ماذا كانت ستفعل حبيبة المرأة التي اختارت المسيحية دينا لها بعشرات النسخ من الإنجيل التي ضبطتها معها قوات الأمن ، فإن كانت تريدها للمطالعة والتعرف على الديانة التي اختارتها لنفسها، فنسخة واحدة كافية لذلك، أما حيازتها لعشر نسخ، فإن ذلك يعني استعمالها لأغراض أخرى، منها التبشير• صحيح أن الدستور والقوانين الجزائرية لا تمنع ممارسة شعائر أخرى غير الإسلام، لكنها في المقابل تمنع هؤلاء من القيام بأي نشاط تبشيري خارج الكنائس وخارج أفراد أسرهم، وأي مخالفة تعرض صاحبها للعقوبات• لكن، من أبلغ رجال الأمن عن حبيبة، التي ضبطت وهي عائدة ومعها نسخ الإنجيل، إن لم يكن من سلمها أو سلموها إياهم ؟ والهدف هو خلق قضية من قصة حبيبة تظهر من خلالها اضطهاد الأقليات الدينية وتؤلب بذلك الرأي العام الدولي والمحلي على الجزائر، لتجد منظمات حقوق الإنسان أو ما شابهها، حجة للتدخل والمطالبة بإطلاق الحريات والحريات الدينية باسم الدفاع عن حرية المعتقد• المصيبة أن العدالة التي ليست لها خبرة وضلوعا في مثل هذه القضايا، أخطأت عندما خير وكيل الجمهورية المتهمة بين المسجد أو السجن، لأنها بطبيعة الحال ستختار السجن، إن كانت حقا اعتنقت المسيحية عن اقتناع، لأن موضوع الجرم ليس اعتناق ديانة ما وإنما العمل على نشرها الذي يحرمه القانون، وهل المسيحية أقرب إلى الوجدان الجزائري من شيعة أتباع علي وأحفاد فاطمة بنت الرسول ؟ فحتى نشر الشيعة أو السلفية يمنعه القانون الجزائري الذي كسب شرعيته من الأحداث المؤلمة التي ألمّت بالجزائر في السنوات الماضية، عندما تركت الدولة الشأن الديني لتلاعب المغامرين و(الأنبياء ) الجدد• لا أتمنى أن تأخذ قضية حبيبة المسيحية أبعادا أخرى غير مخالفتها للقانون بناء على ما ضبط معها من نسخ إنجيل، لأننا لسنا في حاجة لإعطاء دعاة السلفية وأنصار الحزب المحل فرصة للمزايدة، لأنهم يرون أنفسهم ضحايا وأحق بممارسة نشاطهم ونشر أفكارهم من النصارى الجدد• أما حركة التنصير التي خرجوا بها علينا مؤخرا ونحن لم نشف بعد من فوضى الإسلام السياسي، فهي ليست بريئة، وما اختيار منطقة القبائل مخبرا للتجارب إلا دليلا عن سوء نية المبشرين الجدد والتي تحمل أبعادا سياسية خطيرة•