لعل من أكثر الشعارات التي خرجت على ألسنة نظام بشار الأسد وأنصاره استفزازا ضد الثورة السورية هو شعار ”جيش أبو شحاطة”، في إشارة إلى ”الجيش السوري الحر”، أو ”ثورة أبو شحاطة”، في إشارة للثورة السورية. والشعار فيه نظرة تمييزية وعنصرية هائلة ضد الطبقات الشعبية في حمص ودرعا والأرياف التي انطلقت وخرجت منها الثورة ضد النظام المجرم؛ فهو نظام خرج من عفن الطبقية، وبالتالي لن يستطيع رؤية العالم من حوله إلا بهذه العين المريضة. لقد تذكرت هذه المقولة وأنا أتابع تغطية القنوات الموالية لنظام الأسد وتمجيد عهده وعهد أبيه، وكان صديق لي يشهد معي التغطية التلفزيونية، فانفجر يقول: أنا من الجيل الذي كان أشهر شخصية مريبة فيه هي عنصر المخابرات، أنا من الجيل الذي كان يتصور ويعمل بروازا لصورته من ”كيلو موز” ويضم الجيران فرحا بهذه الصورة، أنا من الجيل الذي كان يقبل رأس وأقدام موظف الاستهلاكية لأجل الحصول على ”كيلو زيت وكيلو رز مسوس وربطة مكرونة” منتهية صلاحيتها منذ أكثر من عام، أنا من جيل كانت أشهر العبارات على لسانه هي ”مشان الله ما بقي عيدها، يستر عليك مشيني، الله يخليلك ولادك والله ما دخلني”، أنا من جيل كانت حكمته ”الحيط الحيط ويارب سترك”، أنا من جيل ”اللي عريف بالجيش يضرب ويهين ويسب ويلعن شيخ ابن ال70 بالأرض”، أنا من الجيل الذي بدأ المفاوضات مع الجيران على تركيب باب للبناية من سنة 1975 ونجحوا بتركيبه سنة 1982 بعد أن أعلنت الحرب وحصلت المقاطعة بين نصف الجيران. أنا من جيل اعتبر أي بائع خضرة هو من ”أهل الله” إذا وافق على أن أختار الخضار بنفسي مع موافقتي على دفع ضعف السعر، أنا من الجيل الذي كان يردد الناس فيه مجبورين: ”بالروح والدم نفديك يا أسد، ويا الله حلك حلك نحط حافظ محلك!”، أنا من ذات الجيل الذي سمع وقبل قول مروان شيخو بليلة القدر ذات يوم موجها لحافظ الأسد ”يا خليفة رسول الله”! أنا من الجيل الذي كان شغله الشاغل هو البحث عن واسطة حتى لو لم يكن بحاجة لها، ولكن من باب الاحتياط، أنا من جيل كان يعسكر أمام ”عبده” موزع المازوت هو ووالده لمدة تزيد عن الشهر حتى يحن قلبه ويأتي ليعبي لنا المازوت وهو نصفه ماء، أنا من الجيل الذي كان فيه سائق التاكسي يشل عرضه لأي زبون يكون من نصيبه إذا تجرأ وقال له أين يريد الذهاب وجهة التوصيل، لأن سائق التاكسي هو وحده الذي يقرر جهة الوصول ويقرر كم واحد يطلع معه في الرحلة الواحدة، والكل يضحك بالإكراه، أنا من جيل الذي كان يعزم بياع الغاز على الغداء لأجل أن يأتي له بأسطوانة الغاز ”بسرعة” ويكون ذلك بعد 3 أسابيع! أنا من جيل كان يتلقى كيس الزبالة على رأسه من ثالث طابق ساقطا على رأسه ولا يستطيع فتح فمه لأن السيدة الجارة التي رمت الكيس زوجها ”بيقاقي”، أنا من جيل كان يفصل محارم الورق إلى نصفين ويقدمها للضيوف المهمين على العشا، أنا من جيل كانت محارم الورق كلها باللون الأبيض لأن المحارم الملونة اللون فيها ”بيحل”، وهو نفس فكرة البقاء على إنتاج تلفزيونات أبيض وأسود بدلا من الملون في ”سيربونيكس”، أنا من جيل كان الواحد يخدم فيه بالجيش 4 سنين والشاطر بيدفع دولارات أكثر حتى يتم إعفاؤه من الخدمة، أنا من جيل انحكم من عناصر مجهولة بتلاحقك بالبيجو 504 أو الرانج روفر البيضا، أنا من جيل كان يتلقى كلمة ”قرد ولاه، سد حلقك”، ويرجع البيت ويسمع أهله ويخلوه يتسمر بالزقاق وبيطفوا الأنوار ويلصق فمه بإذن والده فيقول له والده: لا تحكي عليهم هادول من فوق!، أنا من جيل لم يعرف إلا الذل والمهانة والإهانة والبهدلة والرشاوي والنفاق والكذب. ندعوا الله ليلا ونهار لخلاصنا من هذا النظام المجرم. لا أزيد على كلمات الدمشقي الأصيل.