قررت الحكومة في بوركينافاسو امس الخميس إلغاء مشروع تعديل دستوري يتيح بقاء الرئيس في السلطة جراء التطورات الأمنية الخطيرة التي تشهدها العاصمة واغادوغو،و هذا بعد اقتحام المتظاهرين الغاضبين (المعارضة) مبنى البرلمان و التلفزيون، ما ادى الى مقتل شخص واحد و اصابة عدد اخر بجروح. و جاء قرار الحكومة بعد مظاهرات عارمة شهدتها العاصمة و بعد التطورات الأمنية الخطيرة التي عرفتها واغادوغو صباح يوم الخميس، حيث أقدم عدد من المتظاهرين على اقتحام مبنى البرلمان و إحراقه فيما قامت مجموعة أخرى باقتحام التلفزيون و نهب محتوياته ما ادى الى توفيف البث. و لم يتمكن الجنود الذين كانوا يحرسون المبنى من وقف تقدم المتظاهرين على الرغم من اطلاقهم لاعيرة فى الهواء لمحاولة تفريق المحتجين حيث واصل الحشد التقدم مما دفع الجنود للفرار و اقتحام المتظاهرين للمبنى فيما أفادت وسائل الإعلام عن مقتل احد المتظاهرين. و كان من المقرر ان يجتمع البرلمان في وقت سابق اليوم لدراسة مشروع قانون مثير للجدل عرضته الحكومة هدفه تعديل البند 37 من الدستور لتغيير عدد الولايات الرئاسية المسموح بها ورفعها من اثنتين الى ثلاث مدة كل منها خمس سنوات. والتعديل هدفه إتاحة ترشح كامباوري مجددا علما انه يحكم بوركينا فاسو منذ 27 سنة. وكانت أحزاب المعارضة قد دعت في وقت سابق من الشهر الجاري إلى تنظيم سلسلة مظاهرات في مختلف أرجاء البلاد احتجاجا على الخطة سالفة الذكر، واتهمت الرئيس بليز كومباورى بمحاولة إعداد "انقلاب دستوري". و لم يذكر كومباورى علانية أنه يريد خوض الانتخابات، لكن الخطة المقترحة أثارت توترات سياسية فى الدولة الواقعة فى غرب إفريقيا والتي أصبحت لاعبا رئيسيا في الدبلوماسية الإقليمية وقضايا الأمن، والتي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة. ينهي كامباوري الذي تولى السلطة عام 1987 إثر انقلاب عسكري عام 2015 ثاني ولاياته من 5 سنوات (2005-2015) بعدما حكم ولايتين من 7 سنوات (1992-2005)،لكن المعارضة تخشى ان يتيح التعديل الدستوري الذي يفترض ألا يكون بمفعول رجعي للرئيس بأن يبقى لا لولاية واحدة فقط بل لثلاث ولايات متتالية ما يضمن له الحكم 15 سنة ليرتفع حكمه إجمالا الى 43 سنة. و كانت دعوات دولية طالبت بإلغاء المشروع السالف الذكر على اثر التطورات الأمنية الخطيرة التي تشهدها العاصمة واغادوغو، حيث دعا الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء إلى إلغاء مشروع تعديل دستوري في بوركينا فاسو ،و قال الاتحاد الأوروبي "كل ما يعرض للخطر الاستقرار و التنمية و التقدم نحو الديمقراطية يجب ان يرفض في اتفاق واحد من اجل تمتين الوحدة الوطنية". كما دعا "كل الاطراف الى ضبط النفس و رفض كل ما من شانه ان يؤدي العنف"مضيفا"نذكر بتعلقنا باحترام مبادئ الاتحاد الإفريقي فيما يخص التداول السياسي و الديمقراطي" محذرا من أن "أي لجوء إلى العنف سيشكل تراجعا خطيرا للبلاد" مؤكدا على انه "لابد على كل الفاعلين ان يفضلوا الحوار المحترم وتنوع وجهات النظر ولابد منح الوقت من اجل البحث عن مخرج جماعي للتوصل إلى حلول حقيقية مقبولة من طرف أغلبية السكان". من جهتها انتقدت فرنسا-المستعمر السابق لبوركينا فاسو ولها فيها قاعدة للقوات الخاصة- قرار دولة بوركينافاسو إجراء تعديل دستوري يتيح للرئيس بليز كومباوري بأن يظل في الحكم خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2015 مؤكدة مجددا التزامها باحترام المبادئ التي وضعها الاتحاد الأفريقي بشأن التغييرات الدستورية التي تسمح للقادة البقاء في السلطة. يشار الى ان التطورات التي تشهدها واغادوغوا جاءت جراء مخاوف المعارضة ان يسمح التعديل الدستوري الذي يفترض الا يكون بمفعول رجع، للرئيس الذي انتخب أربع مرات بنسب "مبالغ فيها" بان يبقى ليس لولاية واحدة فحسب بل لثلاث ولايات متتالية ما يضمن له الحكم 15 سنة. وبعد موافقة ثالث حزب سياسي في الجمعية العامة يتوقع ان تتمكن الاغلبية التي تشغل ثلاثة ارباع المقاعد في المجلس اي 96 نائبا من أصل 127 من المصادقة على مشروع القانون دون اللجوء إلى استفتاء كما أعلن مبدئيا. لكن هذا المشروع اثار استياء المعارضة وقسم كبير من المجتمع المدني في هذا البلد الذي يشكل فيه الشباب الذين تقل اعمارهم عن 25 سنة اكثر من ستين في المائة من مجمل السكان وعددهم 17 مليون ولم يعرفوا حاكما أخر غيره .