في الوقت الذي عاشت الأجنحة العربية في مهرجان ”كان” حركية كبيرة من خلال إقامة ندوات وتنشيط فعاليات سينمائية، أهمها التعريف بالإنتاج السينمائي الخاص ببلدانها، عرف الجناح الجزائري في مهرجان ”كان” ركودا كبيرا ومشاركة باهتة واقتصر الحضور الجزائري على التفسح في ”لاكروازيت”. بلغني من زملاء متواجدين في مهرجان ”كان” أن الجناح التونسي في المهرجان عرف خلال طيلة فعاليات أحد أكبر المهرجانات السينمائية نشاطا دؤوبا عبر تنظيم ندوات وتوقيع اتفاقيات كبيرة مع الجانب الفرنسي في الإنتاج المشترك، مع تغطية إعلامية كبيرة مرافقة لهذا النشاط. ونظرا لهذه الحركية والضجيج المصاحب لها كان صحفي الإذاعة التونسية يضطر للتنقل إلى الجناح الجزائري حتى يتدخل على المباشر في القناة التي يشتغل فيها لأن جناحنا فيه الكثير من الهدوء ولا يعرف أي شيء وهو مكان ملائم جدا للتدخل المباشر أو قضاء القيلولة. السؤال المطروح هو ما الفائدة التي تجنيها وزارة الثقافة من تأجير جناح في مهرجان ”كان”، في الوقت الذي لا تلعب البعثة المرسلة من طرف الوزارة وتمثل ثلاث هيئات سينمائية رسمية أي دور غير التنزه والتمتع بجمال شواطئ ”كان”، مع غياب سلطة المحاسبة. فلماذا لا تلزم الوزارة تلك الهيئات بتقديم تقارير عن مشاركتها في المهرجان ما دامت في مهمة عمل وتمثل الجزائر في محفل سينمائي هام. الأحرى بوزير الثقافة عز الدين ميهوبي مساءلة بعثة الجزائر لمهرجان ”كان” والمطالبة بتقرير مفصل عن مهمتهم في المهرجان وما جلبوه للجزائر، مقارنة بما قام به الأشقاء المصريون والتونسيون والأردنيون الذين بحثوا عن كل السبل للتنشيط السينمائي وإيجاد آليات التعاون والإنتاج المشترك مع البلدان الأخرى، على العكس منا نحن الذين نكتفي بارتشاف القهوة في جناحنا، أو كأن تترك مديرة المركز الجزائري لتطوير السينما تحضر العرض الأول لفيلم ”ابن باديس” وتفضل الذهاب للمهرجان، وعندما يكتب الصحفي وينتقد هذه المشاركة يرد عليه أحد إطارات وزارة الثقافة والذي كان موجودا في المهرجان ويخاطبه بالمثل الشعبي ”اللي ما لحقش العنب يقول قارص”، بمعنى أن الصحفي يحسد الإطار لوجوده في مهرجان ”كان”. للأسف هذا ما وصلت إليه السينما الجزائرية بفعل هذه الذهنيات التي ستحطم لا محالة ما بناه حمينة وراشدي وغيرهما ممن صنعوا أمجاد السينما الجزائرية و”كان” يا ما كان.