ظهرت أمام أروقة المحاكم بالجزائر خلال عام 2015 عدة ملفات فساد اعتبرها متتبعون بالفضائح الكبرى وكبدت خزينة الدولة خسائر بملايير الدينارات لعل من أبرزها ملف ”الخليفة بنك” الذي أعيد فتحه من جديد بجنايات قضاء البليدة بعد ثمان سنوات عن المحاكمة الأولى التي جرت في 2007 وقضيتي الطريق السيار ”شرق-غرب” و”سوناطراك 1” بمجلس قضاء العاصمة والتي انكشفت من خلالها حقائق فيما تجنب متهمون الخوض في مسائل أخرى متعلقة بها والاكتفاء بنكران الأفعال المتابعين بها أو بالقول بأنهم لا يعلمون عنها شيئا. ملف الطريق السيّار أولى قضايا الفساد المطروحة أمام العدالة في 2015
وباشرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة شهر أفريل 2015 بمعالجة أحد أكبر ملفات الفساد بالجزائر بعد تأجيلات طالته قبلها ويتعلق الأمر بقضية الطريق السيّار ”شرق-غرب” وهذا في ظل توقعات حول إرجاء معالجتها للدورة الجنائية القادمة بحجة تمسك دفاع شاني مجدوب بحضور ضباط الشرطة وقاضي تحقيق محكمة بئر مراد رايس ووكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد الذين أشرفوا على التحقيق في الملف. وحضر المحاكمة ممثلين عن هيئات دبلوماسية وتغيب إحدى عشر شاهدا بينهم أسامة سلطاني نجل الوزير الأسبق بداعي المرض وملزي عبد الحميد مدير إقامة الدولة بموريتي، فيما توفى شاهد آخر وحاول المحاميان الفرنسي ويليام بوردون واللوكسمبورغي فيليب بنينج المتأسسان في حق شاني مجدوب تقديم دروس حول حقوق الانسان بالجزائر واكتفاء القاضي بتلاوة كاتب الجلسة رد عمار غول كتابيا على 17 سؤالا وجهه إليه قاضي التحقيق المكلف بالقضية حيث نفى فيه الوزير العديد من الاتهامات التي وجهها له كل من المتهمين شاني مجدوب و”خ، محمد” ووصف جميع تصريحات هذا الأخير ”بمجرد كذب وافتراءات ونسج من الخيال والإشاعات المغرضة”. وتميزت مجريات المحاكمة بتراجع جل المتهمون عن الأقوال التي أدلوا بها أثناء كامل مراحل التحقيق معهم والتي تصب حول تورطهم في حين تحول ”خ. محمد” عسكري سامي سابق بالبحرية الجزائرية التحق للعمل بمشروع الطريق السيّار بطلب من عمارغول وزير الأشغال العمومية آنذاك من مفجّر للملف وشاهد فيه إلى متهم حيث تم إدانته بعشر سنوات سجنا نافذا رغم تمسكه بإفاداته أمام رئيس الجلسة بالأقوال التي أدلى بها خلال التحقيق معه حيث أكد في معرض تصريحاته بأنه أصبح يتلقى ضغوطات في عمله بالوزارة منذ أن أطلع عمار غول بشكوكه حول وجود شبهات في عقد الصفقات المتعلقة بالمشروع ومطالبته الوزير بإنشاء لجنة تحقيق حول ذلك. مشيرا إلى أن عمار غول، كان على علم بالتلاعبات التي كان يعرفها المشروع ووقائع الفساد، وأطلعه على التصرفات الخطيرة للمدعو ”ش.مجدوب” رجل أعمال ذو الجنسيتين جزائرية-لوكسمبورغية أحد المتهمين في القضية واتصالاته، سواء بالجزائر أو بالصين ب”ب. محمد”، الأمين العام بوزارة الأشغال العمومية آنذاك، من خلال المعلومات التي قدمها هو له، مضيفا في السياق ذاته أنه طالب الوزير عبر مراسلة، بتنصيب لجنة تحقيق حول الإشاعات التي مسته شخصيا فيما يخص ملف منح مقاولات المناولة من الباطن، غير أنه كما ذكر ذات المتهم طلبه قوبل بالرفض من طرف الوزير بداعي أن لديه ثقة تامة في ”ب.محمد”. وانتهت مجريات الفصل في الملف بإصدار القاضي هلالي الطيب في السابع ماي أحكاما تتراوح بين البراءة و10 سنوات سجنا نافذا مع دفع غرامات مالية في حق 17 متهما وقضت بدفع غرامة مالية تقدر ب5 ملايين دينار ضد المؤسسات السبع المتورطة في هذه القضية (المؤسسة الصينية سيتيك سي.أر.سي.سي واليابانية كوجال والإيطالية بيزاروتي والسويسرية كارافانتا والمجمع الاسباني إزولوكس كورسان والمجمع الكندي أس أمي أي والشركة البرتغالية كوبا، في وقت كان التمس النائب العام أحكاما وصلت حتى 20 سنة سجنا نافذا مع دفع غرامات مالية. فتح ملف ”سوناطراك 1” بعد تأجيلين متتاليين
وحددت محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة في ال27 ديسمبر 2015 النظر في ملف ”سوناطراك 1” المتابع فيه 19 متهما من كبار المسؤولين بمجمع ”سوناطراك” وممثلو مجمعات أجنبية والذي سبق تأجيل النظر فيه بنفس المحكمة مرتين خلال شهري مارس وجوان الفارطين لانسحاب الدفاع وغياب عدد من الشهود. وانطلق التحقيق في قضية الحال حسب مصادر على صلة بالملف عام 2010 توصل إلى استفادة إطارات المجمع البترولي من عمولات ورشاوى تجاوزت ال200 مليون دولار من شركة ”سايبام” الإيطالية مقابل حصولها على مشاريع بالجزائر على غرار صفقة أنبوب الغاز ”كاجي 3” التي كان عرضها مخالفا لقانون الصفقات العمومية وبقيمة 585 مليون دولار، أي ما يعادل 43 مليار دينار. وفصلت المحكمة العليا نهائيا برفضها جميع طعون دفاع المتهمين والمتعلقة بإعادة تكييف القضية من جناية إلى جنحة، مع إسقاط تهمة جنحة استغلال الوظيفة عن نائب المدير العام السابق لسوناطراك المدعو ”ش.ر”، وهذا بعد عامين من نقض الدفاع لقرار غرفة الاتهام، حيث كيّف قاضي تحقيق بالغرفة الثامنة بالقطب الجزائي المتخصص بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة الملف على أساس جنحة في 12 سبتمبر 2011 ما أدى بالنيابة العامة الاستئناف أمام غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء الجزائر التي استجابت لطلباتها في 30 جانفي 2013 باعتبار وقائع القضية تعتبر جناية وليس جنحة. ويتابع في الملف مثلما سبق وأن أشرنا إليه في أعدادنا السابقة 19 متهما بينهم سبعة موقوفين و12 غير موقوف يتقدمهم ”محمد مزيان”، الرئيس المدير العام السابق لشركة سوناطراك وابنه ”م.ب.ف” والمدير العام السابق للقرض الشعبي الجزائري ”م.م” وابنه والمتهم ”ا.ب” الذين وجهت لهم تهم جناية تكوين جمعية أشرار وإبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبييض الأموال والرشوة وتبديد الأموال، أما باقي المتهمون الذين يشغلون مناصب نواب ومديرين بسوناطراك، والمدير التنفيذي للنشاطات المركزية ”م.ص” ونائبه ”ع.ع” فسيتابعون بجنح المشاركة في إبرام صفقات مخالفة للتشريع والشركتين ”سايبام كونتراكتينغ ألجيري” الإيطالية وشركة ”كونتال ألجيريا” وشركة ”فونكوارك بليتاك” الألمانية ومجمع ”كونتال فونكوارك” فوجهت لهم جنحة الزيادة في الأسعار خلال إبرام صفقة مع مؤسسة ذات طابع صناعي وتجاري والرشوة مع الاستفادة من سلطة وتأثير تلك المؤسسة. وانطلق التحقيق في قضية الحال حسب مصادر على صلة بالملف عام 2010 توصل إلى استفادة إطارات المجمع البترولي من عمولات ورشاوى تجاوزت ال200 مليون دولار من شركة ”سايبام” الإيطالية مقابل حصولها على مشاريع بالجزائر على غرار صفقة أنبوب الغاز ”كاجي 3” التي كان عرضها مخالفا لقانون الصفقات العمومية وبقيمة 585 مليون دولار، أي ما يعادل 43 مليار دينار. عودة ملف ”الخليفة بنك” بقضاء البليدة والفتى الذهبي حاضر في مجريات المحاكمة
وعاد ملف ”الخليفة بنك” أو ما يعرف بفضيحة القرن إلى الواجهة أمام أروقة محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة ودامت فيه المحاكمة والاستماع الى أقوال 94 متهما من ضمن الذين 104 سبق إدانتهم في ذات الملف عام 2007 بأحكام متفاوتة وقبلت المحكمة العليا الطعون بالنقض التي تقدم بها الدفاع. وكان الكل ينتظر الجديد في الملف بعد تسليم السلطات البريطانية نظيرتها الجزائرية عبد المومن خليفة صاحب مجمع الخليفة المتهم الرئيسي في القضية الذي سبق إدانته في المحاكمة الأولى غيابيا بالسجن المؤبد وحضوره جلسة المحاكمة لهذا العام خاصة وأنه كان في كل مرة يظهر لآخر يطل من بريطانيا أثناء المحاكمة عبر قنوات إعلامية أجنبية يرمي ببعض الرسائل المشفرة ويتوعد بكشف المستور في القضية بالنظر لكنه اكتفى بالقول أمام المحكمة بأن هناك أشياء لا يمكنه قولها حول الملف ما جعل محامون متأسسون يعتبرونه بالحاضر الغائب مجريات المحاكمة. واكتفى الفتى الذهبي خلال ثلاثة أيام كاملة من الاستجواب بالقول بأنه لم يكشف أسرار القضية وهو مجرد ضحية وجاءت إفاداته سطحية ناكرا كل الأفعال المنسوبة إليه وحتى استقباله لمسؤولين أو وزراء ولم يكن لديه أصلا أي مكتب، مشددا في السياق ذاته على أنه لم يخالف القانون وكان هدفه الاستثمار وخدمة البلد. وتمسك عبد المومن خليفة في رده عن سؤال حول عقدا الرهن المزوران اللذان تقدم بهما لتأسيس بنك الخليفة واستند إليهما عبد المومن خليفة للحصول على قرض بقيمة 11 مليار سنتيم من بنك التنمية المحلية بسطاوالي ورهن المنزل العائلي بحيدرة وصيدلية والده بالشراقة بعقدين مزورين للحصول على القرض بالقول بأنه لم يسمع بهما إلا في سنة 2007 أثناء المحاكمة الأولى.