وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعليمات إلى المؤسسة القضائية تتعلق بضرورة التقليل من الحبس قيد النظر، والتزام وكيل الجمهورية بمراقبة مدى ضرورته بالنسبة للشخص الذي يصدر في حقه هذا القرار. وتعدّ تعليمات الرئيس الأولى من نوعها بعد سلسلة شكاوى رفعها حقوقيون تتعلق بالتعسف في اللجوء إلى الحبس المؤقت. وعدّد رئيس الجمهورية، أمس، في خطاب بمناسبة إحياء الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يمكن وصفه بالنقاط السوداء في جهاز العدالة، والتي تعيق ترقية حقوق المواطن الجزائري. ومن ضمن ما جاء في الخطاب، الذي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، أنه يتعين على المؤسسة القضائية تعزيز قرينة البراءة في سياق مساعي خفض نسبة الحبس المؤقت التي بلغت11 بالمائة. وكان رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني قد اشتكى في تقريره إلى رئيس الجمهورية من التعسف في اللجوء إلى الحبس المؤقت واقترح استبداله بالرقابة القضائية في إطار العمل على تعزيز حقوق الأفراد. وفي سياق دفع الجهاز القضائي إلى الحرص أكبر على أداء دوره الرئيسي في حماية حقوق المواطنين، أمر الرئيس بتعزيز الحق في الدفاع بالنسبة للأشخاص الذين يحولون على الوكيل، وإثبات الصفة الإجبارية للفحص الطبي في حالة مطالبة الشخص المحبوس قيد النظر به. وفيما يتعلق بالأشخاص المحكوم عليهم، أكد رئيس الجمهورية على أهمية تحسين ظروف حبسهم وترقية حقوقهم والالتزام ببذل جهود من أجل إعادة إدماجهم في المجتمع بعد انقضاء مدة العقوبة. وذكر بوتفليقة، في شطر الخطاب المتعلق بدور المنظومة القضائية كأحد دعائم دولة الحق والقانون، بدورها في احترام الجزائر للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي صادقت على أغلبها ولجأت إلى وضع آليات داخلية لتحقيق ذات الهدف المتمثل في ضمان حقوق المواطن الجزائري وحرياته جميعها، وعلى اختلافها الفردية والمدنية والسياسية والجماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي السياق، أكد عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر عرضت على اللجان والآليات الدولية والجهوية المكلفة بمتابعة حقوق الإنسان ثلاثة وثلاثين تقريرا، منها التقرير الذي عرضته على آلية الفحص الدوري العالمي التابعة لمجلس حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة في أفريل المنصرم. وذكّر بموقف الجزائر الداعم لتأجيل تنفيذ الحكم بالإعدام وفقا للائحة الأممية المتضمنة نفس القرار. ولم يفصل بوتفليقة، في خطابه، في هذه النقطة التي يسعى حقوقيون جزائريون ومنظمات حقوقية أجنبية إلى دفع الجزائر إلى إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي من باب الحفاظ على حقوق الإنسان وترقيتها. من جهة أخرى اعتبر رئيس الجمهورية أن مسار المصالحة الوطنية الذي يهدف إلى توفير شَرطي الأمن والسلم وتعزيزهما بشكل نهائي، أصبح واقعا سيمكن من ولوج مستقبل يرتكز على علاقات اجتماعية يطبعها احترام الاختلاف والتعددية. وفيما يتعلق بمساعي الدولة في تحقيق عدالة اجتماعية، أكد الرئيس أن هذا الهدف لن يبلغ إلا بتعزيز الضمانات المتصلة بحقوق المواطنة وبترقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاصة باتجاه الشبيبة، داعيا إلى تكييف أشكال جديدة من التشاور والوساطة والرقابة الشعبية على المؤسسات الوطنية للبلاد، حتى يضطلع كل جهاز بدوره في هذا المجال سعيا لتحقيق الغاية المنشودة.