أكدت الأستاذة نجاة لعبيدي، أن المرجعية الأولى في التربية تعود إلى الأسرة، حيث اعتبرت أن مسؤولية تثقيف الطفل تعود بالدرجة الأولى إلى الأم نظرا لاحتكاكها المباشر معه ، خاصة في المرحلة الأولى من حياته والتي تشكل حسبها، أهم فترة يتلقى فيها الطفل معلوماته الأولية، لتنتقل المسؤولية فيما بعد إلى المدرسة والمجتمع ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها وذلك لاستكمال ما بدأت به الأسرة. وقالت المتحدثة في تصريح صحفي على هامش المحاضرة التي تحمل عنوان"تثقيف الطفل مسؤولية من؟ "دراسة في علم النفس التربوي والسلوك المدرسي- أن على الأم أن تلم بمختلف الجوانب الثقافية التي تمكنها من أداء دورها في التربية، مشيرة أن كل ما يتلقاه الطفل في البيت تظهر انعكاساته فيما بعد من خلال تعامله مع باقي الأفراد في المجتمع. وأضافت أن تجربتها في مجال التعليم لأزيد من ربع قرن مكنتها من التعرف عن قرب عن الآثار السلبية التي تظهر على الطفل في أول احتكاك له مع العالم الآخر في المدرسة، والذي ترى أنه يعود إلى عدم تحضيره إلى هذه المرحلة المهمة من حياته من قبل الأم خاصة، وهي الأمور التي تعتبر أنها من الأخطاء الكثيرة التي ترتكبها الأسرة والتي لابد من تفاديها لاحقا. وأشارت الأستاذة أن مسؤولية المدرسة لا تتعدى التلقين لأن الأساس في التربية وتلقي مبادئ الثقافة عند الطفل تبدأ في الأسرة، فالمدرسة تهتم بشكل أكبر بنقل الكم الهائل من المعلومات الذي يتضمنه البرنامج التعليمي في مختلف المواد ، لذا تضيف لعبيدي على الوالدين استبعاد فكرة أن المدرسة هي المكان الوحيد الذي يتلقى منه الطفل الثقافة، خاصة أن هناك مبادئ أساسية على الطفل أن يدركها داخل الأسرة مثل تاريخ الميلاد، مكان الإقامة، اسم الوالدين وغيرها من الأمور التي يجهلها الكثير من الأطفال الذين نضطر كأساتذة إلى الاستعانة بأهلهم لمعرفة معلومات عنهم، مؤكدة في السياق نفسه أنها كانت تلجأ في أحايين كثيرة إلى استبدال درس كان مقررا بآخر عن أهمية إدراك هذا النوع من المعلومات. كما تؤكد المحاضرة أنه من السهل مراقبة أداء المدرسة لكن من الصعب القيام بذلك داخل الأسرة في متابعة طريقة التربية التي يعتمد عليها الوالدان في التلقين خاصة الخاطئة منها، والتي يمكن أن تؤثر على مستقبله لاحقا، لذا فهي ترى أننا بحاجة إلى ثورة ثقافية تبدأ داخل الأسرة وذلك بخلق مجال للنقاش والتواصل للوصول إلى توجيه المعلومة الصحيحة للطفل. وفي حديثها عن الواقع الثقافي للطفل في الجزائر، أكدت أنه امتداد لمشكل الثقافة ككل في الجزائر، والذي تعتبر أنه شبه غائب، مضيفة أن الأسرة حاليا أصبحت تعتمد على الاستهلاك الأكثر سهولة والذي يتوفر في وسائل الإعلام المختلفة والمتمثل في مشاهدة الأفلام والمسلسلات وإهمال متابعة البرامج التي يقبل عليها الطفل، وهو ما يدل على أن هناك غياب كلي للميول الثقافي لدى الجزائريين، حيث أنها وجدت أن الأمهات يفضلن شراء كتبا للطبخ على التفكير في شراء كتب تساعدها في تربية أطفالها.