رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم”. وذلك لأن هؤلاء لا تمييز لهم، وعليه فيدخل في مضمون هذا الحكم كل من زال عقله ولم يحتلم ما عدا اثنين: الأول: من زال عقله بتسببه فيه، كمن شرب مسكرا فزال عقله به، فهذا طلاقه لازم وواقع لأنه هو الذي تسبب فيه، فإن لم يتسبب فيه كمن شرب شرابا يعتقده غير مسكر فسكر، فهذا حكمه كما جاء في الحديث الشريف السابق. والثاني: المطلق في حال غضبه الشديد، فإن ما عليه الفقهاء المالكيون أنه لازم، وخالفهم السيد البليدي فأفتى بعدم اللزوم عليه، وهو مذهب الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، على خلاف بين الأصوليين في مذهب الصحابي.. هل يعتد به أم لا إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه؟ وأما مع الموافقة فمعتد به. والله أعلم. المفتي الإمام المرحوم الأستاذ محمد شارف.