لا زالت الإحتفالات بالمولد النبوي الشريف (ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم) ببني عباس (240 كلم جنوب بشار)، كمناسبة دينية وثقافية تحتفظ بخصوصياتها وتميزها سواء بالجزائر أو عبر دول المغرب العربي الكبير. ويشارك سنويا آلاف الأشخاص في هذه التظاهرة المقدسة التي أصبحت واحدة من الإحتفالات الدينية الكبيرة التي ينتظرها بشغف كبير سكان الساورة ومختلف مناطق الوطن. ويتم إحياء المولد النبوي الشريف بهذه المنطقة وفق التقاليد العريقة التي تعود إلى قرون عديدة مضت بمظاهر متنوعة من بينها طلي الأضرحة بمادة الجير الأبيض وأماكن العبادة الأخرى، تكريما لأشراف هذه المنطقة من جنوب غرب البلاد على غرار مؤسس المدينة سيدي عثمان غريب، وإقامة احتفالات دينية محضة على غرار حصص يومية (مدة 7 أيام) لترتيل وتجويد القرآن الكريم وحلقات الذكر عبر المساجد والمدارس القرآنية التي تساهم في إنجاح هذه المناسبة الدينية، كما أوضح باحثون محليون في التراث. ويعكس إحياء هذه المناسبة الدينية التي تستحق، حسب عديد الآراء، التصنيف بسجل التراث الثقافي اللامادي العادات والتقاليد الدينية العريقة التي ليست لها علاقة إطلاقا ب الغلو أو التطرف بل يتعلق الأمر بالتشبث بالدين الإسلامي وبصاحب الرسالة السماوية محمد بن عبد الله (عليه الصلاة والسلام)، وترمز كذلك إلى البهجة والتضامن والسعادة سويا في الدائرة الأوسع التي تشمل العائلة والقصر والمجتمع المحلي أو المنطقة. ويعتبر حضور هذا الإحتفال بمثابة أداء واجب من مخلص والقيام بدور فعال في حدث ديني وثقافي واجتماعي يميز تاريخ الإسلام، كما أبرز هؤلاء الباحثين. ويجري الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بحماس كبير بهذه المنطقة، حيث تبدأ الطقوس الخاصة بهذه المناسبة بترديد عشر قصائد دينية في مدح الرسول الأعظم (صلى الله عليه و سلم) لاسيما منها المولدية و البردة و الهمزية وذلك عبر كل مساجد مدينة بني عباس والمناطق المجاورة لها. كما يتم في إطار نفس الإحتفالات تنظيم ما يسمى الحيبوس المعروفة باحتفالية لعبار والتي تتمثل في وزن كميات من الدقيق الذي تقوم النساء بفتله من أجل تحضير الكسكسي للضيوف وغيرهم من الأوفياء، مع ترديد أناشيد تتغنى بشمائل رسول الله محمد (صلى الله عليه و سلم). وبالموازاة مع ذلك، يتم كذلك ذبح جمل أو أكثر بالقرب من زاوية سيدي محمد بن عبد السلام ويوجه لحمه لتحضير سلكة (حلقة لتلاوة القرآن العظيم) والتي تنطلق بعد صلاة الظهر لتنتهي قبل صلاة العصر وتتزامن مع انتهاء حلقات الذكر الحكيم بسائر مساجد المدينة. ويوزع طبق الكسكس المرصع باللحم على جميع الحاضرين بعد صلاة المغرب يوم إحياء المولد النبوي الشريف والذي صادف هذه السنة مع تاريخ 20 نوفمبر 2018، ويقوم خلال هذا اليوم تلاميذ مختلف المدارس القرآنية بالمنطقة برفقة مدرسيهم بزيارات لمختلف أضرحة الأشراف وترديد أناشيد دينية على غرار نوبة و ترادا خلال رحلتهم التي تأخذهم مباشرة إلى المسرية أو الساحة الكبرى 1 نوفمبر 1954 الواقعة بوسط بني عباس، وذلك بعد صلاة العصر من أجل حضور حفل قراءة فاتحة الكتاب العظيم من طرف الحضور. وبعد الإنتهاء من قراءة الفاتحة، يشرع في التحية والسلام على الرسول الكريم في كل مكان من أجل الإعلان الرسمي للإحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تبدأ الإستعراضات لمختلف تشكيلات الفولكلور الشعبي للبارود وذلك إلى غاية الإعلان عن صلاة المغرب وهذا الإحتفال يعرف ب الفازعة .