كما أن تولي رئيس الحكومة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، يحمل عدة إشكالات، لأنه لا يعقل أن يحاسب رئيسا للحكومة على فشل برنامج تولى تطبيقه ليس هو صانعه، ولم يشارك في صياغته. وقد كان الهدف من وضع منصب رئيس للحكومة، التقليل من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، غير أن حجم الصلاحيات التي أضحى يتمتع بها رئيس الحكومة طرحت إشكالية أخرى تتمثل في تداخل السلطات بين هذا الأخير وبين رئيس الجمهورية، حيث أصبح يظهر رئيس الحكومة وكأنه رئيسا آخر للدولة. وبحسب المصادر نفسها فإن نص التعديل لم يتضمن استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، الذي يمكنه أن يخلف رئيس الجمهورية في حال وقوع شغور، لان هذا المنصب سيحد من صلاحيات القاضي الأول في البلاد، الذي سيجد من يتقاسم معه الحكم. وبحسب متتبعين فإن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لديه جملة من الحجج التي ستمكنه لا محالة من تمرير نص التعديل، وفي مقدمتها أنه يسعى لإجراء تعديل طفيف فقط يمس مادة أو مادتين من الدستور دون المساس بجوهره، عكس سابقيه الذين عدلوا الدستور، أدت على تغيير أساس الحكم في الجزائر. ويحظى عبد العزيز بوتفليقة بتأييد المؤسسة العسكرية، التي يبدو أنها لا تمانع على منحه العهدة الثالثة، لذلك فإن الكشف عن التعديل أضحى وشيكا، وهو ما لمح إليه صراحة أمس رئيسا غرفتي البرلمان، عبد العزيز زياري وعبد القادر بن صالح، حينما تحدثا عن ضرورة الاستعداد لاستحقاقات حاسمة. ويعد رئيس الجمهورية في نظر المؤسسة العسكرية الشخصية الوحيدة التي بإمكانها أن تحظى بالتأييد من قبلها، طالما أنه ما يزال في سدة الحكم، لكن الأمر كان ستختلف تماما لو كان المترشح للرئاسة من خارج السلطة. ولم يحدث إلى يومنا هذا رغم مرور بضعة سنين على دخول الجزائر غمار التجربة الديمقراطية في الجزائر، أن تم اختيار شخصية رئيس الجمهورية عن طريق الأحزاب، حيث ماتزال المؤسسة العسكرية هي الفيصل فيما يخص الشخصية التي تقود البلاد. وفي نظر متتبعين فإن الأمر سيبقى على هذا النحو طالما أن الطبقة السياسية لم تصل بعد إلى النضج الكافي، بما يمكنها من تولي مهمة اختيار وانتخاب قائد للبلاد