قدم حدثين بارزين هيمنا على المشهد السياسي والاقتصادي، على مر الأسابيع الماضية، فرصة لمن يوصفون ب”أبناء النظام” للخروج إلى الواجهة، مع مساعي المعارضة لاستمالتهم إلى صفها في سياق البحث عن ”انتقال ديمقراطي”. اقترنت عودة رؤساء حكومة سابقون أمثال مولود حمروش وسيد أحمد غزالي ومقداد سيفي والرئيس الأسبق اليامين زروال، لتتصدر الواجهة السياسية، بتغييرات في مفاصل الدولة أجراها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على جهاز المخابرات التي توقع سياسيون أن تتبعها تغييرات أخرى، وكذا أزمة النفط وأثارها السلبية، وهما حدثان قدما لأطياف المعارضة ”جرعة أمل” لتحقيق ”انتقال ديمقراطي” يرافعون لصالحه في اجتماعاتهم، لكن التصريح الأخير للأمين العام للأفالان عمار سعداني، بنفي إجراء انتخابات مسبقة، سترعى انتباه المعارضة في بحثها عن أدوات ضغط تمارسها على السلطة، لتضم صوتها إلى تحذير ”أبناء النظام” من تكرار سيناريو انتفاضة أكتوبر 88، كانوا شهودا عليها، بل أن بعضهم من مهندسي مرحلة التعددية السياسية مطلع التسعينات. فأول أمس، وإن رحب حمروش، بالتغييرات في المؤسسة العسكرية فقد وجه رسائل سياسية بقوله إن البلاد بحاجة إلى ”تغيير الآليات السياسية والاقتصادية”، مؤكدا أن الدعوة إلى ”انتخابات رئاسية مسبقة لا جدوى منها”، وهو ما يعني أن آلية تحقيق انتقال ديمقراطي لا تخرج عن نطاق قناعة مترسخة لدى من يوصف ب”رجل الإصلاحات”، أن التغيير ينبع من داخل النظام. ويعتبر جيلالي سفيان، رئيس جيل جديد، الذي التقى أول أمس، الرئيس السابق اليامين زروال، تواصلهم بمختلف الشخصيات ضمن النشاطات العادية التي تقوم بها أحزاب التنسيقية الممهدة لإخراج البلاد من الأزمة بعد تحذيره من ”انهيار دولة”، وقال في تصريح ل”الفجر”، أنه ”مهما كان دورهم في الحاضر والمستقبل، علينا اقتراح كسياسيين، من لديهم خبرة بالنظام السياسي للجزائر، فمنذ الاستقلال مر إطارات بطريقة أو بأخرى كانت لهم علاقة بالنظام”، لكن جيلالي سفيان، خص بعضهم بأنهم ”يقفون على مسافة منه وينتقدونه ويطالبون بتغييرات، ولم يطالبوا بمناصب وأظنه شيء ايجابي”. وبرر رئيس جيل جديد عدم التوافق كجيل سياسي جديد على شخصيات تضع ”القطيعة” مع جيل الاستقلال، أن الطبقة السياسية الجديدة يتم الغلق عليها ولا يترك لها الفرصة للخروج إلى الواجهة، مؤكدا على سيادة الشعب. ومنذ إعلان الحكومة سياسة التقشف عاد مقداد سيفي وسيد أحمد غزالي، بعد غياب سنوات، للتحذير من عشرية سوداء، فقد استعانت أحزاب التنسيقية خلال تنظيم جامعاتها الصيفية بهؤلاء لدعم مطالبها السياسية.