مجلس الأمة يشارك في اجتماعات اللجان الدائمة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    الجزائر تنتخب لرئاسة اللجنة الإفريقية لحماية حقوق الطفل للفترة 2027-2025    اختتام أشغال المنتدى الدولي حول الحوكمة عالية الفعالية وعصرنة المرفق العمومي بالجزائر العاصمة    البرلمان الجزائري يشارك في الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس المجلس الوطني الصحراوي    تجديد الوفاء لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة... معسكر تحيي الذكرى ال193 للمبايعة الأولى للأمير عبد القادر    الجزائر تُعيد جرائم الاستعمار إلى الواجهة    الجزائر دخلت مرحلة إرساء أسس اقتصاد قوي ومتنوّع    بداري يشرف على تدشين المؤسسة الفرعية    توقيع اتّفاقات ومذكّرات تفاهم وبرامج تعاون    الجزائر تحتضن الدورة ال12 للندوة رفيعة المستوى    الاحتلال الصهيوني يبيد نساء فلسطين    تنصيب لجنة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي    رسمياً.. الجزائر في المستوى الثالث    حملة شتاء دافىء تنطلق    الجيش يواصل محاربة الإرهاب والإجرام    250 مصنعاً للأدوية في الجزائر    مولودية وهران تعلن عن تعيين مدرب مساعد جديد    عملية عسكرية واسعة في طوباس..الاحتلال زاد تعذيب الأسرى الفلسطينيين خلال حرب غزة    بسبب مازا..هجوم إنجليزي حاد على ريان آيت نوري    ضمن قائمة التراث الإنساني لدى اليونيسكو : اجتماع تنسيقي لإعداد ملف عربي مشترك لتصنيف الألعاب التقليدية    ملتقى الصناعات الإبداعية وحقوق المؤلف : تسليط الضوء على ميكانيزمات النهوض بالصناعات الإبداعية في الجزائر    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    فتاوى    برنامج مكثف ومباريات قوية تنتظر مولودية الجزائر    الدوبارة .. أكلة شعبية تحافظ على بريقها    سوق الملابس بين تقلبات المناخ وقلّة الإقبال    فواكه الخريف والشتاء حلٌّ طبيعي لتقوية المناعة    الجزائر ملتزمة بالدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني    تناولنا الفرص الاستثمارية الواعدة التي تتيحها الجزائر    يوم الأحد المقبل عبر كامل التراب الوطني    زروقي يعقد اجتماعا مع المؤسسة المطورة للعبة PUBG MOBILE    البرهان يناشد ترامب التدخل لإنهاء الحرب في السودان    الجزائر باقية على العهد داعمة للأشقاء في فلسطين المحتلّة    دعوة إلى تمكين الشعب الصحراوي من حقّه في تقرير المصير    الجزائر ستطالب "ايكات" بتعويضات عن خسائرها في 2028    امتلاء السدود يقارب 32%.. وارتفاع قدرات التخزين ل9 مليار م3    هكذا يتم تقريب الإدارة من المواطن وتحسين الخدمة بالولايات الجديدة    الجزائر تدعو لمقاربة متكاملة تقضي على أسباب آفة    المؤتمر الإفريقي للأدوية فرصة لولوج الأسواق القارية    مفاجأة كبيرة في ملف عودة قندوسي إلى مصر    الفوز أو مواصلة الانكسار    شجرة الزيتون.. رمز فخر على مر الأجيال    صرامة كبيرة وعقوبات قاسية ضد مخالفي قانون المرور    دعوة للتحقيق في وضعية مستشفى عين طاية    مشاريع حيوية يُنتظر تسليمها قريبا بدلس    عوار يتحدث عن تجربته في السعودية وعلاقته مع بن زيمة    الشروع في إعداد قوائم المستفيدين من منحة رمضان    إفريقيا تواجه تحدّيات غير مسبوقة    وزارة التربية تعتمد رقما أخضر    افتتاح المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي    الفنانة القديرة باية بوزار"بيونة"في ذمة الله    النادي الرياضي" أنوار باتنة"يحصل على 4 ميداليات    بوعمامة حاضر في منتدى داكار    بوعمامة يشارك في المنتدى الإفريقي للبث الإذاعي والتلفزي    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 03 - 03 - 2014


ربما يكون الذنب سبب الوصول
يقول ابن عطاء الله السكندري:”ربّما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك بالقبول،وربما قضى عليك بالذنب فكان سبب الوصول”
ليس كل طاعة سبيلاً إلى مثوبة الله ورضوانه، وليس كل معصية سبيلا إلى سخط الله وعقابه، وإنما العبرة بالحال التي يكون عليها الطائع والقصد الذي يكون في نفسه عند طاعته،وبالحال التي يكون ليها العاصي والشعور الساري في كيانه أثناء معصيته.
وتفصيل القول في الأمر أن كلاً من الطاعة والمعصية له مظهر وشكل، وله سرٌ أو معنى يكتسب جوهره وذاتيته، وليست العبرة فيما يتقرب به الإنسان إلى الله من الطاعات بصورها وأشكالها، وإنما العبرة بحقائقها وأسرارها.
إن الذي يمارس مهمة الدعوة إلى الله،أو يذهب حاجًا إلى بييت الله الحرام، أو يلازم المساجد لحضور الجماعات ومجالس الذكر والعلم، أو يقوم بمهمة الإرشاد، أو يقوم بما يشبه ذلك من القربات،مسخراً ذلك لمصلحة ما من مصالحه الدنيوية، لا يؤدي في الحقيقة طاعة أمر الله بها، وإنما يؤدي صورة الطاعة وشكلها، والله عز وجل لم يطالب عباده بأداء أشكال الطاعات وصورها، وإنما طالبهم بحقائقا فأنى يتحقق لهم من الله القبول بها؟ وإذا أدى المسلم من الطاعة شكلها وأهمل النهوض بحقيقتها، فقد تحول عمله بذلك إلى معصية،وحسبك من المعصية تزييف الطاعة ثم تقديمها إلى الله على أنها طاعة حقيقية.
كذلك القول في المعصية، فعلى الرغم من أن شكل المعصية لا ينفك عن جوهرها، إلاَّ أن الحال التي يتلبس بها العاصي عند إقدامه على المعصية لا ينفك عن جوهرها،إلاَّ أن الحال التي يتلبس بها العاصي عند إقدامه على المعصية ذات تأثير كبير على العاصي، فهي قد تحجبه عن الله، وتقطع عن الأمل في رحمته، وذلك عندما يقدم على المعصية،فعلى الرغم من أن شكل المعصية لا ينفك عن جوهرها،إلاّ أن الحال التي يتلبس بها العاصي عند إقدامه على المعصية ذات تأثير كبير على العاصي،فهي قد تحجبه عن الله،وتقطع عنه الأمل في رحمته،وذلك عندما يقدم على المعصية استهانة بأمر الله عزوجل،أو استكباراً على الله وحكمه،وقد تفتح له باب الوصول إلى الله تعالى،على حدّ تعبير ابن عطاء الله،وذلك عندما ينجرف إلى المعصية بدافع من تغلب أهوائه وسلطان غرائزه عليه،ثم تستيقظ بين جوانحه مشاعر إيمانه بالله ،وتهتاج في نفسه فطرة عبوديته لله،فتثور،من ذلك،في قلبه عاصفة من الندامة والأسى،ممزوجة بالخوف والخجل من الله،مما أقدم عليه،ولعله يقول بلسان حاله أو مقاله:
تعست ليلة عصيتك فيها كيف لم أستح وأنت الرقيب
فيقوده ذلك كله إلى حيث الأمل بمغفرة الله وصفحه،يكثر من الالتجاء إلى الله والتذلل على أعتاب وجوده ورحمته، يسأله الصفح عما أقدم عليه والرحمة بضعفه،وربما اختار لذلك أفضل الأوقات كالأسحار والهزيع الأخير من الليالي،يدعو فيلح في الدعاء، ويسجد فيطيل في السجود،خائفاً من مقت الله وآملا برحمته.
فما الذي قاده إلى ذلك كله؟إنه المعصية التي تورط فيها،وبعبارة أدق:إنه الحال التي كان متلبسا بها أثناء معصيته،مما وصفته لك فبل قليل.
ولكن فما قيمة المصير الذي قادته تلك المعصية إليه؟إنها القيمة التي ينبغي أن تعرفها لجوهر عبودية الإنسان لله،وجوهر العبودية لله هو روح العبادات وسر قبول الله لها.
ولعلك لا تعلم الفرق بين العبادة والعبودية.فاعلم إذن،ان العبادة هي الوظائف البدنية التي كلف الله عباده بها،من صلاة وصيام وحج وغيرها من العبادات، أما العبودية فهي الذل الذي يهيمن على كيان الإنسان ومشاعره لخالقه، فيقوده إلى تعظيمه ومهابته وإلى الالتجاء الدائم إليه بالاستغفار والدعاء والرجاء، ومن ثم فهو لا يدين بالولاء والتعظيم لأي كائن غيره.
وعلاقة مابين العبادة والعبودية أن العبادة وعاء العبودية،ومن ثم فإن قيمة العبادة تكمن في القدر الذي تنطوي عليه من معنى العبودية.ذلك لأن الذي يقرب العبد إلى الله تحققه بمعنى العبودية له، وإنما شرعت العبادات وسيلة لذلك.
فما ظنك بمن قاده التورط في المعصية إلى محراب العبودية لله يمارس جوهرها بملْء كيانه وكل مشاعره؟ ..عندها نقول أنه ربما قضى عليك بالذنب فكان سبب الوصول.
ومستند ذلك من القرآن قوله تعالى”والذِّين إذَا فعلُوا فاحِشَةً أو ظَلَموا أنفُسهم ذَكَروا اللهَ فاسْتغفَرُوا لذنوبهِم ومَنْ يَغْفِرُ الذُنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ” (آل عمران).
فقد ققرر القرآن أن لا قيمة للعبادة إن لم تتحقق بجذوة الإخلاص لله وحده فيها، وأن لا قيمة للمعصية ولا تخدش في صاحبها صفة التقوى إذا ساقته إلى ذل العبودية لله فالندامة والتوبة ملازمة باب الاسترحام من الله عز وجل. يقول تعالى: ”إلاَّ من تابَ وعَمِلَ صاِلحًا فأُلئِكَ يُبَدِّل الله سَيِّئاتهمْ حَسَناتٍ وكانَ اللهُ غَفُوراً رَحيماً” (الفرقان).
فأثر التوبة في محو الاوزار،وأثر الأعمال الصالحة في تكفيرها واستحقاق الأجر عليها واضحٌ معلوم.
ولكن إياك أن يقودك وسواس الشيطان إلى أن تتجه إلى ارتكاب بعض المعاصي التي تهفو إليها نفسك، لتنفيذ من بابها إلى حيث الوصول إلى الله عز وجل!..لأنه سيكون ببساطة أبعد عن الصدق في دعواه هذه.
إن الذي يندم حقاً على ما فرط منه من المعاصي،لا يمكن أن يبرر لنفسه ارتكابها،بحجة أنه بعد أن يفرغ منها سيحمل نفسه على الندامة على فعلها.. ثم يقبل إلى الله يسأله، يجعل له من ندمه وآلامه كفارة لها،وسبباً في أن يبدل الله له بعقابها حسنات!..ذلك لأن الندامة على شيء ليست مما يمكن أن يُخطَّط له سلفاً.
وحصيلة القول أن الحاجز الذي يبعد العبد عن ربه هو الاستكبار،ولو كان نسيجه الطاعات والعبادات..
المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.